ارشيف من :آراء وتحليلات
الحزب الحاكم في تونس يتجاوز أزمته
بعد أن اعتقد السواد الأعظم من التونسيين أن الحزب الحاكم حركة نداء تونس في طريقه إلى التفكك أسوة بحزب المنصف المرزوقي المؤتمر من أجل الجمهورية، خاصة بعد القرارات التي خرج بها المجلس الوطني للحزب الذي اجتمع يوم السبت الماضي، يبدو أن الأزمة في طريقها إلى الحل وذلك بعد اجتماع الهيئة التأسيسية للحزب برئاسة محمد الناصر رئيس الحزب المؤقت ورئيس مجلس النواب الذي خلف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على رأس الحزب.
وقد أصدرت الهيئة التأسيسية جملة من القرارات رأى فيها الندائيون مخرجا للأزمة يرضي شِقَّي الخلاف، سواء فريق حافظ قائد السبسي نجل الباجي الذي يسانده غالبية نواب الحزب في البرلمان وأعضاء المكتب التنفيذي و"الهياكل الجهوية" للحزب، أو شق الهيئة التأسيسية التي نال أغلب أعضائها مناصب وزارية في الحكومة الجديدة واستشارية في القصر الرئاسي بقرطاج.
إحداث مكتب سياسي
ومن أهم القرارات التي أصدرتها هيئة الحزب التأسيسية، مواصلة العمل بالرزنامة الخاصة بإحداث مكتب سياسي يوم الاحد 22 مارس/ آذار 2015 يتشكل من كافة أعضاء الهيئة التأسيسية من جهة ورفع عدد الأعضاء المنتخبين من الكتلة النيابيّة والمكتب التنفيذي إلى عشرة من كل جانب ليكون العدد الإجمالي للمكتب السياسي 34 عضوا. كما طالب البيان بضرورة أن تكون المرأة ممثلة تمثيلا معتبرا في المكتب السياسي الجديد باعتبار العدد اللافت للعنصر النسائي في حركة نداء تونس.
حركة نداء تونس
كما قررت الهيئة التأسيسية إحداث تغيير في الرزنامة التي أعدّتها وذلك بهدف انضمام الكتلة النيابيّة للحركة إلى المكتب التنفيذي؛ حيث سينضمّ نوّاب الحزب في البرلمان إلى المكتب التنفيذي بدءاً من 22 مارس/ آذار 2015 ليشكلوا جسما انتخابيّا واحدا أثناء انتخاب المكتب السياسي ليقع لاحقا انتخاب عشرة نوّاب وعشرة أعضاء من المكتب التنفيذي في المكتب السياسي الجديد للحزب.
صلاحيات عديدة
وسيتمتع المكتب السياسي الجديد للحزب الحاكم في تونس والذي سيتم اختيار أعضائه على أساس التوافق بين مختلف التيارات والروافد، بصلاحيات متعددة وردت في بيان الهيئة التأسيسية على سبيل الحصر. وتتمثل هذه الصلاحيات في ضبط السياسات العامة للحزب ومتابعة أنشطته مركزيا وجهويا ومحليا ومتابعة الهياكل الجهوية والمحلية وخارج الوطن والإعداد لمؤتمر الحزب المقبل الذي سيجري في حزيران من هذا العام.
كما سيتم داخل حركة نداء تونس إحداث مكتب سياسي موسع يضم إضافة للمكونات المذكورة، المنسقين الجهويين للحزب. كما سيتم إحداث منهجية عمل دورية يجتمع فيها المكتب السياسي مع كافة ممثلي الحزب في السلطة التنفيذية وذلك لتلافي حالة الشعور بالإقصاء عن دائرة القرار لدى الندائيين بعد أن تم اختيار رئيس حكومة من خارج حزبهم ولم ينل أبناء الحزب سوى ست حقائب وزارية.
توافق اللحظات الأخيرة
ويؤكد عدد من الخبراء والمحلِّلين على أنَّ ما حصل في حركة نداء تونس هو سيناريو تونسي بامتياز شبيه بما حصل خلال الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد لأكثر من سنة. حيث اعتاد التونسيون على التوافق في اللحظات الأخيرة وإيجاد المخارج لأزماتهم وتجنب السيناريوهات الكارثية بعد أن يعتقد جل المراقبين بأن الأمور قد وصلت إلى طريق مسدود.
لقد كان الحزب الحاكم في تونس قاب قوسين أو أدنى من التفكك، وقد كان الكل ينتظر انقسام كتلته النيابية ما سيؤثر على التوازنات داخل البرلمان، حتى أن البعض ذهب إلى فرضية أن يقوم الحزب الثاني "حركة النهضة" بتشكيل حكومة جديدة، وطرحت أسماء على غرار رئيس الحكومة السابق "المهدي جمعة". لكن شيئاً من ذلك لم يحصل، ويبدو أن رئيس حركة نداء تونس السابق، رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قد تدخل شخصيا لرأب الصدع في سبيل الحفاظ على التوازنات السياسية الجديدة التي يأمل الجميع أن تحقق الاستقرار المنشود.