ارشيف من :آراء وتحليلات

مخاطر قرار مجلس الأمن حول الكلور في سوريا

مخاطر قرار مجلس الأمن حول الكلور في سوريا

خطيرة تعتبر خطوة مجلس الأمن الدولي بتبني القرار 2209 الذي يدين استخدام غاز الكلور وغيره من المواد السامة لأغراض عسكرية في سوريا، من دون توجيه اصابع الاتهام لأي طرف.

على الرغم من أهمية القرار في حال طُبق بشكل صحيح دون معايير مزدوجة، لمنع استخدام هذا السلاح سيما من الجماعات المسلحة التي تم غض الطرف عنها في غير مرة، إلا أن خطورته تبقى قائمة خوفاً من تحويره وفق مصالح غربية لإسقاط النظام السوري.

ما هو غاز الكلور

تعتبر الأسلحة الكيماوية من أسلحة الدمار الشامل بالغة الخطورة، وعلى الرغم من الحظر الدولي باستخدامها، فإنها الأكثر انتشاراً في العالم.
يعتبر تأثير هذه الأسلحة على البشر سريعاً وخطيراً، لأن للغازات السامة انتشارا سريعاً وغير محسوس تقوم بحصد كل من يتعرض لها.

مخاطر قرار مجلس الأمن حول الكلور في سوريا
مفتشو الأمم المتحدة

يعتبر غاز الكلور غازا ساماً لونه أخضر، يميل إلى الإصفرار إذا تركَّز جيداً، أما في حالة التركيز المنخفض فإنه يكون عديم اللون، فهو أثقل من الهواء بمرتين ونصف، كما أن له رائحة لاذعة وتأثيرا مهيجاً لأنسجة الجسم، ويسبب عند استنشاقه الاختناق ثم الموت.

بدأ استخدام غاز الكلور كسلاح كيميائي من قبل ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وهو من الغازات التي قل استخدامها لكثرة الغازات الأخرى وتوفرها، ولكنه أيضا من أسهل الأنواع من حيث إمكانية الحصول عليه، وهنا تكمن الاستحالة في منع الجماعات الإرهابية من استخدام هذا السلاح خاصةً عبر قوارير الغاز.

هكذا تم تحريم استخدام الكلور في الحروب

الخوف والهلع من الحرب الكيماوية التي حصلت في الحرب العالمية الأولى أدى إلى توجُّه دولي نحو حظر استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في عام 1925.
وقد حصلت عدة محاولات على مر التاريخ لمنع استخدام السموم في الحروب، ولكن في العصر الحديث أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نداءاً مؤثراً في شباط 1918 وصفت فيه استخدام السموم في الحرب "أنه اختراع وحشي أتقنته يد العلم".
وقد تبنت الدول بروتوكول جنيف الذي صدر في العام 1925 والذي أكد الحظر الشامل على استحداث أو إنتاج الأسلحة الكيماوية أو حيازتها أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو نقلها أو استعمالها. ويمثل هذا المبدأ الآن جزءاً من القانون الدولي العرفي الذي تلتزم به جميع الأطراف في النزاعات المسلحة.
هذا الحظر عززته  دول العالم أيضاً من خلال اتفاقية حظر استحداث وإنتاج الأسلحة (البيولوجية) وتدميرها 1972، واتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية عام 1993.
اعتمد نص اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية (CWC) في مؤتمر نزع السلاح الذي عُقد في جنيف بتاريخ 3 أيلول 1992، وقد نصت المادة الأولى من الاتفاقية بألا تقوم الدول تحت أي ظرف من الظروف باستحـداث أو إنتاج الأسلحة الكيميائية أو احتيازها بطريقة أخرى، أو تخزينها أو الاحتفاظ بها، أو نقل الأسلحة الكيميائية بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى أيٍّ كان؛ وباستعمال الأسلحة الكيميائية؛ وبالقيام بأية استعدادات عسكرية لاستعمالها.
وتلزم هذه الاتفاقية الدول المصدقة عليها بتدمير ترسانتها من الأسلحة والافصاح عن مخزونها والتعاون في تدميره، وهذا ما قامت به سوريا بعد التوقيع على الاتفاقية في أيلول 2013 حيث تم تدمير اسلحتها الكيماوية، وهذا ما تلتزم به دمشق في ظل مسعى غربي دائم للتدخل ضدها عسكرياً.

مخاوف من القرار الأممي

يقضي القرار الدولي 2209 حول السلاح الكيميائي، بإمكانية فرض إجراءات منصوص عليها في الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة (استخدام العقوبات الزجرية اي العسكرية) في حال تكرار حوادث استخدام المواد السامة في الأزمة الجارية في سوريا، وهذا ما يثير مخاوف عديدة، حول إمكانية فرض عقوبات جديدة على سوريا بذريعة هذا القرار حتى لو تم إعطاء بعض التطمينات، فمن يضمن أن لا يتم فرض هذه العقوبات ضد دمشق؟

لقد تكشفت خلال السنوات الأربعة التي شهدت فيها سوريا حربها مع الإرهاب، كيف يقوم الغرب وإعلامه بفبركة أحداث وإنتاج أفلام تساعده على تشويه الحقيقة والتدخل في شؤون سوريا. حتى الان ليس مستبعداً أن يقوم الغرب بفبركة فيلم جديد حول استخدام الحكومة السورية لغاز الكلور واتهامها بذلك وبانها خرقت اتفاقية حظر الاسلحة الكيماوية والقرار الأممي وبالتالي الذهاب نحو العقوبات الزجرية التي ينص عليها الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بالاستناد إلى القرار 2209، والقيام بضرب سوريا عبر التحالف الدولي الاميركي من أجل إسقاط النظام السوري.

القرار يدين "بأشد العبارات استخدام اي منتج كيميائي سام مثل الكلور كسلاح في سوريا"، ويشدد على أن المسؤولين عن هذه الأفعال "يجب أن يحاسبوا عليها". لكن النص لا يحدد من هم المسؤولون عن استخدام غاز الكلور في سوريا، والذي أكدت حصوله بعثة تحقيق تابعة لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية منذ مدّة.

لقد أشارت التقارير الى استخدام هذا الغاز من قبل المسلحين، لكن من غير المتوقع أن يقوم المجتمع الدولي الداعم للمعارضة المسلحة وجبهة النصرة باتهامهما استخدام هذا الغاز، علماً أن هذه الجماعات الارهابية استخدمت أسلحة كيمياوية غير مرة في سوريا دون أن تحاسب.

ومع أن المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أكد أن موسكو تعارض قطعا طرح مسألة فرض عقوبات ضد سوريا من دون أساس، إلا أن ذلك لا يعطي تطمينات كافية. فالقرار الجديد يبقى سلاحاً قابلا للاستخدام في توقيت يتناسب مع النوايا العدوانية ضد سوريا.
2015-03-18