ارشيف من :آراء وتحليلات
شكوك حول تورط أطراف خارجية في عملية متحف باردو
لم يستفق التونسيون بعد من صدمة عملية متحف باردو الآثمة، فباغتتهم يد الإرهاب بعملية جديدة مسرحها جبال ولاية الكاف المتاخمة للحدود الجزائرية شمال غرب البلاد، حيث تمكنت جماعة تكفيرية من زرع ألغام أرضية استهدف أحدها دورية للجيش الوطني ما تسبب في وفاة عسكري وجرح آخرين.
ومن المتوقع أن يتبنى ما يسمى تنظيم "عقبة بن نافع" التابع لـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" هذه العملية كونه تبنى عمليات مماثلة حصلت في وقت سابق. وبسبب تركيزه على استهداف العسكريين بالدرجة الأولى بعد أن نعتهم بـ"الطاغوت" واستباح دماءهم.
معضلة حقيقية
وبخلاف عملية باردو التي استهدفت المدنيين والتي تبناها صراحة تنظيم "داعش" فإن عملية الكاف التي حصلت ليلا وفي جنح الظلام، لا يبدو أنها تحمل بصمات "داعش" بحسب أغلب الخبراء والمحللين. فداعش لا يميز بين العسكري والمدني مثلما حصل في باردو وفي غيره من الأماكن وذلك بخلاف بعض التنظيمات التكفيرية التي نشأت في البيئة التونسية على غرار أنصار الشريعة، والتي عبرت منذ البداية صراحة أنها لن تستهدف الشعب التونسي الذي حررها من "الاستبداد".
الارهاب يضرب تونس
وتعتبر مشكلة الألغام معضلة حقيقية تواجه الأجهزة الأمنية والعسكرية التونسية، لأن تلك الأجهزة لم تتمكن لحد الآن من إيجاد الحلول الكفيلة بتجنب خسائرها. وحتى التجهيزات الحديثة التي وصلت إلى الجيش التونسي من بلدان غربية لم تساهم في معالجة هذه الآفة التي تحصد أرواح جنود تونس البواسل من العسكريين والأمنيين.
المستعمر السابق
وتتجه شبهة التورط في عملية باردو، لدى البعض، إلى فرنسا المستعمر السابق للبلاد الذي بدأ نفوذه ينحسر بالمقارنة مع ما كان عليه الحال قبل هزيمة المرزوقي وبن جعفر، حليفيها الرئيسييْن. فباريس ترغب في العودة بقوة إلى الساحة التونسية ويزعجها مجرد إرسال الحكومة التونسية لطلبة يدرسون في الجامعات الأمريكية.
كما يذهب البعض الآخر من المحللين بعيدا باتجاه اتهام دولة مغاربية منافسة لتونس في القطاع السياحي وتجارة الفوسفات والاستثمارات الخارجية بالضلوع مع الفرنسيين في هذه العملية. ولعل ما يدعم هذا الطرح هو تسريب وسائل إعلام دولة مغاربية في خلاف مع الدولة المغاربية المتهمة بالتآمر، لوثائق خطيرة تتحدث عن لقاءات سرية حصلت بين مسؤولين مخابراتيين تابعين للدولة وبعض قادة التنظيمات التكفيرية المغربية، ومن بين ما جرى الاتفاق عليه استهداف تونس بعمليات إرهابية.
إنقاذ ما أمكن
ويسعى التونسيون إلى لملمة جراحهم وإنقاذ ما أمكن إنقاذه، لضمان موسم سياحي ناجح رغم الأزمة التي استغلتها صحيفة فرنسية للإعلان عن نهاية تونس ونهاية سياحتها التي استُهدف رمز من رموزها وهو متحف باردو. فالرحلات البحرية العالمية التي تضع تونس ضمن محطاتها قد ألغى بعضها الخضراء من برنامج جولته كوجهة متوسطية جذابة وهامة.
كما أن بعض المؤتمرات التي كان من المفترض إقامتها في تونس قد تم إلغاؤها، وهناك شخصيات أجنبية كان من المقرر أن تأتي إلى تونس اعتذرت عن القدوم على غرار رئيس الوزراء الماليزي الأسبق مهاتير محمد الذي ألغى زيارته مع وفد كبير من رجال الأعمال الماليزيين، والذين كانوا ينوون القدوم إليها للقاء نظرائهم التونسيين للبحث في آفاق الإستثمار في كلا البلدين.
وتتركز المراهنة على إنجاح الموسم السياحي على إقبال السائح التونسي على منتجعات بلاده يسانده أشقاؤه من الجزائر وليبيا الذين لن ينقطعوا عن زيارة تونس مهما استفحلت المخاطر وهو ما أثبتته التجربة.