ارشيف من :آراء وتحليلات
رهان 14 اذار على السراب الاميركي
فجأة ومن غير مقدمات، يجمع الرئيس الاميركي باراك اوباما كبار قادة ادارته، لاجتماع طارئ، في البيت الابيض، لا شك ان حدثاً جلل وقع، كل المؤشرات توحي بذلك، يتساءل المدعوون سرًّا عمّا حدث، عن خلفية الاجتماع، يتهامسون، يتشاورون..هل ثمة تهديد، هل هو 11 ايلول جديد، هل ثمة تعرض للمصالح الاميركية في مكان ما في العالم، أسئلة كثيرة تختلج في صدورهم قبيل الاجتماع ..وقت قصير..ويشبع فضول المتسائيلين، وتنكشف كل الاجوبة أمامهم، يتحدث الرئيس متجهماً والغضب بادٍ على وجهه:"اجتماعنا هذا مخصص لبحث أزمة علاقتنا مع حلفائنا في لبنان"، يتابع اوباما الحديث موجهاً اللوم الشديد لوزير خارجيته جون كيري:"حلفاؤنا في 14 اذار، جن جنونهم، من كلامك سيد كيري، لقد ضقنا ذرعاً من تصريحاتك غير المسؤولة، عليك إصلاح الوضع ليس بمقدورنا خسارة حلفائنا هناك"، وبلغة حازمة يختم أوباما:"سيد كيري سنغير سياستنا لا اتفاق مع إيران، لا تفاوض مع الأسد، ولا محاربة لـ"داعش"، سنزيد العقوبات على روسيا، سنحارب كوريا الشمالية، سنضغط على الصين، علينا تحقيق كل ذلك في الفترة المتبقية من عهدنا، لان مصالح حلفاءنا في 14 اذار في لبنان مهددة.
اجتماع لقوى 14 اذار
اجتماع لقوى 14 اذار
قد يبدو هذا السيناريو الافتراضي اعلاه خيالياً، ولا ينطلي على كثيرين في لبنان، لكنه بالنسبة لقوى 14 اذار سيناريو واقعي، يجسدونه في خطاباتهم وادائهم السياسي، فهم دائماً يغردون خارج السرب اللبناني، دأبهم الصراخ والعويل وكأن صدى صوتهم يطرق ابواب البيت الابيض او ان فيه من يحسب حساباً لهم حينما يرسم سياسته او يضع استراتيجياته للمنطقة، تراهم دائماً وأبداً خارج الزمان والمكان، يتناتشون امانات عامة ومجالس يصبغونها بالـ"وطنية" ومن ثم يحاولون الايحاء بأنهم يد واحدة ومجلس واحد، وليسوا مجالس، يسعون للتجديد في ترتيب بيتهم الداخلي، فيقعون في "الرتابة" والتقليد، يتمخض عن "الامانة" مجالس عفا عليها الزمن، "يجربون المجرب" من حلفائهم في ما يسمى المعارضة السورية"، ويعاودون طرح شعارات بالية لا تسمن ولا تغني من جوع. فجأة يأتيهم الجواب من اسيادهم، تسيرون عكس التيار"لا بد من التفاوض مع الاسد" و"الاتفاق مع طهران"، يعلو الصراخ اكثر واكثر يخرجون عن طورهم ولسان حالهم يقول: "كاد المريب ان يقول خذوني"، "خذلتنا اميركا مجدداً"، يلدغون من الجحرٍ مرات ومرات، فهم راهنوا عليها حينما حملوا شعار "حرية سيادة استقلال"، فخسروا الرهان، وراهنوا عليها حينما التفوا حول مائدة عوكر في تموز 2006 فخانت خيانتهم، ووثق "ويكليكس" حجم مؤامرتهم. اليوم يعاودون الرهان غير آبهين، ويرددون مكابرة منذ اربع سنوات شعار "اسقاط الرئيس الاسد". ليس فيهم من يتعلم او يرغب بالتعلم من التجارب السابقة، يكررون دائماً وابداً رهاناتهم الخاسرة، ويتوهمون انهم في موقع من يحدد مسار قرارات البيت الابيض ويتحكم بمصيرها ويملي على واشنطن ولا يملى عليه. كيف لا واوباما لا تغفو له عين، ولا ينام ليله اذا لم يتصل بفارس سعيد مستشيراً في كل شاردة وواردة، أو بفؤاد السنيورة مطلعاً على سير الاوضاع في 14 اذار.
هذا الوهم الذي يعيشه افرقاء 14 اذار، يجعلهم غير قادرين على الخروج من شرنقة اجترار مواقفهم، والهرولة دائماً خلف السراب الاميركي، الذي سرعان ما يلفظ عظامهم عند اول وكل تقاطع مصالح، ويظهرهم اقزاما في السياسة، لكنهم رغم ذلك لا يتوانون عن "التسكع" على ابواب البيت الابيض، وبناء اضغاث احلامهم على وعود اميركية، لذا تراهم دائماً اسرى مواقفهم التعطيلية في الرئاسة في "التشريع"، في السلسلة، في كل شيء، كل الاستحقاقات يبقونها معطلة بانتظار متغيرات المنطقة التي يأملون ان تقلب "الدفة" وتنصب لهم رئيساً على مقاسهم، لذا هم ينتقلون من تسويف الى مماطلة فتأجيل، بانتظار التغيير، لكن في كل مرة يأتي التغيير عكس ما تشتهيه سفنهم، ويتحول الدخان الابيض اسود، تدب "الهستيريا" في صفوفهم، الى درجة تراءى فيها لبعضهم مؤخراً ان الاسد صار حصاناً..، كل ذلك يطرح اسئلة كثيرة..فبأي منظار يرى هؤلاء او يقرأون في السياسية، فهل اصابهم "العته" السياسي، ام أنهم قاصرون عن ادراك ما يجري من حولهم،.. ولسنا هنا بحاجة الى كثير من التحليل، ولن نسترجع تصريحات ومواقف لا مناسبات ولا احتفالات ولا خطابات رنانة وشعارات صمت آذاننا، يكفي بنا ان نسمع صراخهم وعويلهم يشتد يوماً بعد يوم كلما اقتربت الاستحقاقات المصيرية من الحسم النهائي، حتى يتبين لنا فشل رهاناتهم دون حاجة الى دلائل او اثباتات.
فشل يتلوه فشل، ويستمر الرهان..لكن هل يفقه هؤلاء المقامرون بوطنهم وينقذون ما تبقى منه من اشلاء قبل خراب البيت، هل بمقدورهم ان يحفظوا ما تبقى لهم من ماء وجه ان كان ثمة ماء.. اوهل يدركون ان اعلاء الصوت لم يعد يجدي نفعاً وان المكابرة لا تحصد سوى الخيبة والندامة، وانه لم يعد بالامكان اكثر مما كان..؟.
انطلاقاً من كل ذلك، لا بد من دعوة صريحة لفريق 14 اذار للعودة الى تصويب خياراته وقراءة الوقائع بدقة متناهية للرهان على الاحصنة الرابحة بدل الهرولة خلف السراب الاميركي المتلاشي، فتجربة عشر سنين نعتقد انها كافية، وكفيلة ببلوغ هذا الفريق سن النضج السياسي، وبأن تثبت لهم للمرة المليون أن الاميركيين لا يرون سوى مصالحهم ومصالح "اسرائيل" في المنطقة، اما مصالحهم ومصالح وطنهم، فلا يلتفت لها احد.. والا فـ 14 اذار لها موعد آخر مع رهان جديد...وخسارة جديدة...اللهم لا شماتة..
هذا الوهم الذي يعيشه افرقاء 14 اذار، يجعلهم غير قادرين على الخروج من شرنقة اجترار مواقفهم، والهرولة دائماً خلف السراب الاميركي، الذي سرعان ما يلفظ عظامهم عند اول وكل تقاطع مصالح، ويظهرهم اقزاما في السياسة، لكنهم رغم ذلك لا يتوانون عن "التسكع" على ابواب البيت الابيض، وبناء اضغاث احلامهم على وعود اميركية، لذا تراهم دائماً اسرى مواقفهم التعطيلية في الرئاسة في "التشريع"، في السلسلة، في كل شيء، كل الاستحقاقات يبقونها معطلة بانتظار متغيرات المنطقة التي يأملون ان تقلب "الدفة" وتنصب لهم رئيساً على مقاسهم، لذا هم ينتقلون من تسويف الى مماطلة فتأجيل، بانتظار التغيير، لكن في كل مرة يأتي التغيير عكس ما تشتهيه سفنهم، ويتحول الدخان الابيض اسود، تدب "الهستيريا" في صفوفهم، الى درجة تراءى فيها لبعضهم مؤخراً ان الاسد صار حصاناً..، كل ذلك يطرح اسئلة كثيرة..فبأي منظار يرى هؤلاء او يقرأون في السياسية، فهل اصابهم "العته" السياسي، ام أنهم قاصرون عن ادراك ما يجري من حولهم،.. ولسنا هنا بحاجة الى كثير من التحليل، ولن نسترجع تصريحات ومواقف لا مناسبات ولا احتفالات ولا خطابات رنانة وشعارات صمت آذاننا، يكفي بنا ان نسمع صراخهم وعويلهم يشتد يوماً بعد يوم كلما اقتربت الاستحقاقات المصيرية من الحسم النهائي، حتى يتبين لنا فشل رهاناتهم دون حاجة الى دلائل او اثباتات.
فشل يتلوه فشل، ويستمر الرهان..لكن هل يفقه هؤلاء المقامرون بوطنهم وينقذون ما تبقى منه من اشلاء قبل خراب البيت، هل بمقدورهم ان يحفظوا ما تبقى لهم من ماء وجه ان كان ثمة ماء.. اوهل يدركون ان اعلاء الصوت لم يعد يجدي نفعاً وان المكابرة لا تحصد سوى الخيبة والندامة، وانه لم يعد بالامكان اكثر مما كان..؟.
انطلاقاً من كل ذلك، لا بد من دعوة صريحة لفريق 14 اذار للعودة الى تصويب خياراته وقراءة الوقائع بدقة متناهية للرهان على الاحصنة الرابحة بدل الهرولة خلف السراب الاميركي المتلاشي، فتجربة عشر سنين نعتقد انها كافية، وكفيلة ببلوغ هذا الفريق سن النضج السياسي، وبأن تثبت لهم للمرة المليون أن الاميركيين لا يرون سوى مصالحهم ومصالح "اسرائيل" في المنطقة، اما مصالحهم ومصالح وطنهم، فلا يلتفت لها احد.. والا فـ 14 اذار لها موعد آخر مع رهان جديد...وخسارة جديدة...اللهم لا شماتة..