ارشيف من :آراء وتحليلات
هل يقتحم حفتر العاصمة الليبية؟
عادت ليبيا لتخطف الأضواء مغربياًّ، بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها المعارك الدائرة في بلد عمر المختار. حيث تمكَّن الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر - قائد عملية الكرامة - من الوصول إلى تخوم العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها عسكريًّا قوات فجر ليبيا المشكَّلة من ميليشيات إخوانية وتكفيرية، أما سياسيا فيسيطر المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته وحكومة عمر الحاسي المنبثقة عنه.
ويؤكد جل الخبراء والمحللين والمهتمين بالشأن الليبي أن فريقي الصراع اقتربا من معركة الحسم، وأن أياماً معدودات تفصل الجانبين على الالتحام المباشر في عاصمة البلاد. كما يؤكد هؤلاء أن وقوع طرابلس في قبضة الجيش الليبي وقائده حفتر سيحقق مكاسب سياسية لهذا الفريق في مفاوضات السلام الدائرة في المغرب.
حصار المدينة
لكن البعض يؤكد أن حفتر لن يجازف ويقتحم العاصمة الليبية ليشتبك مع قوات فجر ليبيا بمختلف تشكيلاتها بشكل حرب عصابات في شوارع طرابلس، حيث تُزال فوارق التسليح التي ترجح كفة الجيش الليبي النظامي. بل سيكتفي على المدى القريب بحصار المدينة وقصف مواقع فجر ليبيا جوًّا بالطائرات وذلك من أجل تحسين شروط التفاوض مع الطرف المقابل.
اللواء خليفة حفتر
فقد أثبتت المعارك التي دارت رحاها بين الجانبين في بنغازي عجْزَ الجيش الليبي النظامي على الحسم في معارك الشوارع مقابل براعة طياريه ومدفعيته الثقيلة في إصابة الأهداف وتسهيل تقدم المقاتلين برا. كما أثبتت هذه المعارك قدرة ميليشات فجر ليبيا على حرب العصابات، وقدرتها أيضا على أن تكبد الجيش النظامي خسائر فادحة في هذه الحروب.
تعاون الأهالي
إلا أن فرضية اقتحام طرابلس تبقى في كل الأحوال قائمة بالنسبة للجيش الليبي تحت إمرة حفتر، حسب مصادر ليبية، في حال تعاون أهالي طرابلس مع جيش بلادهم النظامي وساهموا في القضاء على مختلف تشكيلات فجر ليبيا. وتبقى أهم المساهمات في هذا المجال تلك المتعلقة بالجانب الاستخباراتي من خلال الإبلاغ عن مواقع وتحصينات ومخازن أسلحة جماعة فجر ليبيا وأماكن تواجدهم وتحركاتهم تجنباً لاستهداف المدنيين.
وتشير بعض الأنباء القادمة من ليبيا إلى مقتل قيادات من الصفين الأول والثاني في "فجر ليبيا" وفرار عدد آخر إلى تونس بعد إرجاع الرحلات الجوية مؤخرا بين مطار قرطاج الدولي والمطار العسكري في معيتيقة الليبية. كما تشير هذه الأنباء إلى عدم ظهور القيادات السياسية في حكومة طرابلس وبرلمانها في وسائل الإعلام مؤخراً بسبب حالة الإرباك التي أصابت هؤلاء القادة السياسيين بعد وصول حفتر إلى أبواب طرابلس.
محادثات السلام
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح لدى معظم المراقبين هو ذلك المتعلق بمآل محادثات السلام، خاصة بعد أن قام المبعوث الأممي برنار ليون، إثر هذه التطورات المفاجئة، بتأجيل جلسات التفاوض ليومين، والرجوع الفوريِّ إلى مدينة طبرق حيث ترابط حكومة عبد الله الثني المدعومة من الجيش الليبي وخليفة حفتر.
هل سيدعو المبعوث الأممي جماعة طبرق إلى وقف التقدم في العاصمة ليمنح الفرصة للجماعات الإخوانية في طرابلس المدعومة من الغرب لالتقاط أنفاسها؟ أم أنه يرغب في الاستماع إلى الشروط الجديدة ممن فرضوا أمرا واقعا جديدا على الميدان؟
إن الأمر المؤكد هو عدم تخلي الولايات المتحدة عن التنظيمات الإخوانية الليبية، تلك التي تعهدت شأنها شأن نظيرتها التونسية للصهيوني جون ماكين بمحاربة تنظيم داعش مقابل المحافظة على تواجدها في الحكم. لذلك فإن من المتوقع أن تحصل تسوية يكون الهدف منها تشريك الطرفين في الحكم من خلال حكومة وحدة وطنية وتستفيد الشركات الغربية من الخراب الذي تسبب فيه الاقتتال وتتكفل بإعادة إعماره مقابل ريع البترول الليبي.