ارشيف من :آراء وتحليلات

’عاصفة حزم’ عربية - إسرائيلية بانتظار أهل غزة

’عاصفة حزم’ عربية - إسرائيلية بانتظار أهل غزة

قمة شرم الشيخ تريد استثمار الخلاف القائم بين أوباما ونتنياهو بهدف إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967. أكذوبة جديدة يضيفها عرب "إسرائيل" وأميركا إلى ترسانة أكاذيبهم السابقة  بدليل وقوف العرب الذين تقودهم السعودية في خندق واحد مع أميركا و"إسرائيل" والإرهاب التكفيري في العدوان على اليمن. إضافة إلى التمهيد لعدوان مشابه على غزة ومحور المقاومة.


إلى جانب الملف النووي الإيراني، دب خلاف كاذب بين أوباما ونتنياهو حول موضوع الدولة الفلسطينية. فقد حرص هذا الأخير على التأكيد، في آخر يوم من حملته الانتخابية، على أنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية طالما بقي رئيساً للوزراء. وبهذا يكون قد تراجع عن موقفه غير الرافض لإقامة تلك الدولة والذي أطلقه في العام 2009.

الخلاف الكاذب بين أوباما ونتنياهو ثانوي


وقد رد البيت الأبيض على موقف نتنياهو المستجد بتصريحات أكدت ضرورة إنهاء الاحتلال القائم منذ خمسين عاماً. وجاء هذا الرد قوياً إلى حد جعل الصحافة الأميركية تشبهه بمواقف ما أسمتهه "الجماعات الإرهابية الفلسطينية".

بناء على هذا الخلاف، انبرت قمة شرم الشيخ الأخيرة للظهور بمظهر الحريص على القضية الفلسطينية، فأطلقت قنبلة لا يمكن أن تكون أكثر من قنبلة صوتية فارغة، عندما قررت أن تمسك بزمام المبادرة في نصرة القضية الفلسطينية "انطلاقاً من قراءتها للموقف الأميركي الحالي من الحكومة الإسرائيلية".

’عاصفة حزم’ عربية - إسرائيلية بانتظار أهل غزة
قمة شرم الشيخ


والمعروف أن المملكة السعودية قد أقامت كامل سياستها المتعلقة بالقضية الفلسطينية على التبشير الخادع بإمكانية جر الولايات المتحدة إلى الصف العربي في صراعه مع الكيان الصهيوني.  على أساس أن مصلحة أميركا في التعامل والتعاون مع العرب هي أكبر من مصلحتها في التعامل والتعاون مع "إسرائيل".

وللإمعان في الصفاقة، أدرجت قمة شرم الشيخ قضية التعويل على الخلاف بين أوباما ونتنياهو، حتى بعد أن اتضحت طبيعة هذا الخلاف الكاذبة لهذا.
فكيف يمكن أن يصدِّق عاقل نشوب خلاف، على الرغم من تواتر التأكيدات الأميركية على الطبيعة الاستراتيجية للتحالف الأميركي-الإسرائيلي. حيث شدد أوباما - في المكالمة الهاتفية التي هناً فيها نتنياهو على فوزه الانتخابي - على "أهمية الشراكة العميقة والدائمة" بين واشنطن وتل أبيب.
والحقيقة أن السعودية وجدت في الخلاف الظاهري بين أوباما ونتنياهو فرصة للتغطية على عدوانها على اليمن من خلال إشاعة الوهم بحرصها الكاذب على مصالح الشعب الفلسطيني بقدر حرصها نفسه على مصالح الشعب اليمني الذي تستهدفه بغاراتها الجوية والصاروخية المدمرة.

أموال عربية وإسرائيلية لسلطة محمود عباس


وفي وقت تقدم فيه عدوانها على اليمن كمسعى يخدم قضية شعبه، أضافت سيناريو احتضانها المستجد للقضية الفلسطينية كواحدة من "مكرماتها" التي تمثلت باتفاق في قمة شرم الشيخ على تقديم مبلغ مئة مليون دولار كمساعدة سنوية لسلطة محمود عباس، مكافأة له على تأييده لاعتدائها على اليمن.

والمضحك أن هذه المَكرمة جاءت متزامنة مع مكرمة إسرائيلية تمثلت، لاعتبارات "إنسانية" بالإفراج - لصالح سلطة محمود عباس نفسها - عن أموال فلسطينية يحتجزها الكيان الصهيوني منذ أشهر بسبب مساعي السلطة الهادفة إلى ملاحقة مسؤولين إسرائيليين ارتكبوا جرائم حرب بحق الفلسطينيين. وقد أكَّد العديد من المراقبين أن الكيان الصهيوني لم يقدم هذه المكرمة إلا بعد تعهد السلطة الآنفة الذكر أن تكفَّ عن المطالبة بملاحقة أولئك المسؤولين الإسرائيليين، وأن تتوقف نهائياً عن أيِّ نشاط يهدف إلى انضمام "دولة" فلسطين إلى المنظمات الدولية.

ومن غير الصعب في إطار هذه الصفقات المشتركة بين السعودية والكيان الصهيوني - الذي بارك العدوان على اليمن وشاركت طائراته، بحسب بعض التقارير، في ضرب الشعب اليمني - وبين سلطة محمود عباس، أن نتصور حلاً للقضية الفلسطينية غير الحل الذي يريده نتنياهو، حتى إشعار آخر : دولة فلسطينية منزوعة السلاح فوق 20 بالمئة من أراضي الضفة العربية، تعترف بيهودية "إسرائيل"، وتتخلى عن القدس وعن حق العودة... تمهيداً لإزالة نفسها بنفسها.  

لا بل إن السلطة الفلسطينية تذهب في تنكرها لقضية الشعب الفلسطيني إلى أبعد مما يريده نتنياهو : بعض قيادييها وجهوا في شرم الشيخ  دعوات إلى تعميم نموذج "عاصفة الحزم" وتشكيل تحالف عربي لضرب غزة، على أساس أنها، كاليمن، محتلة من قبل "متمردين" !

والخلاصة، بدلاً من جر أميركا إلى الصف العربي لنصرة فلسطين ضد "إسرائيل"، انضم معسكر الانهزام العربي إلى "إسرائيل" وأميركا في ضرب الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب العربية.  
       
2015-03-30