ارشيف من :آراء وتحليلات
قيادي في حركة نداء تونس للعهد: النداء لن ينقسم والمؤتمر القادم سيفرز قيادات جديدة
اعتبر القيادي في حركة نداء تونس، عضو المكتب التنفيدي للحزب المهدي عبد الجواد، أن الصراع الدائر في صلب الحزب الحاكم هو عملية سطو خارجي على حزبه الفائز في الانتخابات، وذلك لإفراغ فوزه الانتخابي من مضمونه وخدمة للخصم السياسي الأبرز في البلاد، وذلك بتحريك من شبكات المال والأعمال على حدِّ تعبيره .
ولفت عبد الجواد في حديث لـموقع " العهد الاخباري " إلى أن الأزمة انتهت فعليا، مستبعدا فرضية انقسام النداء إلى أحزاب. ورأى أن حكومة الحبيب الصيد لا خيار أمامها غير النجاح، وستتجاوز الوضعية الكارثية في البلاد.
وفي ما يلي نص المقابلة:
لو توضحون، بداية، ما الذي يحصل تحديدا في حركة نداء تونس؟
الذي يجري في النداء هو صراع المخربين ضد أصحاب المشروع. وواهمٌ من يعتقد أن ما يجري في نداء تونس هو صراع أجنحة أو روافد أو أن صراعاً سياسياً قد يكون متخفيا في "ثوبها"، واعتبر هذا الرأي مُخاتلة و خديعة كبيرتين. جوهر الحكاية أنها عملية سطو خارجي على الحزب الفائز في الانتخابات، لإفراغ فوزه الانتخابي من مضمونه خدمة للخصم السياسي الأبرز في البلاد وزجّا بالنداء في شبكة المصالح الاقليمية. هو هجوم لعصابات خارجية تُحركها شبكات المال والاعمال. هذا المُعطى الخارجي ما كان ليُثير كل هذا الإرباك واللغط و الحديث لولا وجود أسباب داخلية ساعدته على التسلل. أول هذه الأسباب هو الأداء المتعثر والمرتبك وتراكم الأخطاء لدى الهيئة التأسيسية، وذلك لأسباب مختلفة بعضها ذاتي وبعضها موضوعي متعلق أساسا بالتحول السريع الذي شهده الحزب من موقع المعارضة إلى موقع الحكم مع غياب الباجي قائد السبسي مؤسس الحزب الذي تحول إلى قصر قرطاج. كما عانى الحزب من غياب استراتيجية واضحة للمستقبل حيث كان مركزا بالكامل على الانتخابات، لذلك يجب اليوم ضبط استراتيجية جديدة وتوزيع المهام حولها وتحديد جدول للعمل النضالي و الميداني. كما أن من بين الأسباب التي ساعدت على هذه الأزمة هو الشعور بالمرارة عند بعض القيادات التي كانت تُمني النفس بمناصب وزارية. هذا بالإضافة إلى تنامي الشعور بالإهمال عند مناضلي الحركة في المركزية وخاصة في الجهات.
حركة نداء تونس
وفي هذه الحالة فإن المطلوب من الهيئة التأسيسية هو تقويم لأدائها وتشريك لأكبر قدر ممكن من المناضلين في أخذ القرار، وتجديد ربط الصلة مع الجهات والمحليات، وخاصة الاستعداد الجيد للمؤتمر القادم الذي سيُحدد هوية الحزب ويبني مؤسساته و يصُوغ خطته لتونس المستقبل. وقد سارعت الهيئة التأسيسية إلى الاستجابة لكل طلبات المناضلين من خلال انتخاب مكتب سياسي يقود الحركة و يُنشط أعمالها و يُعد للمؤتمر الذي سيكون في شهر يونيو/ حزيران.
لذلك، فإن محاولة تجاوز الهيئة التأسيسية اليوم - وإن بتبريرات تبدو في ظاهرها وجيهة - ليست سوى محاولة خاسرة لتفجير الحزب و إضعافه. وعليكم أن تتذكروا أن الذي يقف وراء ذلك، كان وراء كل محاولات القضاء على النداء منذ تأسيسه .
و ما يحصل اليوم، وعكس ما يتم التصريح به، هو في خدمة النهضة. فأحد عرابي هذا الجناح المتمرد على النداء هو "حصان طروادة" تستعمله في عملية التخريب الممنهجة هذه.
هل صحيح أن تعدد الروافد هو سبب هذه الخلافات الحادة؟
بالعكس تماما، ميزة النداء وسر نجاحه هو هذا التنوع الذي يحتويه. مناضلوه وقياداته وفدت عليه مُحمّلة بتجاربها القديمة و لكنها تجارب تم تقييمها. اليوم النداء هو مشروع نحو المستقبل. وكل من فيه يؤمن به حزبا مدنيا عصريا ديمقراطيا واجتماعيا. الذين فشلوا في إثبات قدراتهم و افتكاك مواقع قيادية، يعودون إلى هوياتهم القديمة. المشكلة في بعض الأفراد ممن لم يؤمنوا بعد بأنه في نداء تونس الجديدة، انتهت الهويات القديمة، ولم تعد غير هوية نداء تونس، الذي يمثل الامتداد التاريخي للمشروع الاصلاحي الوطني التونسي التحديثي بمختلف تياراته وروافده، الدستورية واليسارية والنقابية والحقوقية الديمقراطية.
هل برأيكم يمكن أن ينقسم نداء تونس، على غرار حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يرأسه الرئيس السابق المنصف المرزوقي ؟
لا أعتقد ذلك. قد تخرج بعض القيادات، قد يُفرز المؤتمر القادم قيادات جديدة تدفع بالبعض الى الانسحاب... كلها احتمالات واردة. لكن الأهم من كل هذا ان مشروع النداء سيتواصل.
ما الحل برأيكم لكل هذه المشاكل التي تعصف بالحزب الحائز على المركز الأول في الانتخابات التشريعية التونسية الأخيرة؟
الحل في الالتفات إلى القضايا الحقيقية للحزب وللشعب. الحل في مزيد من تفعيل الديمقراطية الداخلية ومشاركة الجميع في أخذ القرار. الحل في مقاومة الانتهازية والوصولية وتطبيق مبدأ الجدارة و الكفاءة في قيادة الحزب. الحل في الحوار والوفاق وهذا سر العبقرية التونسية. و لكن ذلك يجب أن يتم مع محاسبة كل من يتآمر على الحزب و يتواطأ مع خصومه.
ألا ترون أن تدخل الباجي قائد السبسي أمر ضروري لإنقاذ الحزب؟
نظريا ممكن. و لكني لا أميل إلى ذلك لأسباب مختلفة، أولها أن ذلك مُخالف لمقتضيات الدستور باعتبار "سي الباجي" رئيس لتونس وليس رئيسا لنداء تونس وإن كان هو الأب المؤسس، وثانيها أنه سيُشرع لتدخل السلطة التنفيذية في حياة الأحزاب الداخلية وذلك من مآسي أنظمة الاستبداد، و ثالثها أن ذلك سيكون علامة على فشل النخبة السياسية التي تقود نداء تونس في إدارة صراعاتها وحل أزماتها.
هل ستنجح برأيكم حكومة الحبيب الصيد في مهامها وهل هي قادرة على قيادة البلاد لخمس سنوات قادمة؟
ليس لها من خيار غير النجاح. أعتقد أنها ستتجاوز الوضعية الكارثية التي وجدت عليها البلاد. طبعا من الممكن أن تشهد تحويرات في وزرائها أو تحويرات في أولوياتها و لكنها مُطالبة بالنجاح وهو ما أتمناه لها، لأنني أتمنى النجاح لتونس، التي كانت دائما بلدا رائدا و مميّزا.