ارشيف من :آراء وتحليلات
المنطقة بانتظار الصيغة النهائية ...
دخلت اليمن على خط الصراع الإقليمي بين جبهة "عاصفة الحزم " وجبهة المقاومة والممانعة . ولم تعد المواجهة محصورة بينهما في العراق وسوريا. ولم يعد تنظيم "داعش" لوحده من يستقطب الأضواء والمتابعة، وإنما يتقاسمها معه تنظيم "أنصار الله" أو "الحوثيين" الذين سيطروا على أجزاء واسعة من اليمن، ما أثار الذعر والقلق لدى الخليجيين والسعوديين خاصة أن ھذه السيطرة أدخلت إيران الى الخليج من بوابة اليمن ووضعتھا على حدود السعودية.
التقى القلق الخليجي مع الأوروبي على ان ثمة تحديات تتخطى اليمن، وليس أقلھا أمن البحر الأحمر والتجارة الدولية وتھديدات "القاعدة"، وتنافس نفوذ طھران مع النفوذ الخليجي التقليدي في اليمن، ومستقبل ھذا البلد ومسألة بقائه موحدا أم تقسيمه فعليا ....
هذا التطور الدراماتيكي على الارض أفقد السعودية أوراق تأثيرها في السياسة الداخلية اليمنية فاضطرت الى التورط بضربات عسكرية ضاعفت من النقمة الشعبية ضدها.
واللافت ان التدخل العسكري السعودي جاء مقرونا بلغة تصعيدية ضد إيران. وحملة إعلامية غير مسبوقة لإثارة الفتنة والتحريض و النزاعات الطائفية.
هذا الأمر جعل بعض الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، تتسابق لتقوية حضورھا في الدول المجاورة لمضيق باب المندب، حيث تملك قاعدة في جيبوتي على الضفة الغربية للمضيق، وتملك فرنسا أيضا حضورا عسكريا قديما في جيبوتي. ويقع باب المندب على مسافة 150 كيلومترا غرب مدينة عدن. ويتمتع بأھمية استراتيجية بالنسبة الى عدد من الدول مثل مصر وإسرائيل.
ويستمد الحوثيون قوتهم من تحالف شعبي وسياسي وقبلي واسع، بالإضافة الى تحالفهم مع الجيش اليمني الذي شكَّله منذ ثلاثة عقود الرئيس السابق علي عبد لله صالح ويقوده حاليا ابنه العقيد أحمد صالح، والذي تمكن من استقطاب قيادات عسكرية وأمنية سھلت الطريق أمام الحوثيين وحلفائهم للسيطرة على المدن والمعسكرات والوصول الى عدن من دون مقاومة.
هذه التطورات اليمنية جاءت في سياق إقليمي ولا يمكن فصلها عن أجواء المفاوضات الأميركية الإيرانية التي بلغت مرحلة الاتفاق، ولا عزلها عن حركة ميدانية في المنطقة من اليمن الى العراق وسوريا وكأنھا جزء من المفاوضات. وقد حاولت السعودية من خلال عدوانها إفشال مفاوضات لوزان من خلال استفزاز إيران وإشعال معارك تحرق الملف النووي الإيراني. لكن احتواء الضربات وتماسك الجبهة اليمنية الداخلية ونجاح الحوثيين وحلفائهم في التمدد ميدانيا باتجاه عدن وباب المندب والحدود مع السعودية أفقد العدوان أهدافه المباشرة، فاستمرت المفاوضات ووصلت الى أهدافها المرجوة.
ما تحاول السعودية فعله من خلال حربها على اليمن، يتمثل في أن تظھر كقوة إقليمية حازمة تستطيع أن تأخذ زمام المبادرة لإسقاط اتفاق لوزان أولا اذا قدر لها ذلك. لكن إذا وقع الاتفاق رغم معارضتها، تكون عاصفتها حربا استباقية لتطويق ايران بحلف غير عربي يمتد من باكستان الى تركيا مرورا بمصر المترددة وممالك العرب التي هي أحوج ما تكون الى قلب أولوية الصراع مع إسرائيل واستبداله بزج الخليج في مواجهة جديدة مع إيران من أجل حماية أنظمتها والتعويض عنها بحماية أميركية لتعويض ما تعتبره تراجعا في الدور الأميركي، وغيابا للقيادة الأميركية عن المنطقة العربية بسبب سياسات أوباما التي تعتمد على البدائل بدلا من التدخل العسكري المباشر، والتي تتلھف الى اتفاق نووي مع إيران يعطيھا نفوذا إقليميا ويطلق يدھا في المنطقة...
السعودية في تقدير الأوساط الدبلوماسية العربية غادرت سياسة التردد والانتظارعندما استشعرت خطرا كبيرا على أمنھا واستقرارھا ومصالحھا، فبادرت مع اطراف اطلسية الى توظيف قدراتھا العسكرية وثقلھا العربي والإسلامي وشبكة علاقاتھا ومصالحھا الواسعة في خدمة سياستھا الجديدة لقيادة تحالف لاحتواء ايران ما بعد لوزان مقابل حماية نظامها والمحافظة على حصتها الإقليمية .
النزاع في اليمن خرج عن إطاره الداخلي وأضحى إقليميا، بل دوليا. والتقارب بين السعودية وتركيا ستكون له آثار على القتال في سوريا والعراق. السعودية جعلت الأولوية الآن لمحاربة جبهة المقاومة والممانعة المدعومة من ايران وتحتاج الى دعم سياسي من تركيا وحليفتھا قطر، وذلك سيجعل محاربة الإخوان المسلمين تتراجع نتيجة لھذا التقارب.
نجاح إيران في لوزان ونجاحات الميدان في اليمن والعراق وسوريا ستفجر الخلافات والتناقضات داخل الحلف السعودي الجديد، وهذا ما ظهر حتى الآن من خلال المشاركات الخجولة في الضربات الجوية وتردد البعض في المشاركة البرية . الأنظار تتجه الى الصيغة النهائية لاتفاق لوزان وتداعياته على الأرض ثم اعادة رسم التحالفات والحدود والأولويات والتوازنات الإقليمية الجديدة .
السعودية تفقد اوراقها في اليمن
هذه المخاوف الخليجية ليست نابعة من مجرد صراع داخلي على السلطة في اليمن، وإنما تمس بالمصالح الإقليمية و الدولية. اذا نجح الحوثيون في توسيع وتدعيم السيطرة على باب المندب، فهذا يترجم نفوذاً إضافيا لإيران وحلفائها. ومع تمكُّن الحوثيين من مضيق باب المندب اكتسب النزاع في اليمن، إضافة الى بعده الإقليمي، بُعداً دوليًّا لأن المضيق له موقع استراتيجي على البحر الأحمر، إضافة الى كونه مرفقاً اقتصادياً ھاماً، وهو واحد من أھم الممرات المائية والنقل بين الدول الأوروبية والبحر المتوسط والمحيط الھندي وشرق آسيا لما يمتاز به من عمق وعرض مناسبين لمرور جميع السفن وناقلات النفط في اتجاھين متعاكسين متباعدين.التقى القلق الخليجي مع الأوروبي على ان ثمة تحديات تتخطى اليمن، وليس أقلھا أمن البحر الأحمر والتجارة الدولية وتھديدات "القاعدة"، وتنافس نفوذ طھران مع النفوذ الخليجي التقليدي في اليمن، ومستقبل ھذا البلد ومسألة بقائه موحدا أم تقسيمه فعليا ....
هذا التطور الدراماتيكي على الارض أفقد السعودية أوراق تأثيرها في السياسة الداخلية اليمنية فاضطرت الى التورط بضربات عسكرية ضاعفت من النقمة الشعبية ضدها.
واللافت ان التدخل العسكري السعودي جاء مقرونا بلغة تصعيدية ضد إيران. وحملة إعلامية غير مسبوقة لإثارة الفتنة والتحريض و النزاعات الطائفية.
هذا الأمر جعل بعض الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، تتسابق لتقوية حضورھا في الدول المجاورة لمضيق باب المندب، حيث تملك قاعدة في جيبوتي على الضفة الغربية للمضيق، وتملك فرنسا أيضا حضورا عسكريا قديما في جيبوتي. ويقع باب المندب على مسافة 150 كيلومترا غرب مدينة عدن. ويتمتع بأھمية استراتيجية بالنسبة الى عدد من الدول مثل مصر وإسرائيل.
ويستمد الحوثيون قوتهم من تحالف شعبي وسياسي وقبلي واسع، بالإضافة الى تحالفهم مع الجيش اليمني الذي شكَّله منذ ثلاثة عقود الرئيس السابق علي عبد لله صالح ويقوده حاليا ابنه العقيد أحمد صالح، والذي تمكن من استقطاب قيادات عسكرية وأمنية سھلت الطريق أمام الحوثيين وحلفائهم للسيطرة على المدن والمعسكرات والوصول الى عدن من دون مقاومة.
هذه التطورات اليمنية جاءت في سياق إقليمي ولا يمكن فصلها عن أجواء المفاوضات الأميركية الإيرانية التي بلغت مرحلة الاتفاق، ولا عزلها عن حركة ميدانية في المنطقة من اليمن الى العراق وسوريا وكأنھا جزء من المفاوضات. وقد حاولت السعودية من خلال عدوانها إفشال مفاوضات لوزان من خلال استفزاز إيران وإشعال معارك تحرق الملف النووي الإيراني. لكن احتواء الضربات وتماسك الجبهة اليمنية الداخلية ونجاح الحوثيين وحلفائهم في التمدد ميدانيا باتجاه عدن وباب المندب والحدود مع السعودية أفقد العدوان أهدافه المباشرة، فاستمرت المفاوضات ووصلت الى أهدافها المرجوة.
ما تحاول السعودية فعله من خلال حربها على اليمن، يتمثل في أن تظھر كقوة إقليمية حازمة تستطيع أن تأخذ زمام المبادرة لإسقاط اتفاق لوزان أولا اذا قدر لها ذلك. لكن إذا وقع الاتفاق رغم معارضتها، تكون عاصفتها حربا استباقية لتطويق ايران بحلف غير عربي يمتد من باكستان الى تركيا مرورا بمصر المترددة وممالك العرب التي هي أحوج ما تكون الى قلب أولوية الصراع مع إسرائيل واستبداله بزج الخليج في مواجهة جديدة مع إيران من أجل حماية أنظمتها والتعويض عنها بحماية أميركية لتعويض ما تعتبره تراجعا في الدور الأميركي، وغيابا للقيادة الأميركية عن المنطقة العربية بسبب سياسات أوباما التي تعتمد على البدائل بدلا من التدخل العسكري المباشر، والتي تتلھف الى اتفاق نووي مع إيران يعطيھا نفوذا إقليميا ويطلق يدھا في المنطقة...
السعودية في تقدير الأوساط الدبلوماسية العربية غادرت سياسة التردد والانتظارعندما استشعرت خطرا كبيرا على أمنھا واستقرارھا ومصالحھا، فبادرت مع اطراف اطلسية الى توظيف قدراتھا العسكرية وثقلھا العربي والإسلامي وشبكة علاقاتھا ومصالحھا الواسعة في خدمة سياستھا الجديدة لقيادة تحالف لاحتواء ايران ما بعد لوزان مقابل حماية نظامها والمحافظة على حصتها الإقليمية .
النزاع في اليمن خرج عن إطاره الداخلي وأضحى إقليميا، بل دوليا. والتقارب بين السعودية وتركيا ستكون له آثار على القتال في سوريا والعراق. السعودية جعلت الأولوية الآن لمحاربة جبهة المقاومة والممانعة المدعومة من ايران وتحتاج الى دعم سياسي من تركيا وحليفتھا قطر، وذلك سيجعل محاربة الإخوان المسلمين تتراجع نتيجة لھذا التقارب.
نجاح إيران في لوزان ونجاحات الميدان في اليمن والعراق وسوريا ستفجر الخلافات والتناقضات داخل الحلف السعودي الجديد، وهذا ما ظهر حتى الآن من خلال المشاركات الخجولة في الضربات الجوية وتردد البعض في المشاركة البرية . الأنظار تتجه الى الصيغة النهائية لاتفاق لوزان وتداعياته على الأرض ثم اعادة رسم التحالفات والحدود والأولويات والتوازنات الإقليمية الجديدة .