ارشيف من :نقاط على الحروف
أوباما لحلفائه العرب: ثلاث صفعات قاسية
نشرت صحيفة "النيويورك تايمز" مقابلة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما أجراها الصحافي توماس فريدمان، وتمحورت المقابلة حول إيران والإتفاق النووي المرتقب وإنعكاس ذلك على الأمن الإقليمي. يعيد أوباما التأكيد على "مذهبه" تجاه الشرق الأوسط والذي يمكنني تلخيصه بالتالي: الولايات المتحدة بحاجة لرعاية توازن قوى إقليمي يمنع خصومها من الهيمنة ويتساكن مع حد أدنى من طموحاتهم بما يؤمن إستقراراً إقليمياً قدر المستطاع مع إبقاء السيطرة على نقاط التوتر التي لا بد منها، وحينها يمكن لواشنطن التركيز على تحديات وتهديدات أكثر جدية خارج المنطقة. من هذا الفهم يمكن تفسير مجمل سياسات أوباما إتجاه إيران، سوريا، العراق، وحلفائه العرب و"إسرائيل".
الرئيس الأميركي باراك أوباما
الإتفاق الذي جرى حول المعايير الأساسية للتسوية النووية المرتقبة يؤكد جدية الطرفين وحاجتهما الملحة للإتفاق وإن لحسابات مختلفة. تقوم فلسفة أوباما بخصوص الصفقة مع إيران على أن أميركا بما تتمتع به من قوة عارمة يمكنّها من إختبار مخاطر محسوبة بهدف محاولة خلق فرص جديدة مهمة. ولذا يجب الإنخراط والإنفتاح على إيران ولكن الى جانب ضمان الحاجات الإستراتيجية الجوهرية، أي "إنخرط مع الحفاظ على مقدراتك" كما يوجز أوباما. أي أن منطق أوباما قائم على مجازفة محدودة مع إيران من خلال مساكنتها والإنفتاح عليها والإقرار بدورها لربما يؤدي ذلك الى "تدجين إيران"، وبالتوازي تستمر واشنطن في تعزيز قدرات الردع الخاصة بها وبحلفائها، ولذا في حال فشل الخطوة تجاه إيران لن يكون هناك من ضرر، فلماذا لا نختبرها، يقول أوباما.
إلا أن الإشارات الأكثر أهمية من أوباما في المقابلة كانت بخصوص حلفائه، حيث وجه لهم ثلاث صفعات قاسية. الصفعة الأولى أن موضوع التسوية مع إيران ناجز، وأكثر ما يمكن لأوباما أن يقدمه هو إستعداده لزيادة القدرات العسكرية لحلفائه، أي إستعداد واشنطن لبيعهم سلاحاً أميركياً لا يحتاجونه فعلياً بدل إنفاقه في مشاريع التنمية والنهوض المحلي أو الإقليمي. إذاً تلتزم واشنطن مع حلفائها العرب ولكن من جيبتهم، في حين أن إيران قدمت أغلب تنازلاتها في البرنامج النووي من جيبة الأميركيين. إذاً، سيستمر الإستغلال العلني الأميركي لمقدرات شعوب الخليج لحساب شركات الأسلحة الأميركية الكبرى، ورغم ذلك تبقى السعودية مذعورة من اليمن المعدوم والأعزل، أي من دون الشعور بحد أدنى من الأمن لأن المعضلة ليست في التسلح بل في الرؤية والمشروع.
الصفعة الثانية من أوباما كانت شديدة وإستكمالاً لتصريحات نائبه إذ حمّل حلفاءه مسؤولية نشوء "داعش" بسبب الإستبداد المحلي. "السكان في بعض الحالات، مهمشون، الشباب عاطلون عن العمل، وأيديولوجية مدمرة وعدمية. ولذا من مهمات أميركا ليس فقط تقديم الدعم أمام التهديدات الخارجية بل ايضا السؤال عن "كيف يمكننا تقوية الجسم السياسي في هذه الدول، بحيث أن الشباب السني يشعر أن هناك خيار أخر غير اللجوء لداعش"، يقول أوباما. ويكمل أوباما صفعته قائلاً أن التهديد الداخلي هو الأساسي لهذه الدول وليس خطر الغزو الإيراني. أي أن أوباما يدعو حلفاءه للكف عن تصدير مشاكلهم الى الخارج، وهي مقدمة "لإصلاحات" داخلية سيطلبها منهم أوباما بعدما إستدعاهم الى الولايات المتحدة لملاقاته في كامب ديفيد قريباً، وهي إصلاحات الهدف منها حماية هذه الإنظمة لتبقى وكيلاً مستقراً للولايات المتحدة، أي أنها ستكون إصلاحات محدودة، "هذه ستكون محادثة قاسية ولكنه أمر يجب القيام به"، يقول أوباما.
الصفعة الثالثة، هي في تأكيده على رفض التورط المباشر في سوريا من خلال إلقاء المسؤولية عليهم إذ يقول أنه كان هناك رغبة (وليس قدرة) أميركية للتدخل المباشر في سوريا ولكن السؤال هو لماذا لا يمكننا الحصول على عرب (أي جيوش عربية رسمية) ليقاتلوا هناك؟ وفي موضع آخر يؤكد على حاجة حلفائه لرفع إرادتهم للإلتزام بإستخدام قواتهم البرية لحل المشاكل الإقليمية. يدرك أوباما أن أياً من حلفائه العرب غير قادر على الدخول مباشرةً الى سوريا، ولذا يرمي الكرة في ملعبهم بدل أن يبقى في موقع المتهم بالتقصير والتقاعس. بعبارة أخرى، ما دمتم غير جاهزين لرمي قواتكم في الجحيم فلا تطلبوا مني القيام بذلك. في الواقع هذه إشارة أخرى على الإستدارة الأميركية، البطيئة والتدريجية، تجاه الحرب في سوريا حيث يقنع الأميركيون حلفاءهم بالحاجة للتواضع والإكتفاء ببعض المكاسب لأنه من غير الممكن إبتلاع سوريا.
الرئيس الأميركي باراك أوباما
الإتفاق الذي جرى حول المعايير الأساسية للتسوية النووية المرتقبة يؤكد جدية الطرفين وحاجتهما الملحة للإتفاق وإن لحسابات مختلفة. تقوم فلسفة أوباما بخصوص الصفقة مع إيران على أن أميركا بما تتمتع به من قوة عارمة يمكنّها من إختبار مخاطر محسوبة بهدف محاولة خلق فرص جديدة مهمة. ولذا يجب الإنخراط والإنفتاح على إيران ولكن الى جانب ضمان الحاجات الإستراتيجية الجوهرية، أي "إنخرط مع الحفاظ على مقدراتك" كما يوجز أوباما. أي أن منطق أوباما قائم على مجازفة محدودة مع إيران من خلال مساكنتها والإنفتاح عليها والإقرار بدورها لربما يؤدي ذلك الى "تدجين إيران"، وبالتوازي تستمر واشنطن في تعزيز قدرات الردع الخاصة بها وبحلفائها، ولذا في حال فشل الخطوة تجاه إيران لن يكون هناك من ضرر، فلماذا لا نختبرها، يقول أوباما.
إلا أن الإشارات الأكثر أهمية من أوباما في المقابلة كانت بخصوص حلفائه، حيث وجه لهم ثلاث صفعات قاسية. الصفعة الأولى أن موضوع التسوية مع إيران ناجز، وأكثر ما يمكن لأوباما أن يقدمه هو إستعداده لزيادة القدرات العسكرية لحلفائه، أي إستعداد واشنطن لبيعهم سلاحاً أميركياً لا يحتاجونه فعلياً بدل إنفاقه في مشاريع التنمية والنهوض المحلي أو الإقليمي. إذاً تلتزم واشنطن مع حلفائها العرب ولكن من جيبتهم، في حين أن إيران قدمت أغلب تنازلاتها في البرنامج النووي من جيبة الأميركيين. إذاً، سيستمر الإستغلال العلني الأميركي لمقدرات شعوب الخليج لحساب شركات الأسلحة الأميركية الكبرى، ورغم ذلك تبقى السعودية مذعورة من اليمن المعدوم والأعزل، أي من دون الشعور بحد أدنى من الأمن لأن المعضلة ليست في التسلح بل في الرؤية والمشروع.
الصفعة الثانية من أوباما كانت شديدة وإستكمالاً لتصريحات نائبه إذ حمّل حلفاءه مسؤولية نشوء "داعش" بسبب الإستبداد المحلي. "السكان في بعض الحالات، مهمشون، الشباب عاطلون عن العمل، وأيديولوجية مدمرة وعدمية. ولذا من مهمات أميركا ليس فقط تقديم الدعم أمام التهديدات الخارجية بل ايضا السؤال عن "كيف يمكننا تقوية الجسم السياسي في هذه الدول، بحيث أن الشباب السني يشعر أن هناك خيار أخر غير اللجوء لداعش"، يقول أوباما. ويكمل أوباما صفعته قائلاً أن التهديد الداخلي هو الأساسي لهذه الدول وليس خطر الغزو الإيراني. أي أن أوباما يدعو حلفاءه للكف عن تصدير مشاكلهم الى الخارج، وهي مقدمة "لإصلاحات" داخلية سيطلبها منهم أوباما بعدما إستدعاهم الى الولايات المتحدة لملاقاته في كامب ديفيد قريباً، وهي إصلاحات الهدف منها حماية هذه الإنظمة لتبقى وكيلاً مستقراً للولايات المتحدة، أي أنها ستكون إصلاحات محدودة، "هذه ستكون محادثة قاسية ولكنه أمر يجب القيام به"، يقول أوباما.
الصفعة الثالثة، هي في تأكيده على رفض التورط المباشر في سوريا من خلال إلقاء المسؤولية عليهم إذ يقول أنه كان هناك رغبة (وليس قدرة) أميركية للتدخل المباشر في سوريا ولكن السؤال هو لماذا لا يمكننا الحصول على عرب (أي جيوش عربية رسمية) ليقاتلوا هناك؟ وفي موضع آخر يؤكد على حاجة حلفائه لرفع إرادتهم للإلتزام بإستخدام قواتهم البرية لحل المشاكل الإقليمية. يدرك أوباما أن أياً من حلفائه العرب غير قادر على الدخول مباشرةً الى سوريا، ولذا يرمي الكرة في ملعبهم بدل أن يبقى في موقع المتهم بالتقصير والتقاعس. بعبارة أخرى، ما دمتم غير جاهزين لرمي قواتكم في الجحيم فلا تطلبوا مني القيام بذلك. في الواقع هذه إشارة أخرى على الإستدارة الأميركية، البطيئة والتدريجية، تجاه الحرب في سوريا حيث يقنع الأميركيون حلفاءهم بالحاجة للتواضع والإكتفاء ببعض المكاسب لأنه من غير الممكن إبتلاع سوريا.