ارشيف من :نقاط على الحروف
اشياء لا تشترى ...
القصة التي رواها الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني خلال خطابه في مناسبة اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية لها دلالات عديدة . وتستبطن احد اهم معاني الانجاز النووي الايراني . يروي الرئيس الايراني ان الحكومة الايرانية لطالما عرضت هدايا وتقديمات كمكافأة على احد ابرز العلماء الايرانيين الذي كانت له اسهاماته الكبيرة في المشروع النووي الايراني . الا ان العروض كانت تقابل بالرفض لأن العالم النووي كان يعتبر ان ما يقوم به هو واجبه الوطني لا اكثر ولا اقل . مطلبه الوحيد كان مقابلة الامام الخميني الراحل . وبالفعل حصل اللقاء و قد طبع الامام الراحل قبلة على جبين العالم النووي الذي علق قائلا : اني لا استبدل هذه القبلة باموال العالم .
قد لا يفهم الاميركيون مطلقا معنى القصة . لا يمكن لعقولهم المبرمجة عصبيا ولغويا وثقافيا استنادا الى حضارة مادية استهلاكية ان يدركوا معناها . القصة تعني بكل بساطة ان شعوب الكثير من الدول ، - وعلى رأسها الشعب الايراني - حافظت على منظومتها الثقافية واستطاعت تكوين حصانة قيمية شكلت خط الدفاع الاول امام حروب الابادات الثقافية التي خاضتها واشنطن على اكثر من جبهة .
اثبت الايرانيون وغيرهم من الجماعات المقاومة ،بالتجربة ، ان لديهم الكثير من الاشياء التي لا تخضع لمنطق السوق والياته . هي "اشياء لا تشترى" كما ورد في قصيدة الشاعر المصري امل دنقل المعروفة بـ" لا تصالح " .
قبلة الامام الخميني على جبين العالم النووي من الاشياء التي لا تشترى , والشعور العارم بالكرامة عند الشعب الايراني هي ايضا من الاشياء لا تشترى ، هتاف الموت لاميركا ولاسرائيل ايضا .
ان تفشل اقسى عقوبات اقتصادية عرفها تاريخ العلاقات الدولية الحديث في كسر شوكة الشعب الايراني ، يعني ان حقوق الشعوب والاحساس بالفخر عند النجاح بانجاز المشاريع الوطنية هي من ضمن الاشياء التي لا تشترى .
ان تصر الشعوب على استعادة اراضيها وعدم استبدالها باراض اخرى كما حاول الرئيس الاميركي بيل كلينتون دون جدوى مع الفلسطينيين عندما اقترح استبدال القدس بابو ديس ، فلأن الارض ايضا من الاشياء التي لا تشترى .
ان يصمد اللبنانيون في مواجهة الطائرات الاميركية والاسرائيلية خلال حرب تموز وان يطلقوا من على انقاض منازلهم وارزاقهم عبارة "فدى المقاومة " ، فلأن المقاومة بكل بساطة من ضمن الاشياء التي لا تشترى .
ان يموت الكبار في فلسطيبن و لكن دون ان ينسى الصغار القضية لا بل ينشأ جيل اكثر تمسكا بالحق والارض وحتى بمفتاح البيت المحتل منذ عقود فلأن كل هذه الاشياء لا تشترى .
العالم ليس للبيع ...
ليس الاميركيون فقط من لا يفهمون ولا يدركون هذه الاشياء . حلفاؤهم في المنطقة وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية سبقوهم الى منظومة القيم السوقية . لا يخفى على احد مركزية المال عند العائلة المالكة السعودية والموظفين لديها . يظن ال سعود ان بامكانهم شراء " حرب " . يدفعون لشعوب العالم مقابل مشاركة برية في العدوان على اليمن . يفعِّلون صفقات التسلح لشراء موقف سياسي . على مدى عقود طويلة كرَّس امراء السعودية ظاهرة شراء العقول والاقلام فانشأوا جيشا من " الاعلاميين " المرتزقة نشروه على امتداد امبراطوريتهم الاعلامية التي اشتروها هي ايضا من سوق النخاسة الاعلامية الرائجة هذه الايام .
ولكن بالرغم من ذلك ولأن في العالم قصصاً كقصة العالم الايراني مع قبلة الامام الخميني ، ظل رجال ونساء عصيين على التاجر السعودي . وظلت صحف ووسائل اعلام اغلى من ان يشتريها المال السعودي . صحيفة الاخبار اللبنانية احداها . يصعب استيعاب الامر من قبل حاشية الديوان الملكي السعودي والسفير السعودي في لبنان من ضمنها . الا ان الوقائع تؤكد الحقيقة المرة . عدوان السعودية المستكبرة والمترفة والمفسدة على اليمن المستضعف والفقير دليل ساطع . مقاومة اليمنيين الحفاة لالة الحرب السعودية التي ا شتراها امراء ال سعود ستوجه الصفعة الاقوى لهؤلاء . احد اوجه نتائج الصفعة تكريس لعالم جديد فيه الكثير من الاشياء التي لا تشترى ...