ارشيف من :أخبار عالمية
آفاق وحدود التدخّل البرّي في اليمن وتداعياته
شارل أبي نادر_عميد مُتقاعد
بعد القمّة العربيّة الاستثنائيّة في شرم الشيخ والتي أنتجت تحالفاً عربيّاً لمواجهة أحداث اليمن بدأت "عاصفة الحزم" أو "الحملة الجوّيّة" بتاريخ 26/3/2015، حيث تتعرّض المُدن اليمنيّة ومراكز الجيش و"أنصار الله" وكافّة النّقاط الحيويّة في الدّولة لقصف جوّي مركزّ خلّف دماراً كبيراً ونتج عنه شهداء وجرحى بالمئات. وقد حُدِّدت أهداف العدوان بإعادة الرئيس المُستقيل عبد ربه هادي منصور لتسلم الحُكم واستسلام "أنصار الله" والجيش اليمني بأغلب وحداته المتحالفة معهم وبإبعاد النّفوذ الإيراني عن اليمن. ولغاية تاريخه ورغم القصف الجوّي والبرّي المُتواصل لم يتحقّق أيّ هدف من هذه الأهداف بل على العكس فقد سيطر "أنصار الله" والجيش اليمني على كافّة المُدن والمناطق الحيويّة في الدّولة، ويدور الآن الحديث عن عدوان بري لتحقيق أهداف التّحالف، وقد بدأت تظهر مؤشّراته العملانيّة واللّوجستيّة على الأرض.
القوات السعودية
وتقود السعوديّة تحالفاً عربيّاً جوّياً هي رأس الحربة فيه، وتقول تقارير إنّها حشدت أكثر من 150 ألف جندي من أسلحة المُشاة والمدرّعات والمدفعيّة مدعومين بسلاحي الجّو والبحر اللّذين يشتركان أصلاً في عمليّة "عاصفة الحزم". وقد باشرت بعض الإجراءات العملانيّة تحضيراً لذلك فأزالت حوالي 90 قرية حدوديّة مع اليمن خشية أن تتحوّل إلى مخابئ لمُتسلّلين من اليمن خلال الحملة. وقامت بإنزالات محدودة في عَدن وفي بعض النّقاط الجنوبيّة الغربيّة باتّجاه باب المندب حيث زوّدت قوّات هادي بأسلحة خاصّة وبمعدّات اتّصال متطوّرة لتوجيه وإرشاد طيران التّحالف ورَصْد بُقَع آمنة لتكون صالحة لإنزال وحدات مظلّيّة من الجّو لاحقاً. وحسب موقع "إرم" فإنّ القوّات السعوديّة بدأت تفكك السّياج في المناطق الحدوديّة مع اليمن في محافظة الحجة وشوهِدتْ جرّافات تمهّد الطرقات في الجنوب السعودي.
في المبدأ قد تشارك القوّات السعوديّة في حملتها البريّة وحدات مصريّة وباكستانيّة.
-القوّات المصريّة: بدأت طلائِعها تصل إلى جنوب البحر الأحمر على تخوم باب المندب عبر قطع بحريّة مصريّة ويُقال إنّها باشَرَتْ تنفيذ عمليّات إبرار محدودة في نقاط مشرفَة ومسيطرة عن بُعد على باب المندب، هذا المعبر البحريّ الإستراتيجيّ والذي يُشكّل موضوع بقائِه مفتوحاً أمام الملاحة البحريّة نقطة حيويّة للأمن القومي والاقتصاديّ المصريّ. وقد باشَرَت هذه القوّات وفي أمكنة قريبة من السّواحل اليمنيّة الغربيّة ولكن بقيت مجهولة بتنفيذ تجارب مختلفة ومُناورات تدريبيّة على عمليّات ابرار لمعدّات عسكريّة وعلى إنزال مظلّيّ.
-القوّات الباكستانيّة: صوّت البرلمان الباكستاني بالإجماع لصالح قرار يحث الحكومة على التزام الحياد في الحرب الدائرة في اليمن، كما دعا الأطراف المعنية إلى وقف إطلاق النار في اليمن، لكنه أكد دعمه التزام الحكومة بحماية أراضي السعودية. ما يعني عملياً الإبقاء على خيار التّدخّل البرّي موجوداً، حيث يوجد حوالي 8000 جندي باكستاني مع كامل عتادهم وأسلحتهم لم يُغادروا السعوديّة عقب انتهاء مُناورات عسكريّة مُشتركة في وقت ليس بعيداً وهم يقومون حاليّاً بتدريبات مُشتركة مع وحدات سعوديّة في مركز الملك سلمان للحرب الجبليّة (تدريبات في بيئات ذات تضاريس جبليّة وتنفيذ عمليّات خاصّة).
وفي دراسة للمؤشّرات الميدانيّة على الأرض ولطبيعة حجم القوى المُشارِكة بالعمليّة البريّة، ولأهداف القصف الجوّي والبحري التي تتركّز على مناطق حسّاسة وإستراتيجيّة من موانئ ومطارات ومقار حكوميّة رسميّة، فإنّ الهُجوم مبدئيّاً قد يتم من خلال محورين أساسيّين: الأوّل جنوبي شمالي عبر مُدن عدن - تعز - إب - دهمار وصلاً إلى تخوم صنعاء الجنوبيّة، والثاني اتجاهه من الغرب حتى الشرق عبر مدينة الحدّيدة - الضّاحي حتى تخوم صنعاء الغربيّة، على أن يترافق ذلك إنزالات مظليّة خاطفة في التوقيت نفسه وفي نقاط إستراتيجيّة وحسّاسة، وذلك بعد القضاء على أيّة مُقاومة فيها عبر القصف الجوي والبحري المركّز والعنيف. وبالتزامن مع هذه الإنزالات يفترض أن تتدخّل عناصر موالية للرئيس السّابق بعد أن تكون على تنسيق مُباشر مع غرفة العمليّات حيث تستلم وتُساند وتوجه الوحدات المنزّلة وتحضّر الأرضيّة العملانيّة للقوّات الأساسيّة البريّة المُهاجمة عبر المحاور المذكورة، وقد يتمّ تنفيذ إنزال لوحدات كُبرى محمولة جوّاً في منطقة دهمار جنوب صنعاء بحيث تكون هذه القوى جاهزة للتدخّل في أيّ اتّجاه كمُساندة ودعم القوى البريّة على المحور الجنوبيّ الشماليّ أو على المحور الغربيّ الشرقيّ وذلك بعد تأمين بقعة مُناسبة لذلك بحماية طائرات التّحالف.
طبعاً هذه العمليّة البريّة لن تكون نُزهة للقوّات المُهاجمة فالتحالف في تدخّله البرّي سيُواجه عاملين: الأولى هي الطبيعة اليمنيّة القاسية جغرافيّاً والتي يصعب على المُهاجمين فهمها بسبب تضاريسها الصّعبة جداً وخصوصاً جبال نجد وعسير ونجران، حيث دخول الدّبابات وحتى الآليات الخفيفة إليها سيكون مُستحيلاً، فالطُّرُق وَعِرة وغير معبدة ويصعب دخولها بغير العمليّات الخاصّة والتي ستكون مكلفة بشرياً، كما أنّ الخرائط العسكريّة والطبوغرافيّة نادرة وهذا سيُشكّل عائقاً أمام القوّات البريّة المُهاجِمة، فيما المسألة الثانية ستكون مقاتلو "أنصارالله" بحدّ ذاتهم فهم مدرّبون جيداً على القتال ومتمرّسون على حروب العصابات ولا يعيرون أيّة أهميّة للمُعطيات السياسيّة، كما أنّ الطبيعة العقائديّة لهم تمنعهم من الاستسلام أو التراجع وهم بالأساس يُقاتلون منذُ عشرات السّنين ويُدافعون عن أراضٍ يعرفونها جيّداً.
ويبقى السؤال هل أن القصف الجوّي والبحري العنيف والحصار الواسع سيُشكّل ضغطاً كافياً لقبول "أنصار الله" وحلفائهم من وحدات الجيش اليمنيّ بالرضوخ للإملاءات السعودية أمْ أنّ الأمور مُتّجهة لمواجهة بريّة ستكون شرِسة ومُكْلفة بالنسبة للسعودية؟
بعد القمّة العربيّة الاستثنائيّة في شرم الشيخ والتي أنتجت تحالفاً عربيّاً لمواجهة أحداث اليمن بدأت "عاصفة الحزم" أو "الحملة الجوّيّة" بتاريخ 26/3/2015، حيث تتعرّض المُدن اليمنيّة ومراكز الجيش و"أنصار الله" وكافّة النّقاط الحيويّة في الدّولة لقصف جوّي مركزّ خلّف دماراً كبيراً ونتج عنه شهداء وجرحى بالمئات. وقد حُدِّدت أهداف العدوان بإعادة الرئيس المُستقيل عبد ربه هادي منصور لتسلم الحُكم واستسلام "أنصار الله" والجيش اليمني بأغلب وحداته المتحالفة معهم وبإبعاد النّفوذ الإيراني عن اليمن. ولغاية تاريخه ورغم القصف الجوّي والبرّي المُتواصل لم يتحقّق أيّ هدف من هذه الأهداف بل على العكس فقد سيطر "أنصار الله" والجيش اليمني على كافّة المُدن والمناطق الحيويّة في الدّولة، ويدور الآن الحديث عن عدوان بري لتحقيق أهداف التّحالف، وقد بدأت تظهر مؤشّراته العملانيّة واللّوجستيّة على الأرض.
القوات السعودية
وتقود السعوديّة تحالفاً عربيّاً جوّياً هي رأس الحربة فيه، وتقول تقارير إنّها حشدت أكثر من 150 ألف جندي من أسلحة المُشاة والمدرّعات والمدفعيّة مدعومين بسلاحي الجّو والبحر اللّذين يشتركان أصلاً في عمليّة "عاصفة الحزم". وقد باشرت بعض الإجراءات العملانيّة تحضيراً لذلك فأزالت حوالي 90 قرية حدوديّة مع اليمن خشية أن تتحوّل إلى مخابئ لمُتسلّلين من اليمن خلال الحملة. وقامت بإنزالات محدودة في عَدن وفي بعض النّقاط الجنوبيّة الغربيّة باتّجاه باب المندب حيث زوّدت قوّات هادي بأسلحة خاصّة وبمعدّات اتّصال متطوّرة لتوجيه وإرشاد طيران التّحالف ورَصْد بُقَع آمنة لتكون صالحة لإنزال وحدات مظلّيّة من الجّو لاحقاً. وحسب موقع "إرم" فإنّ القوّات السعوديّة بدأت تفكك السّياج في المناطق الحدوديّة مع اليمن في محافظة الحجة وشوهِدتْ جرّافات تمهّد الطرقات في الجنوب السعودي.
في المبدأ قد تشارك القوّات السعوديّة في حملتها البريّة وحدات مصريّة وباكستانيّة.
-القوّات المصريّة: بدأت طلائِعها تصل إلى جنوب البحر الأحمر على تخوم باب المندب عبر قطع بحريّة مصريّة ويُقال إنّها باشَرَتْ تنفيذ عمليّات إبرار محدودة في نقاط مشرفَة ومسيطرة عن بُعد على باب المندب، هذا المعبر البحريّ الإستراتيجيّ والذي يُشكّل موضوع بقائِه مفتوحاً أمام الملاحة البحريّة نقطة حيويّة للأمن القومي والاقتصاديّ المصريّ. وقد باشَرَت هذه القوّات وفي أمكنة قريبة من السّواحل اليمنيّة الغربيّة ولكن بقيت مجهولة بتنفيذ تجارب مختلفة ومُناورات تدريبيّة على عمليّات ابرار لمعدّات عسكريّة وعلى إنزال مظلّيّ.
-القوّات الباكستانيّة: صوّت البرلمان الباكستاني بالإجماع لصالح قرار يحث الحكومة على التزام الحياد في الحرب الدائرة في اليمن، كما دعا الأطراف المعنية إلى وقف إطلاق النار في اليمن، لكنه أكد دعمه التزام الحكومة بحماية أراضي السعودية. ما يعني عملياً الإبقاء على خيار التّدخّل البرّي موجوداً، حيث يوجد حوالي 8000 جندي باكستاني مع كامل عتادهم وأسلحتهم لم يُغادروا السعوديّة عقب انتهاء مُناورات عسكريّة مُشتركة في وقت ليس بعيداً وهم يقومون حاليّاً بتدريبات مُشتركة مع وحدات سعوديّة في مركز الملك سلمان للحرب الجبليّة (تدريبات في بيئات ذات تضاريس جبليّة وتنفيذ عمليّات خاصّة).
وفي دراسة للمؤشّرات الميدانيّة على الأرض ولطبيعة حجم القوى المُشارِكة بالعمليّة البريّة، ولأهداف القصف الجوّي والبحري التي تتركّز على مناطق حسّاسة وإستراتيجيّة من موانئ ومطارات ومقار حكوميّة رسميّة، فإنّ الهُجوم مبدئيّاً قد يتم من خلال محورين أساسيّين: الأوّل جنوبي شمالي عبر مُدن عدن - تعز - إب - دهمار وصلاً إلى تخوم صنعاء الجنوبيّة، والثاني اتجاهه من الغرب حتى الشرق عبر مدينة الحدّيدة - الضّاحي حتى تخوم صنعاء الغربيّة، على أن يترافق ذلك إنزالات مظليّة خاطفة في التوقيت نفسه وفي نقاط إستراتيجيّة وحسّاسة، وذلك بعد القضاء على أيّة مُقاومة فيها عبر القصف الجوي والبحري المركّز والعنيف. وبالتزامن مع هذه الإنزالات يفترض أن تتدخّل عناصر موالية للرئيس السّابق بعد أن تكون على تنسيق مُباشر مع غرفة العمليّات حيث تستلم وتُساند وتوجه الوحدات المنزّلة وتحضّر الأرضيّة العملانيّة للقوّات الأساسيّة البريّة المُهاجمة عبر المحاور المذكورة، وقد يتمّ تنفيذ إنزال لوحدات كُبرى محمولة جوّاً في منطقة دهمار جنوب صنعاء بحيث تكون هذه القوى جاهزة للتدخّل في أيّ اتّجاه كمُساندة ودعم القوى البريّة على المحور الجنوبيّ الشماليّ أو على المحور الغربيّ الشرقيّ وذلك بعد تأمين بقعة مُناسبة لذلك بحماية طائرات التّحالف.
طبعاً هذه العمليّة البريّة لن تكون نُزهة للقوّات المُهاجمة فالتحالف في تدخّله البرّي سيُواجه عاملين: الأولى هي الطبيعة اليمنيّة القاسية جغرافيّاً والتي يصعب على المُهاجمين فهمها بسبب تضاريسها الصّعبة جداً وخصوصاً جبال نجد وعسير ونجران، حيث دخول الدّبابات وحتى الآليات الخفيفة إليها سيكون مُستحيلاً، فالطُّرُق وَعِرة وغير معبدة ويصعب دخولها بغير العمليّات الخاصّة والتي ستكون مكلفة بشرياً، كما أنّ الخرائط العسكريّة والطبوغرافيّة نادرة وهذا سيُشكّل عائقاً أمام القوّات البريّة المُهاجِمة، فيما المسألة الثانية ستكون مقاتلو "أنصارالله" بحدّ ذاتهم فهم مدرّبون جيداً على القتال ومتمرّسون على حروب العصابات ولا يعيرون أيّة أهميّة للمُعطيات السياسيّة، كما أنّ الطبيعة العقائديّة لهم تمنعهم من الاستسلام أو التراجع وهم بالأساس يُقاتلون منذُ عشرات السّنين ويُدافعون عن أراضٍ يعرفونها جيّداً.
ويبقى السؤال هل أن القصف الجوّي والبحري العنيف والحصار الواسع سيُشكّل ضغطاً كافياً لقبول "أنصار الله" وحلفائهم من وحدات الجيش اليمنيّ بالرضوخ للإملاءات السعودية أمْ أنّ الأمور مُتّجهة لمواجهة بريّة ستكون شرِسة ومُكْلفة بالنسبة للسعودية؟