ارشيف من :آراء وتحليلات
أكذوبة الامبرطورية الفارسية وحقائق التكامل الإقليمي
هل تريد إيران بناء "إمبراطورية فارسية" فعلاً؟. في الواقع إشكالية خصوم إيران ومحورها هي أنهم يحللون إيران ويحاولون فهمها وفق نظريات وفرضيات مضى عليها الزمن كما في أطروحة "بناء الإمبراطورية". هذا فيما يخصّ من هم ذوو النية الحسنة. أمّا النخبة الوكيلة للولايات المتحدة والمعادية لإيران فهي عاجزة عن بناء أي مشروع إقليمي معاصر قادر على بناء توافق مصالح بين شعوب المنطقة، ولذا تراهن على أن بث العداء المفرط لإيران عبر الأضاليل المذهبية والعرقية يمكن أن يكتّل حولها نخبًا وشعوبًا منهكة يتم إرضاؤها ببعض "فتات" النفط.
الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني
يدرك الإيرانيون أن زمن الإمبراطوريات قد ولّى، وأن السياسة الدولية
والإقليمية أكثر تعقيداً وتشظياً بكثير من القدرة على إحتوائها بفكرة
إمبراطورية. جزء من هذا الإدراك الإيراني نابع من معاينتهم عن كثب – بل
لمساهمتهم حتى - في انهيار فكرة "الإمبراطورية الأميركية" خلال السنوات
العشر الماضية.
من يراقب السياسة الإيرانية يدرك أنها أكثر أهتماماً ببناء قوتها الناعمة، من خلال تقديم أنموذج جذّاب وكذلك سردية واقعية للتعايش الإقليمي. يحاول الإيرانيون من خلال تجربتهم إقناع شعوب المنطقة بأن خيار بناء دولة وطنية سيدة ومستقلة سياسياً وثقافياً عن الغرب خيار ممكن، وهو رهن بالإرادة السياسية والشعبية. واقعاً، كان البرنامج النووي الإيراني مهماً لإيران من ناحية إقتصادية وأخرى رمزية باعتباره عنواناً لتحدي الغرب والنهوض الوطني المستقل والمقتدر والمعاصر للدولة الإسلامية، أي أنه جزء أساسي من قوة إيران الناعمة لا العسكرية. ومن غير المنطقي أن يقدم الإيرانيون هذا "الأنموذج الإستقلالي" لشعوب المنطقة والسعي إلى إقناعهم به ثم يحاولوا بعد ذلك إخضاعهم لأي طموح إمبراطوري.
رؤية إيران الإقليمية تقوم على فكرة التكامل الإقليمي، أي بناء نظام إقليمي متعدد الطبقات (أمني – سياسي – إقتصادي) بين دول وشعوب المنطقة يضمن الأمن والرفاه والنهوض الحضاري بما يدخل المنطقة في علاقة ندية وشراكات متوازنة مع القوى الدولية. بطبيعة الحال إن إيران تطمح إلى لعب دور قيادي في هذه المنظومة الإقليمية، وهو طموح يحق أن تشاركها فيه قوى أخرى مثل تركيا ومصر والعراق وحتى السعودية. لكن أين العقبة الجوهرية أمام هذا المشروع الإقليمي؟. تكمن هذه العقبة في غياب الدول الإقليمية المستقلة سواء كونها تعرضت للتدمير الإستعماري الممنهج أم تسلط نخب فاسدة وكيلة للاستعمار على دول أخرى.
هذا ما يبرر دعم إيران قوى المعارضة والمقاومة في المنطقة، لأن هذه الأنظمة الوكيلة تقف في وجه الاستقلال الوطني، وبالتالي تعيق إمكانية التكامل الإقليمي، ومن ناحية أخرى قامت هذه الانظمة بالإشتراك المباشر في محاولة تدمير التجربة الإيرانية خدمةً للأميركيين (كما حالة دعم حرب صدام حسين على الجمهورية الإسلامية). إذاً، المشكلة الأساسية بين إيران وبعض النخب الإقليمية الحاكمة لا علاقة لها بالمذاهب والأعراق بل المشكلة في موقف ودور هذه النخب الذي يدمر المنطقة من داخلها، ويمنعها من النهوض، ويحاول القضاء على كل تجربة إستقلالية كما حالة إيران أو المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
لطالما كررت إيران الدعوة الى إنشاء نظام إقليمي مع دول الخليج مثلاً لإدارة الأمن المشترك بالحد الأدنى إلاّ أن السعودية على وجه التحديد كانت تصر على كون الولايات المتحدة جزءًا أساسيًا من هذا النظام. وأيضاً كان رفض الإيرانيين القاطع للتفاوض مع الإميركيين في أي شأن خارج الملف النووي نابعًا من رؤية إيرانية أنه من الأفضل التفاوض مع القوى الإقليمية مباشرةً، وتبادل المصالح معها وبناء تفاهمات مشتركة أفضل من "الدفع" للأميركيين ما لا يستحقونه.
السؤال المطروح: ما هو المنطق أن تنال الولايات المتحدة حصصاً ومصالح في المنطقة على حساب شعوب دول مثل مصر والسعودية والعراق؟ يريد الإيرانيون أن يكون التوافق إقليمياً مباشرةً وليس عبر القناة الأميركية، كي تذهب عوائد ذلك التوافق الى شعوب المنطقة، التي ما إن تختبر أثار ونتائج التكامل الإقليمي ستتشجع النخب الحاكمة على مزيد من التعاون والإنخراط في شراكات مع إيران وسواها بعيداً من أضاليل المذاهب والأعراق.
يمتلك الشرق الأوسط كل عناصر التكامل الإقليمي بين دول تمتلك موارد طبيعية ضخمة (طاقة، معادن، أراض زراعية، شواطىء، مياه) وأخرى موارد بشرية وبنية تحتية صناعية، وأسواق داخلية كبيرة، إضافة إلى المخزون الثقافي الهائل، بما من شأنه جعل المنطقة من أكثر الإقاليم نمواً وإزدهاراً على مستوى العالم. طموح إيران الإقليمي هو التشارك مع تركيا وقوى إقليمية عربية لقيادة هذه المنظومة من التعاون والتكامل الإقليمي الذي تعترضه الولايات المتحدة بكل ما تستطيع.
إن إصرار بعض النخب الإقليمية على معاداة إيران مجاناً لن يمنع إيران من مزيد من النهوض كما يتضح، بل يعني أن الولايات المتحدة ستجني المكاسب على حسابهم ثم تكرههم على مساكنة إيران بقليل من الفتات وكثير من العنتريات البلهاء.
من يراقب السياسة الإيرانية يدرك أنها أكثر أهتماماً ببناء قوتها الناعمة، من خلال تقديم أنموذج جذّاب وكذلك سردية واقعية للتعايش الإقليمي. يحاول الإيرانيون من خلال تجربتهم إقناع شعوب المنطقة بأن خيار بناء دولة وطنية سيدة ومستقلة سياسياً وثقافياً عن الغرب خيار ممكن، وهو رهن بالإرادة السياسية والشعبية. واقعاً، كان البرنامج النووي الإيراني مهماً لإيران من ناحية إقتصادية وأخرى رمزية باعتباره عنواناً لتحدي الغرب والنهوض الوطني المستقل والمقتدر والمعاصر للدولة الإسلامية، أي أنه جزء أساسي من قوة إيران الناعمة لا العسكرية. ومن غير المنطقي أن يقدم الإيرانيون هذا "الأنموذج الإستقلالي" لشعوب المنطقة والسعي إلى إقناعهم به ثم يحاولوا بعد ذلك إخضاعهم لأي طموح إمبراطوري.
رؤية إيران الإقليمية تقوم على فكرة التكامل الإقليمي، أي بناء نظام إقليمي متعدد الطبقات (أمني – سياسي – إقتصادي) بين دول وشعوب المنطقة يضمن الأمن والرفاه والنهوض الحضاري بما يدخل المنطقة في علاقة ندية وشراكات متوازنة مع القوى الدولية. بطبيعة الحال إن إيران تطمح إلى لعب دور قيادي في هذه المنظومة الإقليمية، وهو طموح يحق أن تشاركها فيه قوى أخرى مثل تركيا ومصر والعراق وحتى السعودية. لكن أين العقبة الجوهرية أمام هذا المشروع الإقليمي؟. تكمن هذه العقبة في غياب الدول الإقليمية المستقلة سواء كونها تعرضت للتدمير الإستعماري الممنهج أم تسلط نخب فاسدة وكيلة للاستعمار على دول أخرى.
هذا ما يبرر دعم إيران قوى المعارضة والمقاومة في المنطقة، لأن هذه الأنظمة الوكيلة تقف في وجه الاستقلال الوطني، وبالتالي تعيق إمكانية التكامل الإقليمي، ومن ناحية أخرى قامت هذه الانظمة بالإشتراك المباشر في محاولة تدمير التجربة الإيرانية خدمةً للأميركيين (كما حالة دعم حرب صدام حسين على الجمهورية الإسلامية). إذاً، المشكلة الأساسية بين إيران وبعض النخب الإقليمية الحاكمة لا علاقة لها بالمذاهب والأعراق بل المشكلة في موقف ودور هذه النخب الذي يدمر المنطقة من داخلها، ويمنعها من النهوض، ويحاول القضاء على كل تجربة إستقلالية كما حالة إيران أو المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
لطالما كررت إيران الدعوة الى إنشاء نظام إقليمي مع دول الخليج مثلاً لإدارة الأمن المشترك بالحد الأدنى إلاّ أن السعودية على وجه التحديد كانت تصر على كون الولايات المتحدة جزءًا أساسيًا من هذا النظام. وأيضاً كان رفض الإيرانيين القاطع للتفاوض مع الإميركيين في أي شأن خارج الملف النووي نابعًا من رؤية إيرانية أنه من الأفضل التفاوض مع القوى الإقليمية مباشرةً، وتبادل المصالح معها وبناء تفاهمات مشتركة أفضل من "الدفع" للأميركيين ما لا يستحقونه.
السؤال المطروح: ما هو المنطق أن تنال الولايات المتحدة حصصاً ومصالح في المنطقة على حساب شعوب دول مثل مصر والسعودية والعراق؟ يريد الإيرانيون أن يكون التوافق إقليمياً مباشرةً وليس عبر القناة الأميركية، كي تذهب عوائد ذلك التوافق الى شعوب المنطقة، التي ما إن تختبر أثار ونتائج التكامل الإقليمي ستتشجع النخب الحاكمة على مزيد من التعاون والإنخراط في شراكات مع إيران وسواها بعيداً من أضاليل المذاهب والأعراق.
يمتلك الشرق الأوسط كل عناصر التكامل الإقليمي بين دول تمتلك موارد طبيعية ضخمة (طاقة، معادن، أراض زراعية، شواطىء، مياه) وأخرى موارد بشرية وبنية تحتية صناعية، وأسواق داخلية كبيرة، إضافة إلى المخزون الثقافي الهائل، بما من شأنه جعل المنطقة من أكثر الإقاليم نمواً وإزدهاراً على مستوى العالم. طموح إيران الإقليمي هو التشارك مع تركيا وقوى إقليمية عربية لقيادة هذه المنظومة من التعاون والتكامل الإقليمي الذي تعترضه الولايات المتحدة بكل ما تستطيع.
إن إصرار بعض النخب الإقليمية على معاداة إيران مجاناً لن يمنع إيران من مزيد من النهوض كما يتضح، بل يعني أن الولايات المتحدة ستجني المكاسب على حسابهم ثم تكرههم على مساكنة إيران بقليل من الفتات وكثير من العنتريات البلهاء.