ارشيف من :نقاط على الحروف
إنها كلمة حق في وجه سلطان جائر... يا عزيزي!
فلنفترض أن سعد الحريري هو من كتب بيان الرد الشهير أمس. إنها مجرد فرضية غير قابلة للتحقق لسببين: الاول أن بعض المسؤولين ليسوا هم من يقومون بكتابة بياناتهم الا في حالات استثنائية، أما الثاني وهو السبب الأكثر ثقلاً في هذه الحالة فهو عدم توفر إمكانات وقدرات عند سعد الحريري تسمح له بكتابة البيان. ولكن فرضيتنا تتضمّن معطى افتراضياً آخر وهو أن سعد الحريري قد يكون خضع لدورات تطويرية سمحت له بأن يكتب بياناً أو على الاقل أن يحدد الخطوط العريضة للمضمون المطلوب.
من هنا لا بدّ من تحليل مضمون البيان. فمن أين استقى سعد مصطلحاته وعباراته؟ الجملة الاخيرة عن عاصفة الحزم "يا عزيزي" تأخذنا مباشرة الى قصة إحسان عبد القدوس الشهيرة "يا عزيزي كلنا لصوص". ولكن المنطقي أكثر ضمن الفرضية اللامنطقية أن سعد الحريري لم يقرأ القصة. المعروف أن الرجل ليس قارئاً نهماً ولا غير نهم. الأرجح أن الفيلم الشهير المقتبس عن القصة هو مصدر "المعجم اللغوي" لرئيس الحكومة اللبنانية السابق. هذا الأمر يبدو أكثر منطقية وأكثر انسجاماً مع شخصية الرجل.
في البيان حساسية مفرطة ظهرت لدى الحريري تجاه أمراء آل سعود. انزعج الرجل لا بل صُعق عند سماعه معلومات تاريخية موثقة ومعطيات مؤكدة تضجّ بها الكتب التاريخية على الرغم من الأموال التي دفعها أبناء عبد العزيز لطمسها وإخفائها. صحيح أن التلاعب بالتاريخ هو من الامور التي دأب عليها هؤلاء ككل الطواغيت في العالم، إلّا أن السجل الحافل لآل سعود يجعل عملية إخفاء الحقائق والارتكابات أمراً شبه مستحيل. صُعق الحريري لأنه بدا كمن يسمع هذا الكلام لأول مرة. الامر طبيعي فالرجل ليس قارئاً حتى للروايات العاطفية والبوليسية فكيف بالكتب التاريخية؟
يصف الحريري الكلام بالجنون. وهل يردّ على الجنون إلّا مجنون؟ هل يكلف رئيس حكومة وتيار وطفل آل سعود المدلّل - في لبنان - نفسه لتدبيج بيان رداً على جنون؟ هذا الامر ليس مستغرباً أيضاً. فخبرة الحياة لدى الحريري تتركز وتتكثف داخل القصور الملكية وبين الامراء السعوديين. أن يعيش شخص في تلك الأماكن والى جانب مثل هؤلاء الامراء (عزوز ابن فهد) تجعل اموراً كثيرة تختلط في ذهنه وعقله.
نمط الحياة الذي تفرضه تلك الصحبة تجعل الرجل غير قادر على التمييز. ما لا يدركه الحريري أن بيانه جاء رداً على مواقف أقل ما يقال فيها إنها تاريخية خرجت الى العلن بشجاعة قلّ نظيرها وستصل الى العالم كل العالم، أراد السعوديون أو لم يريدوا، وأن الكلام الذي قيل والمعلومات التي عرضت يعرفها كثيرون في هذا العالم. سكت البعض منهم لأنهم يتقاضون أجراً مقابل وظيفة الصمت. أجر يدفعه آل سعود منذ زمن. يدفعونه وهم يعرفون أن "الوظيفة" لا تدوم لأن المال لا يدوم ولأن الساكت عن الحق الذي هو شيطان أخرس هو من فصيلة الخونة الذين لا وفاء لهم. أما الاخرون فقد أسكتتهم هزيمة ساهم آل سعود فيها ذات 1967. لا يعرف الحريري أن الهزيمة أصبحت من الماضي وأننا في زمن الانتصارات وأن ما قيل وسيُقال هو من زمن جديد جميل، هو زمن الهزائم الذي قد ولّى.
إلّا أن الامور تصبح أكثر تعقيداً عند الحديث عن الكبار والصغار. يصعب على من يصادق الامير عزوز بن فهد أن يميّز في هذا المجال، وإلّا كيف نفهم هذا الهذيان في الكلام عن صغار في الضاحية؟ كيف يمكن لمن هزم "اسرائيل" أن لا يكون الا كبيراً لا بل عملاقاً في زمن اشباه الرجال؟ اما مقولات الحق والطغاة والجور والعزة والكرامة فقد تحتاج الى دورات تطويرية اخرى وبمستوى آخر. عندها يمكن ان يسأل صاحب البيان: لماذا كل هذا الهذيان؟ إنها كلمة حق في وجه سلطان جائر يا عزيزي.
من هنا لا بدّ من تحليل مضمون البيان. فمن أين استقى سعد مصطلحاته وعباراته؟ الجملة الاخيرة عن عاصفة الحزم "يا عزيزي" تأخذنا مباشرة الى قصة إحسان عبد القدوس الشهيرة "يا عزيزي كلنا لصوص". ولكن المنطقي أكثر ضمن الفرضية اللامنطقية أن سعد الحريري لم يقرأ القصة. المعروف أن الرجل ليس قارئاً نهماً ولا غير نهم. الأرجح أن الفيلم الشهير المقتبس عن القصة هو مصدر "المعجم اللغوي" لرئيس الحكومة اللبنانية السابق. هذا الأمر يبدو أكثر منطقية وأكثر انسجاماً مع شخصية الرجل.
في البيان حساسية مفرطة ظهرت لدى الحريري تجاه أمراء آل سعود. انزعج الرجل لا بل صُعق عند سماعه معلومات تاريخية موثقة ومعطيات مؤكدة تضجّ بها الكتب التاريخية على الرغم من الأموال التي دفعها أبناء عبد العزيز لطمسها وإخفائها. صحيح أن التلاعب بالتاريخ هو من الامور التي دأب عليها هؤلاء ككل الطواغيت في العالم، إلّا أن السجل الحافل لآل سعود يجعل عملية إخفاء الحقائق والارتكابات أمراً شبه مستحيل. صُعق الحريري لأنه بدا كمن يسمع هذا الكلام لأول مرة. الامر طبيعي فالرجل ليس قارئاً حتى للروايات العاطفية والبوليسية فكيف بالكتب التاريخية؟
يصف الحريري الكلام بالجنون. وهل يردّ على الجنون إلّا مجنون؟ هل يكلف رئيس حكومة وتيار وطفل آل سعود المدلّل - في لبنان - نفسه لتدبيج بيان رداً على جنون؟ هذا الامر ليس مستغرباً أيضاً. فخبرة الحياة لدى الحريري تتركز وتتكثف داخل القصور الملكية وبين الامراء السعوديين. أن يعيش شخص في تلك الأماكن والى جانب مثل هؤلاء الامراء (عزوز ابن فهد) تجعل اموراً كثيرة تختلط في ذهنه وعقله.
نمط الحياة الذي تفرضه تلك الصحبة تجعل الرجل غير قادر على التمييز. ما لا يدركه الحريري أن بيانه جاء رداً على مواقف أقل ما يقال فيها إنها تاريخية خرجت الى العلن بشجاعة قلّ نظيرها وستصل الى العالم كل العالم، أراد السعوديون أو لم يريدوا، وأن الكلام الذي قيل والمعلومات التي عرضت يعرفها كثيرون في هذا العالم. سكت البعض منهم لأنهم يتقاضون أجراً مقابل وظيفة الصمت. أجر يدفعه آل سعود منذ زمن. يدفعونه وهم يعرفون أن "الوظيفة" لا تدوم لأن المال لا يدوم ولأن الساكت عن الحق الذي هو شيطان أخرس هو من فصيلة الخونة الذين لا وفاء لهم. أما الاخرون فقد أسكتتهم هزيمة ساهم آل سعود فيها ذات 1967. لا يعرف الحريري أن الهزيمة أصبحت من الماضي وأننا في زمن الانتصارات وأن ما قيل وسيُقال هو من زمن جديد جميل، هو زمن الهزائم الذي قد ولّى.
إلّا أن الامور تصبح أكثر تعقيداً عند الحديث عن الكبار والصغار. يصعب على من يصادق الامير عزوز بن فهد أن يميّز في هذا المجال، وإلّا كيف نفهم هذا الهذيان في الكلام عن صغار في الضاحية؟ كيف يمكن لمن هزم "اسرائيل" أن لا يكون الا كبيراً لا بل عملاقاً في زمن اشباه الرجال؟ اما مقولات الحق والطغاة والجور والعزة والكرامة فقد تحتاج الى دورات تطويرية اخرى وبمستوى آخر. عندها يمكن ان يسأل صاحب البيان: لماذا كل هذا الهذيان؟ إنها كلمة حق في وجه سلطان جائر يا عزيزي.