ارشيف من :آراء وتحليلات
ثنائية المال والسيف في سياسات العدوان السعودية
السعودية وأنظمة الخليج الأخرى تنفق أموال العرب والمسلمين وتنخرط مباشرة في أعمال العدوان والمشاريع الصهيو-أميركية الهادفة إلى تدمير المنطقة. لكن هذا لن يمنع واشنطن من التخلي عنها ورميها كما ترمى المنتجات المنتهية الصلاحية.
في كانون الثاني/ يناير الماضي أمر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بصرف راتب شهرين لجميع موظفي الدولة السعودية من المدنيين والعسكريين. "مكرمة" متواضعة من المكرمات التي اعتاد حكام السعودية على أن يشملوا بها السعوديين وغير السعوديين.
المكرمات السعودية لا تشمل 25 بالمئة من مواطني المملكة الذين يعيشون تحت خط الفقر |
سخاء أم رشوة ؟
بكلام آخر، فإن هذا السخاء على شرائح اجتماعية وازنة - لجهة الدور الذي تلعبه في تأمين استقرار النظام الاجتماعي والسياسي غير المستند إلى مفهوم العدل - يتحول إلى نوع من الرشوة وشراء الذمم بهدف كسب المناصرين وتعزيز انخراطهم في خدمة النظام الجائر : ففي السياق نفسه، اصدر الملك سلمان أمراً آخر بصرف مرتب شهر على أفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. وقد صدر هذا الأمر في 29 نيسان/ أبريل الماضي، أي بعد ثلاثة أيام على بدء العدوان على اليمن، وفي الوقت الذي كانت قوى الأمن السعودية تمارس همجيتها في قمع التظاهرات التي خرجت في المنطقة الشرقية استنكاراً لذلك العدوان. والأهم من ذلك أنه صدر وسط الأخبار عن فرار حوالي عشرة آلاف جندي سعودي من مواقعهم على الحدود اليمنية خوفاً من مواجهات محتملة مع القوى التي تدافع عن حرية اليمن واستقلاله ووحدته.
العدوان السعودي على اليمن
أموال سعودية وخليجية تستخدم، في ما يتجاوز الإنفاق الفاحش والمخجل على مظاهر الترف الشخصي، في شراء الأتباع بمن فيهم قوى الأمن المكلفة بقمع المطالب الشعبية المحقة في الداخل، كما تصرف على التكفيريين المكلفين بزعزعة البلدان التي يستهدفها المشروع الصهيو-أميركي في المنطقة، وعلى غيرهم من القوى السوداء التي تخدم هذا المشروع في العديد من مناطق العالم الأخرى. كما تستخدم في تغطية تكاليف الحروب الأميركية على المنطقة والعالم، وفي إنقاذ اقتصاد بلدان الغرب من الإفلاس، وأخيراً في تمويل التدخلات والحروب السعودية المباشرة كما في العدوان الحالي على كل من البحرين واليمن.
جهل مطبق
إنها ثنائية المال والسيف التي طالما تحكمت بمصائر الشعوب والتي تجاوزت، في الزمن السعودي، كل حدود المعقول لجهة وظيفتها التدميرية وأبعادها اللاأخلاقية واللاإنسانية، وخصوصاً لجهة كونها أنموذجاً لا مثيل له في الجهل المطبق.
فإذا كان فراعنة الماضي، بمن فيهم من حكموا العالم العربي والإسلامي تحت أسماء الخلفاء والسلاطين يستخدمون هذه الثنائية في خدمة مصالحهم ومن أجل تعزيز سلطانهم واستقلالهم عن القوى الخارجية، فإن آل سعود وغيرهم من حكام الخليج يهدرون أموال العرب والمسلمين ويبطشون بكل معارض وصاحب قضية محقة خدمة لمصالح قوى إمبريالية لا تكن لهم أي احترام ولا تتردد للحظة في التخلي عنهم ورميهم كما يرمى أي منتج بعد استعماله وانتهاء صلاحيته.
فرار حوالي عشرة آلاف جندي سعودي من مواقعهم على الحدود اليمنية |
أو كما فعل هو نفسه عندما وقع، عام 1945، على اتفاقية كوينسي الاستراتيجية التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بتأمين الحماية العسكرية لآل سعود مقابل النفط، وهي الاتفاقية التي ما تزال سارية المفعول حتى اليوم من خلال الخضوع السعودي التام لكل أنواع الإملاءات الأميركية.
وبالطبع، فإن إعطاء فلسطين لليهود واستخدام النفط كسلاح في خدمة المصالح الصهيو-أميركية وفي مقدمها تدمير العالم العربي والإسلامي بالشكل الذي نشهده اليوم، هو أيضاً من جملة "المكرمات" التي لن تشفع لنظام آل سعود يوم تقتضي الانتهازية الأميركية والإسرائيلية إلحاقه بما لا يحصى من الأنظمة التي تخلت عنها واشنطن رغم كل ما قدمته لها من خدمات كبرى.