ارشيف من :ترجمات ودراسات

القتل دون احتكاك بين القاتل والمقتول. عودة اللاإنسانية الجديدة

القتل دون احتكاك بين القاتل والمقتول. عودة اللاإنسانية الجديدة

الكاتب   Chems Eddine CHITOUR    
عن موقع   Le grand soir  الالكتروني
20 نيسان / أبريل 2015

"القناصة جبناء" – مايكل مور  


قبل ما يزيد قليلاً عن شهرين ظهر فيلم في الولايات المتحدة بعنوان "القناص الأميركي"، وهو من إخراج الأميركي كلينت إستوود. وقد استقبل هذا الفيلم كتحفة رائعة في الولايات المتحدة وحتى في أوروبا حيث تماهى جميع من يشعرون بالحنين إلى إمبراطورية الأعراق العليا ببطل الفيلم الذي يذكر بـ "الزمن الجميل"، زمن المستعمرات في الهند الصينية والجزائر. وفي 18 شباط / فبراير كانت أرباح الفيلم قد بلغت 400 مليون دولار وشاهده أكثر من 160 ألف شخص، ما يعتبر رقماً قياسياً لا سابق له.    

سأحاول في هذه المقالة أن أقدم جردة بهذا الشكل الحديث من أشكال نشر الدمار وقتل البشر بالألوف، دونما رؤية للخصم وجهاً لوجه، سواء كان طفلاً أم لم يكن، باسم مبدأ "صفر ضحايا" في معسكر القاتل والحد الأقصى من القتلى في معسكر الخصم. وكما فهمنا سلفاً، فإن ذلك يسمح بالحصول على موافقة أحزاب اليسار واليمين وكل من التقدميين والمحافظين على السواء.

القتل بأيدي قتلة مدفوعي الأجر يعملون في شركات خاصة 

صناعة القتل هذه مربحة جداً، وهذا يظهر من خلال ازدهار الشركات الخاصة التي تقتل بالوكالة دونما غاية غير تحقيق الأرباح. وقد بات من المعلوم أن بعض القتلة هم ممن صدرت بحقهم أحكام جرمية. ففي الولايات المتحدة، أصدر القاضي الفيدرالي أحكاماً بحق موظفين أميركيين في شركة بلاكووتر سبق واعترفوا، عام 2007، بقتل 14 مدنياً في بغداد. ويقول القاضي الفيدرالي في واشنطن، جويس لامبرث بأن ما فعلوه هو "جريمة كبرى". ويضيف: "أنا أؤيد بشدة قرار هيئة المحلفين في هذه القضية"... وكانت هذه المجزرة التي ارتكبت في ساحة النسور في بغداد قد أثارت غضب العراقيين. وتعتقد المحاربة القديمة في حرب العراق، إميليا ياتز، أن الأحكام الصادرة بحق العملاء الأمنيين الذين تستخدمهم شركة بلاكووتر في العراق ليست غير قنبلة دخانية تخدم هدفاً رمزياً: لأن "الولايات المتحدة نفسها قد ارتكبت، عن طريق الخطأ، العديد من المجازر بحق مدنيين غير مسلحين، حيث شعر قناصة بلاكووتر بأنهم أحرار في التصرف وتصرفوا بموجب ذلك. لا أعتقد بأن هذا التوجه نحو معاقبة المسؤولين عن قتل مدنيين أبرياء سوف يستمر حقاً وحقيقة. أشعر بأن ذلك ليس أكثر من قنبلة دخانية".

الموت الهابط من السماء تحت أجنحة طائرات إف-15

قدمت في مقالة سابقة وصفاً لمجزرة جماعية: "عملية قتل إضافية، صرخة تمرد إضافية، إساءة عن طريق الخطأ إضافية، واعتذارات إضافية". بمثل هذا يمكننا أن نلخص الحرب التي تشن على الأطفال في أفغانستان. يصل إلى علمنا أن عشرة أطفال فارقوا الحياة في عملية قصف متعمد أثناء مطاردة عناصر من طالبان في نيسان / أبريل 2013.  موت هؤلاء الأطفال يذكرنا بالـ 400 طفل الذين قتلوا في عملية الرصاص المسكوب في غزة. تصريحات صادرة عن عدد من المسؤولين أكدت مقتل عشرة أطفال أفغان في 7 نيسان. والأسوأ هو إدمان الجريمة. وبالطبع فهمنا أن ذلك هو عبارة عن أضرار جانبية. عبارة صاغتها العقيدة الإمبريالية: الأطفال كانوا في مكان غير مناسب في لحظة غير مناسبة. ويتم تجاوز الرقم القياسي في الفظاعة. القصف الذي استهدف قندوز تم تنفيذه في 4 أيلول/ سبتمبر 2009 من قبل طائرة إف 15 E أميركية وكان يستهدف شاحنتي وقود استولت عليهما طالبان، لكنه أوقع 142 قتيلاً بينهم أكثر من 100 مدني. تفاصيل العملية ترويها أسر الضحايا: "مع خيوط الفجر الأولى من يوم الجمعة الماضي، وفي مقاطعة قندوز في شمال افغانستان، كان القرويون قد تجمعوا حول حطام الشاحنتين اللتين تم قصفهما من قبل الناتو. شقوا طريقهم بين حوالي 100 جثة متفحمة والكثير من قطع اللحم البشري المختلطة بالرماد والوحل والبلاستيك المنصهر، بحثاً عن قريب أو أخ أو ابن عم. (...) لم يكن أحد في تلك الساعة المبكرة قد بقي على قيد الحياة (...). بدأ الأهالي المفجوعون بالتخاصم وهم يتنازعون بقايا من كانوا قبل ساعات قليلة يبحثون عن وقود في حطام الشاحنتين(...). يقول عمر خان، وهو الزعيم المعمم لقرية عيسى خيل: "لم نتمكن عند وصولنا من التعرف على أية جثة". ويكتب شيخ أفغاني بعد مقتل ابنه في إحدى عمليات القصف: "لم أتمكن من العثور على جثة ولدي. عندها، تناولت قطعة من اللحم وحملتها إلى المنزل وأسميتها "ولدي". وقلت لزوجتي بأننا عثرنا عليه. لكنني لم أسمح لأولاده ولا لأي شخص آخر برؤيته. ثم قمنا بدفن قطعة اللحم تلك على أساس أنها ولدي".         

الموت عن طريق جهاز التحكم عن بعد

أثارت اهتمامي مقالة نشرتها صحيفة "لوموند". تتحدث عن صحوة ضمير عند عسكري أميركي قرر، وهو جالس في غرفته المكيفة في الولايات المتحدة، أن ينهي حياة طفل على مسافة عشرة آلاف كم، عبر استهدافه بواسطة طائرة بدون طيار. أجل. فهذا المنتج التكنولوجي الجهنمي العامل في خدمة الموت هو الطائرة بدون طيار والتي يطلقون عليها أسماء تثير القشعريرة في الجسم من نوع "الطائرة المفترسة" و"الطائرة الخفية" و"الطائرة الحاصدة". وكما هو معروف، فإن الطائرات بدون طيار تستخدم الآن أكثر فأكثر. والقصة التي سنرويها هي قصة "خطأ في التنفيذ" بين عشرات الأخطاء المشابهة. فبرادون بريانت كان مسؤولاً عن تشغيل طائرة بدون طيار يعمل في إحدى الوحدات الخاصة في القوات الجوية الأميركية. وقد قتل، من مركزه في ولاية نيو مكسيكو عشرات الأشخاص قبل أن يأتي اليوم الذي قرر التوقف فيه عن أفعاله. لأكثر من خمس سنوات عمل بريانت داخل مستوعب بحجم غرفة صغيرة بلا نوافذ وعلى درجة حرارة ثابتة (17 درجة مئوية". وكان يكفيه أن يضغط على زر من مستوعبه في نيو مكسيكو ليقتل أشخاصاً في الجانب الآخر من العالم. في داخل المستوعب أجهزة كومبيوتر تطلق هديرها الخافت. إنها تشكل دماغ الطائرة بدون طيار. ويتذكر برادون بدقة كبيرة الأشكال الشبيهة بالرقم 8  التي كانت ترسمها طائرته في سماء أفغانستان الواقعة على بعد عشرة آلاف كم من المكان الذي كان يجلس فيه. في عدسة منظار الطائرة، يتذكر أنه رأى منزلاً من الطين يشتمل على حظيرة للماعز. وعندما تلقى الأمر بإطلاق النار، ضغط برادون على زر بيده اليسرى فتم تحديد سطح المنزل باللايزر. أما الشخص الجالس إلى جانبه فأطلق النار عن طريق جهاز التحكم. وفي غضون ما لا يزيد عن سبع ثوان، لا يظهر أي إنسان في المكان. فجأة، يظهر طفل وهو يركض عند زاوية المنزل. في لحظة الانفجار، يحدث اصطدام بين عالم برادون الافتراضي والعالم الواقعي لقرية تقع بين باغلان ومزار شريف، يرى برادون ضوءأً يلمع على الشاشة: إنه الانفجار. تنهار أجزاء من المنزل، ثم يختفي الصبي من المشهد. يشعر برادون بانقباض في معدته ويسأل زميله الجالس إلى جانبه: "هل قتلنا الطفل؟".. ويأتيه الجواب: "أظن أنه كان طفلاً". ويستمران بالتساؤل عبر نافذة الرسائل الفورية التي تظهر بجانب الشاشة: "هل كان طفلاً ؟". وهنا يتدخل شخص لا يعرفانه، شخص كان يتابع الهجوم الذي قاما بتنفيذه من أحد مراكز القيادة العسكرية. ويقول: "لا، كان كلباً" (4).        

الموت على يد قناص في مخبأ


فيلم "القناص الأميركي" لـ "كلينت إستوود" يثير الجدل منذ اللحظة التي عرض فيها هذا الأخير قصة رجل أميركي من الطبقة الوسطى في تكساس هو كريس كايل الذي يعتبر أن من الطبيعي للمرء أن ينخرط في الجيش من أجل الدفاع عن بلده وقيمه في وجه أعدائه الجدد الذين يقتلون باسم الإسلام. يروي إستوود القصة الحقيقية عن قناص أميركي قتل أكثر من 160 شخصاً في العراق. وقد ثار جدل حول الموضوع بسبب اتهام مخرج الفيلم بالدعاية للجيش الأميركي. ومع هذا، فإن فيلم "القناص الأميركي" يظل فيلماً من النوع الذي يخفي خلفه شعاراً وطنياً يمجد الحرب والعنف.

تدور أحداث الفيلم حول كريس كايل الذي يقدم بصفته "أكبر قاتل في الولايات المتحدة". فهو قناص غير عادي قتل أكثر من 160 شخصاً خلال مهمات قام بتنفيذها في العراق. الفيلم يعبر عن التوجهات المتشددة في الحزب الجمهوري والتي يمكن لـ "سارة بيلين" أو "جورج بوش الابن" أن يشكلا ضمانة لرواجه ونجاحه. ولا يعترض الفيلم على الأسباب المريبة التي أدت إلى غزو العراق، إذ أنه يقدم كريس كايل على أنه بطل أميركي حقيقي، كراع ناضل طيلة حياته من أجل حماية أغنامه، أي أسرته، وخصوصاً وطنه الأميركي المقدس. أليس انه قتل 160 شخصاً خلال المهمات الأربع التي قام بتنفيذها في العراق؟       

القتل دون احتكاك بين القاتل والمقتول. عودة اللاإنسانية الجديدة
جريمة

قناص مريض نفسياً من قوات النخبة

آريان نيكولاس التي كانت وراء فكرة فيلم كلينت إستوود تتساءل حول هوية هذا القناص. أرملته تصفه بأنه كان "رجلاً بوجوه متعددة ... وبأنه كان يعرف سريرتها كما لا يعرفها أي شخص آخر". فكريس كايل، القناص السابق في الجيش الأميركي والذي قتل عام 2013 عن عمر 38 عاماً هو ما تدور حوله قصة فيلم إستوود. وقد عاش حياته بين اهتمامين مختلفين. فمن جهة، عمله كقناص ينتمي إلى قوات النخبة العاملة في العراق، وبهذا العمل اشتهر بوصفه أفضل قناص في تاريخ الولايات المتحدة. ومن جهة أخرى، سعيه لأن تكون له حياة عائلية هادئة في تكساس بعد أن أمضى عشر سنوات وهو يمارس أعمال القتل. كان في الرابعة والعشرين من عمره عندما انخرط في صفوف الجيش. ولم يلبث أن تميز بتصميمه وقدراته الجسمانية. التحق بعدها بفريق "الفقمات" في البحرية الأميركية. إنه عبارة عن كتلة جليد بطول 1.88 سنتم تزن 110 كلغ. يقوم بتنفيذ عدة عمليات سرية في مجال الدفاع قبل أن يقذف به بوصفه قناصاً مرة إلى أفغانستان، وأربع مرات إلى العراق.

أولى عمليات القتل التي قام بتنفيذها بنجاح، بحسب وصفه، تعود إلى شهر أيار 2003. ومجموع العمليات التي نفذها يصل إلى 160 عملية. ولكن البعض رفع الرقم، ولكن بشكل غير رسمي، إلى ضعفي هذا العدد. فكريس كايل لا يخفي كونه شخصاً يحب الحرب. وعندما تسأله صحافية أميركية عما إذا كان يشعر بالندم لأنه قتل كل هذا العدد من الناس، يجيبها بدم بارد: "لا، أبداً... ارتكبت الكثير من الخطايا في حياتي. وعندما انتقل إلى جوار الرب، سيكون عليَّ أن أحدثه عن أمور كثيرة. ولكن قيامي بقتل هؤلاء الناس لن يكون في عداد تلك الأمور". وهو يذهب إلى أبعد من ذلك في مقابلة أجرتها معه صحيفة "د. ماغازين" التي تصدر في تكساس : "أنا متأسف لأنني لم أتمكن من قتل عدد أكبر منهم قبل أن يقتلوا أصحابي".

المحاكمة الأخلاقية لهذا المجرم المريض اجتماعياً

بعد المدائح الصادرة عن ذوي التفكير الرشيد، يحدث لحسن الحظ أن أشخاصاً يتحدثون عن "لاإنسانية" هذا القاتل. لوران دوريه يقدم عشرة أسباب يفسر بها مقته لهذا الفيلم: "هذا الفيلم لا يكتفي بعدم إنكار شرعية الحرب على العراق، بل يصل ايضاً إلى حد اعتبار هذه الحرب مشروعة وعادلة. الفيلم هو عبارة عن عملية تمجيد لكريس كايل، "أفضل قناص في تاريخ أميركا العسكري". هذا "البطل القومي" هو في الحقيقة قاتل مريض اجتماعياً لم تظهر عليه أية أعراض لأزمة الضمير بسبب ارتكاباته في العراق. والأسوأ من ذلك أن كريس كايل يقول في سيرته الذاتية وفيما أجري معه من مقابلات عامة بأنه تلذذ كثيراً بمشاركته في تلك الحرب. وهو يؤكد أن ذلك "كان مسلياً" ويتأسف لأنه لم يقتل المزيد من "المتوحشين" (ينظر إلى الثوار على أنهم جديرون بالاحتقار ويجسدون الشر). وفي المقابلة التي أجراها معه بيل أوريلي (المعلق اليميني المتطرف في فوكس نيوز) يقول في معرض كلامه عن خصوم الولايات المتحدة في العراق: "من الضروري عدم النظر إليهم على أنهم كائنات بشرية". ومن اقواله المشهودة الأخرى: "أنا لا أطلق النار على الأشخاص الذين يحملون مصحفاً. لكنني أحب أن أفعل ذلك، وإن كنت لا أفعله" (7).        

ويتابع لوران دوريه: "يعتمد الفيلم على الفكرة التي سادت لفترة في ظل إدارة بوش ويشدد على وجود علاقة بين هجمات 11/9 والحرب على العراق". إنه فيلم قومي متعصب ورجعي يمجد الولايات المتحدة وجيشها وعلمها كما يمجد العائلة والعلم الأميركي والدين (المسيحي) والأسلحة النارية والصيد ورعاة البقر ومباريات ركوب الثيران وكرة القدم الأميركية... وهو يهدف بوضوح إلى إعادة رفع معنويات الأميركيين وإقناعهم تحديداً بأن الحرب على العراق لم تكن بلا معنى وأن الجنود الأميركيين لم يموتوا دون طائل. كما يندرج الفيلم في سياق التصورات والإيديولوجيا المرتبطة بالنظرية الخطرة عن "صدام الحضارات".

ويضيف: "ما الذي يبرر وجود جنود أميركيين فوق الأراضي العراقية؟ لا يقول الفيلم شيئاً عن كريس كايل بوصفه كاذباً. فهذا الرجل الذي يقدم نفسه على أنه "محارب صليبي باسم الرب" يقول بأنه قتل حوالي ثلاثين شخصاً ممن شاركوا في أعمال النهب في نيو أورليان عام 2005 بعد إعصار كاترينا. بدلاً من امتداح قاتل مريض اجتماعياً لمع نجمه في حرب غير مشروعة وغير أخلاقية، وبدلاً من تلميع صورة الولايات المتحدة وسياستها الخارجية الإجرامية، كان يحسن بكلينت إيستوود وبهوليود عموماً أن يصنعا أفلاماً عن ابطال اميركيين حقيقيين من أمثال شيلزيا مانينغ وجون كيرياكو وإدوارد سنودن".      
برينو إيشر أجرى مقابلة مع مخرج فيلم كلينت إستوود. وهذا بعض من الأفكار التي باح بها إليه: "كل شيء كان سهلاً ومسلياً بشكل مدهش. أردت أن أصور العنف الذي انغمس فيه فتية صغار السن ثم لم يخرجوا منه. فالفيلم يستكشف التوازن بين ما يجري هناك، في ذلك البلد الأجنبي الذي ذهب إليه الجنود، وبين ما يجري داخل بلدهم... أسباب الحروب سياسية على الدوام، وقد تكون أحياناً نتيجة لأخطاء جسيمة. لكن ذلك يتجاوز قدراتنا ويحدث فينا نوعاً من الانجذاب إلى العنف. كثيراً ما سمعت القول بأننا أرسلنا جيشاً إلى ذلك البلد من أجل النفط. لكن هذه الحرب كلفتنا مليارات الدولارات وألوف القتلى، أي أكثر كثيراً مما كنا سندفعه لو أننا اشترينا النفط".

المعالج النفسي يسأل القاتل عما إذا كان يصعب عليه تحمل ذكرى الـ 160 ضحية الذين قتلهم، فيجيب: " لا، ما يقض مضجعي هو جميع الأصحاب الذين لم أتمكن من إنقاذهم".

نجد في هذا الفيلم كل ما تصبو إليه طبقة من يعتبرون أنفسهم فوق جنس البشر. نجد قناعاتهم بخصوص مفهومي الخير (حماية الأصدقاء والوطن) والشر (من الآخرين الذين هم دون مستوى البشر ولا يتمتعون بأية قيمة). الحروب التي يشنها الغرب بكل ما تتيحه التكنولوجيا من وسائل هي حروب ظالمة ومنافية للأخلاق. حروب غير متكافئة بنسبة 1 إلى ألف. وهي توغل في اللاأخلاقية مع استخدام الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار ومنفذي أعمال القتل دون أي وازع من ضمير. يقتلون الخصم دون أن يعرفوه ويشعرون بالرضا عن أنفسهم لأنهم قاموا بالواجب ولأنهم يتصرفون كوطنيين. في المعسكر الآخر، لا شيء غير الرعب والدم والدموع والدمار والناس الذين سرقت منهم الحياة. نحن نعيش بالتأكيد زمناً بلا معقولية. لقد وصلنا إلى اللاإنسانية الجديدة.     
2015-05-04