ارشيف من :آراء وتحليلات

ماذا وراء محاكمة ’قضية’ القرن في الجزائر

ماذا وراء محاكمة ’قضية’ القرن في الجزائر

عادت قضية رجل الأعمال الجزائري عبد المؤمن رفيق الخليفة إلى واجهة الأحداث في بلد المليون شهيد، بعد أن نظرت محكمة البليدة في هذه القضية التي تعتبر أكبر فضيحة فساد عرفتها الجزائر في تاريخها الحديث. فالخليفة كان واحدا من أهم رجال الأعمال في الجزائر إن لم يكن أهمهم، فقد استثمر في جميع المجالات بما في ذلك الطيران المدني ونافست شركة طيرانه الخطوط الجوية الجزائرية (الشركة الوطنية).

وكوَّن الرجل بعد سنوات معدودة من النشاط، وفي ظرف قياسي، ثروة هائلة وامبراطورية ضخمة كانت محل شكوك. وكانت لعبد المؤمن الخليفة ارتباطات بجهات رسمية جزائرية فاعلة وشخصيات وازنة قيل أنها سهلت له عددا من المعاملات المالية وبعض هؤلاء كان شريكا مباشرا له في أنشطته التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وبلغت عنفوانها مع بداية الألفية الثالثة مع حالة الاستقرار التي بدأت تشهدها الجزائر بعد العشرية السوداء الدموية لتسعينيات القرن الماضي.


ماذا وراء محاكمة ’قضية’ القرن في الجزائر
العلم الجزائري

السقوط المدوي

وفجأة سقط عبد المؤمن الخليفة سقوطا مدويا ولم يشفع له مصرفه الضخم الذي كانت تحوم حوله شبهة تبييض الأموال، ولا شركة طيرانه العملاقة ولا باقي مؤسساته. وكان سقوطه متوقعا نتيجة لصراعات بين مراكز قوى متعددة تتنافس على الهيمنة على القرار في بلد المليون شهيد.
وحكم على عبد المؤمن رفيق الخليفة بالسجن المؤبد سنة 2007 وأعيدت محاكمته في سنة 2003 لكن من يقفون وراءه ومن سهلوا له المعاملات لم تطلهم يد العدالة وما زالوا طلقاء. وذهب الخليفة لوحده ضحية الخسائر المالية الفادحة التي تكبدتها الدولة الجزائرية والتي قدرت بنحو خمسة مليارات من الدولارات ووجهت له تهم تتعلق بالنصب والاحتيال واستغلال الثقة وتزوير الوثائق.

حسابات سياسية


ويرجح عدد من الخبراء والمحللين بأن إعادة هذا الملف إلى الواجهة في هذا الظرف الهدف منه هو إلهاء الرأي العام لتمرير قانون ما أو تعديل دستوري لا يحظى بالقبول من قبل شرائح واسعة من الرأي العام الجزائري. كما تتوجه أصابع اتهام البعض إلى جهة خارجية ترغب في زعزعة الاستقرار في الجزائر من خلال إثارة ملف كان سببا في السجال بين السياسيين وخلق أزمة عميقة وعداوات بين الأطراف وهدد السلم الأهلي.
ويُعتقد أن إثارة هذا الملف مجددا سببه صراعات داخلية وإعادة تموضع لبعض الأطراف على حساب أطراف أخرى خاصة وقد بدأت لدى البعض، وبصورة مبكرة، مرحلة الاستعداد لما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وترغب غاللبيةالأطراف في أن يكون الرئيس القادم مقربا منها طيِّعا لأجنداتها، وفق ما تؤكده مصادر مطلعة لموقع العهد الاخباري ، وتعتبر ملفات الفساد التي يتورط فيها مسؤولون كبارا خير وسيلة لإعادة التموقع و"تقزيم الخصوم".

توقعات

لذلك فإنه من المتوقع، وحسب المصادر أن تتم إثارة ملفات فساد أخرى خلال المرحلة القادمة وكلما اقترب الاستحقاق الرئاسي، ما لم تتدخل جهة داخلية قوية وفاعلة تضغط على الجميع لإيقاف هذا المسلسل المتوقع. فالخليفة الذي تحمل لوحده وزر فساد مرحلة العشرية السوداء وما تلاها ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد وما خفي أعظم في هذا البلد المغربي الغني والمترامي.

ولا تتوقع المصادر التي رفضت الكشف عن اسمه أن يتم الاعلان عن أسماء "القطط السمان" لأن تسويات سياسية ستحصل في الأفق الهدف منها إرضاء أطراف بعينها. وعلى غرار ما يحصل في عديد البلدان العربية والغربية في بعض الأحيان سيوجد دائما كبش فداء يتحمل لوحده وزر الأخطاء والصراعات تتم التضحية به وعبد المؤمن رفيق الخليفة هو أحد هؤلاء.
2015-05-05