ارشيف من :ترجمات ودراسات

الآلاف من ’الإخوة غواشي’ يعيثون قتلاً وتدميراً في شمال سوريا بمساعدة الغرب

الآلاف من ’الإخوة غواشي’ يعيثون قتلاً وتدميراً في شمال سوريا بمساعدة الغرب

الكاتب    Bahar Kimyongür
عن موقع   Investig’Action  الالكتروني
28 نيسان 2015

لم يعد هناك مجال للشك في الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة الأميركية للإرهاب "الجهادي"  في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي، وإلى أحد قيادييه السعودي أسامة بن لادن. هذه الحقيقة هي غيض من فيض العموميات التي يرددها الناس العاديون في نقاشاتهم في المقهى أو إلى جانب المدفأة دون أن تلقى استغراباً من أحد. أما التعاون الميكيافيلي بين همج واشنطن وحلفائهم "السنة" في مجلس التعاون الخليجي وتركيا وتنظيم القاعدة، فينظر إليه اليوم كأمر عادي تماماً. ولكن الانتباه ضروري لأن لهيب النار يسير أيضاً في الوجهة المعاكسة، ولأن سوريا هي في منتصف الطريق بين باريس وكابول.   


"مجرد مجزرة صغيرة" في شارلي إيبدو خلفت 12 قتيلاً. صغيرة حقاً بالمقارنة مع عشرات الألوف من العرب الذين يسقطون ضحايا الإرهاب والحرب في الشرق الأوسط... والرئيس فرانسوا هولاند يصرح بأن "الألم يعتصر فؤاده".

منذ أربع سنوات، وقلب السوريين يمزقه الرصاص. الرصاص نفسه الذي قتل هيئة التحرير في مجلة "شارلي إيبدو". وخلال الأسابيع الأخيرة وحدها، قتل المئات من المدنيين والعسكريين السوريين في حلب وإدلب في الشمال، وفي حماة في الوسط، وفي درعا جنوباً.
ومنذ أكثر من شهر وقلب اليمنيين ينزف دماً بدوره. هذا البلد الواقع في الطرف الجنوبي لشبه الجزيرة العربية ممسوك من خناقه كما بين فكي كماشة بين "تحالف سني" في الجو تقوده المملكة السعودية و "تحالف سني" على الأرض" يقوده تنظيم "القاعدة".

مرتكبو مجزرة باريس، الأخوان غواشي، أعلنوا انتماءهم تحديداً إلى تنظيم "القاعدة" في اليمن، تلك المنظمة الإرهابية المدعومة من قبل مجلس التعاون الخليجي المتحالف من جهته مع الناتو ضد القوى الوطنية اليمنية.
وفي الوقت نفسه، "تحالف سني" آخر تقوده جبهة "النصرة"، الفرع السوري لتنظيم "القاعدة"، يشن هجوماً لا سابق له في الشمال السوري انطلاقاً من الأراضي التركية.

الآلاف من ’الإخوة غواشي’ يعيثون قتلاً وتدميراً في شمال سوريا بمساعدة الغرب
الدمار في سوريا

خلال أقل من شهر واحد، استولى هذا التحالف الذي يطلق على نفسه اسم "جيش الفتح" على مدينتين استراتيجيتين تقعان على بعد كيلومترات قليلة من تركيا: إدلب وجسر الشغور.
فقد هجم آلاف الإخوان غواشي القادمين من إنطاكية الواقعة خلف الحدود التركية على محافظة إدلب. وكانوا مسلحين بصواريخ أميركية مضادة للدبابات من نوع "تاو" وبصواريخ أميركية مضادة للطائرات من نوع "مانباد".

ما الذي يمكنه أن يوقف هذا الجيش من الإرهابيين الذي يدمر كل شيء في طريقه بواسطة عمليات انتحارية مكثفة ؟   

وحدها حركة سيارات الإسعاف التركية التي تنقل الإرهابيين إلى مستشفيات إنطاكيا هي التي تشهد على انخراط أردوغان في المعارك التي تدور رحاها في إدلب.
وهناك ايضاً مؤشرات واضحة على انخراط مباشر من قبل الولايات المتحدة على المستويين اللوجستي والاستراتيجي. فالواقع أن غزو الشمال السوري من قبل جبهة النصرة يأتي متزامناً مع شروع واشنطن وأنقرة بتنفيذ برنامج لتدريب " المتمردين السوريين المعتدلين" ("معتدلين" بالقياس إلى داعش) في ثكنات قوى الأمن التركية.

هذا البرنامج المسمى "تدريب وتجهيز" أثار غضب أهالي إنطاكيا الذين تظاهروا يوم السبت ورفعوا الأعلام السورية وصور الرئيس الأسد.
ويجمع الخبراء في الاستراتيجيا العسكرية على أن السبب في نجاح "جيش الفتح" المرتبط بالقاعدة في شمال سوريا هو المصالحة التي جرت بين السلطان التركي أردوغان، والملك السعودي سلمان، والأمير القطري تميم. وهذا يكشف عن العلاقات العميقة بين تنظيم بن لادن وحلفاء الغرب "السنة" *.
كما يؤكد الفكرة القائلة بأن التنظيم الهمجي الذي دمر البرجين التوأمين في نيويورك عام 2001، وأهرق الدم في كل من مدريد، عام 2004، ولندن، عام 2005، وباريس في عام 2005 ثم في عام 2015، هو حليف للغرب ضد جميع الدول والكيانات الرافضة للهيمنة في الشرق الأوسط، أي سوريا وإيران واليمن وحزب الله. 
  
تذكير بسيط لكل "الناس الطيبين" الذين يعتبرون أن وجود تنظيم "القاعدة" في سوريا هو أهون الشرين: الإرهابيون الذين يسيطرون الآن على جسر الشغور نفذوا عمليات إعدام  وارتكبوا الفظاعات في جميع مناطق ريف إدلب.
كما سبق لهم وهاجموا الشاطئ السوري في 4 آب / أغسطس 2013، وقتلوا أو أسروا المئات من سكان القرى العلوية في محافظة اللاذقية. وقد نشرت هيومان رايت ووتش تقريراً مفجعاً عن ذلك بعنوان " يمكننا مشاهدة دمائهم حتى الآن".
  
وفي ربيع العام 2014، احتلوا ونهبوا قرية كسب الأرمنية في ريف اللاذقية قبل أن يطردهم منها الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني.
وقبل أيام تعرضت قرية "إستبرق" في ريف إدلب لغارة قام بها الإرهابيون. وذكر الناجون من سكان تلك القرية التي أصبحت الآن خالية من سكانها أن جبهة النصرة (القاعدة في سوريا) قد ارتكبت مجزرة راح ضحيتها ثلاثون مدنياً أكثرهم من الشيوخ والأطفال. أما جريمة الضحايا فهي ببساطة كونهم من العلويين، أي من "النصيرية الكفار"، وفق تعبير القتلة. أهلاً بكم في سوريا "المحررة" على يد تنظيم "القاعدة"!

----------------

 وضعنا كلمة "سنة" بين مزدوجين لسببين : الأول هو أن دولاً سنية لا تعتبر نفسها ممثلة في التحالف السعودي. فالجزائر السنية، وسلطنة عمان وهي عضو في مجلس التعاون الخليجي، لا تشاركا في التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب على اليمن. والثاني، هو أن كل من تستهدفهم مختلف التحالفات التي تقودها السعودية هم من السنة. فالجيش السوري يتكون بغالبيته من جنود من السنة، كما أن العديد من القبائل السنية في اليمن متحالفة مع الحوثيين.
2015-05-13