ارشيف من :عيد المقاومة والتحرير
إنه عيد الأمة..
نديم سلسيلي - كاتب مصري
(1)
"إننا في حزب الله لا نُوفِّر أولادنا للمستقبل. نفخر بأولادنا؛ عندما يذهبون إلى الخطوط الأمامية؛ ونرفع رؤوسنا عالياً بأولادنا؛ عندما يسقطون شهداء"..
السيد "نصر الله" وكل ما فيه " حسن" ..
(2)
12/9/1997
في زمن المشاعر البِكر هذا، كنتُ مواظباً على الاستماع إلى إذاعة " مونتِ كارلو "الباريسية؛ وفي وقت متأخر من مساء تلك الليلة، كنتُ على موعد مع ما بدا لي مُعجزة، بمقاييسنا العربية المُعتادة. إذ بثَّت الإذاعة خبراً عن استشهاد نجل الأمين العام لحزب الله اللبناني؛ السيد حسن نصر الله؛ في معركة مع قوات الاحتلال" الإسرائيلي "ضمن نطاق" الجبل الرفيع" في "إقليم التفاح".
كان الخبر برُمته غريباً، على نحو صادم. فقد اعتدنا في وطننا العربي عامةً؛ وفي لبنان " الصغير" على نحو خاص (حيث "المحاصصة الطائفية" ، مُدَستَرة، منذ الاستقلال !) أن يتمتع أبناء المسؤولين بحظوة خاصة؛ تجعلهم أبعد ما يكونوا عن مَوَاطن الخطر؛ استعداداً لإرثهم المستقبلي، فكيف بهم في موقع متقدم لقتال متلاحم مع العدو؟ !
(3)
تحتاج أن تكون "رجلاً " من طراز السيد نصر الله؛ حتى يُمكنك أن تتجاوز مخاوفك الطبيعية على حياة ابنك البِكْرَ؛ ذي الخمسة عشر ربيعاً ( "طفل" في الصف الثالث الإعدادي ، بمقاييسنا المصرية التي تُمعن في تدليل الأولاد الذكور بلا أي منطق؛ فتستجيب لرغبته الجارفة في الالتحاق برَكْبِ البطولة، والانخراط في التنظيم العسكري للمقاومة. حيث الخطر يتهدده في كل دقيقة. ما جعلني منذ ذلك الزمن البعيد؛ أسيراً لحب " السيد"؛ الذي تعالى على مشاعر "الأب الرحيم" لصالح روحية "القائد" الذي ينشُد العدل المُطلَق، كممر إجباري، نجح في صنع هذا الكيان الجليل حقاً و صدقاً.
وإذ يُبلي الابن بلاءً حسناً؛ يُختار من بين نُخبة المقاتلين لينضم إلى صفوف "الوِحدة الخاصة" . وقبل أسبوع واحد فقط من يوم ميلاده الثامن عشر؛ يرتقي "العريس" شهيداً؛ ( بعد خمسة أشهر على عقد قرانه. فيكظم "الأب" الحاني، الذي أُثكِل في بِكرِه، حزنه الكبير، ليُخاطب عوائل الشهداء؛ في يومهم: "إنني أشكر الله سبحانه وتعالى على عظيم نِعَمِه، أن تطلَّع ونظر نظرة كريمة؛ إلى عائلتي؛ فاختار منها شهيداً .
ولا يكتمل " قوس المحبة" بغير الاحترام والتقدير وهما هنا لهما محل كامل من الإعراب: العدو يحتفظ بجثمان الشهيد؛ للمساومة به. تسعة أشهر كاملة؛ حاول العدو خلالها الرهان؛ بقسوة مُفرطة؛ على قلب الأب الرحيم، فأراد العدو مُبادلة جثمان الشهيد؛ ببقايا جثة رقيب، في وحدة من قوة الكوماندوز التابعة للعدو، لكن "السيد" لم يكن قابلاً للابتزاز؛ على أي نحو كان. فقرَّر بحسم أن جثة جندي العدو النافق ستبقى بحوزة المقاومة؛ حتى يتم الإفراج عن أسراها الأحياء؛ وجثامين الشهداء. وهو ما تم بالفعل في 25/6/1998؛ وعاد جثمان الابن الشهيد بصحبة جثامين رفاقه. و لا أنسى هذا المشهد الموجع و" السيد" يستقبل جثامين الشهداء، فيتوقف عند جثمان الابن الشهيد، مُربتاً عليه بحُنو الأب الذي لا يريد أن يوقظِه من نومه الهنيء، و هامساً في مسامع روحه بكلمات، لا أخال أن أحداً بإمكانه تخمينها.
(4)
غداة تحرير الجنوب؛ صيف عام 2000؛ ذهب الأستاذ محمد عبد القدوس (الصحافي "الإخواني" المعروف) إلى بيروت ليُجري لصحيفة "العربي" الناصرية؛ حواراً مع السيد نصر الله. وبطريقته التي لا تخلو من سطحية، لم يتورع "عبد القدوس" عن سؤال "السيد نصر الله" - في تمام انتصاره - عما إذا كان الشيعة(كما يَرُوج عنهم، في بعض الأوساط التي " اكتشفت "سُنيتها" قريباً) لا يؤمنون بنبوة النبي الأكرم محمد (ص) ؟! فتبسَّم " السيد" نافياً بالكُلية هذا السخَف؛ لافتاً إلى أنه رُزق بأربعة أولاد جميعهم اسمهم "محمد" وهم : "محمد هادي" ( الشهيد) و "محمد جواد" و "محمد علي" و أخيراً "محمد مهدي" !
(5)
يا معشر الناقمين و الحاقدين و الطائفيين، هلّا أنصفتموه من أنفسكم : مَنْ لم يُخبىء ابنه البِك ، ليرثه في عُمر قادم، وقدَّمه شهيداً؛ على مذبح التحرير ، وهو ابن الثامنة عشرة ربيعاً، فليتقدم وليرمِ " السيد"، أبا الشهيد، بحجر! #25_أيّار_ليس_عيداً_طائفياً_بل_عِيدُ_أُّمة
(1)
"إننا في حزب الله لا نُوفِّر أولادنا للمستقبل. نفخر بأولادنا؛ عندما يذهبون إلى الخطوط الأمامية؛ ونرفع رؤوسنا عالياً بأولادنا؛ عندما يسقطون شهداء"..
السيد "نصر الله" وكل ما فيه " حسن" ..
(2)
12/9/1997
في زمن المشاعر البِكر هذا، كنتُ مواظباً على الاستماع إلى إذاعة " مونتِ كارلو "الباريسية؛ وفي وقت متأخر من مساء تلك الليلة، كنتُ على موعد مع ما بدا لي مُعجزة، بمقاييسنا العربية المُعتادة. إذ بثَّت الإذاعة خبراً عن استشهاد نجل الأمين العام لحزب الله اللبناني؛ السيد حسن نصر الله؛ في معركة مع قوات الاحتلال" الإسرائيلي "ضمن نطاق" الجبل الرفيع" في "إقليم التفاح".
كان الخبر برُمته غريباً، على نحو صادم. فقد اعتدنا في وطننا العربي عامةً؛ وفي لبنان " الصغير" على نحو خاص (حيث "المحاصصة الطائفية" ، مُدَستَرة، منذ الاستقلال !) أن يتمتع أبناء المسؤولين بحظوة خاصة؛ تجعلهم أبعد ما يكونوا عن مَوَاطن الخطر؛ استعداداً لإرثهم المستقبلي، فكيف بهم في موقع متقدم لقتال متلاحم مع العدو؟ !
(3)
تحتاج أن تكون "رجلاً " من طراز السيد نصر الله؛ حتى يُمكنك أن تتجاوز مخاوفك الطبيعية على حياة ابنك البِكْرَ؛ ذي الخمسة عشر ربيعاً ( "طفل" في الصف الثالث الإعدادي ، بمقاييسنا المصرية التي تُمعن في تدليل الأولاد الذكور بلا أي منطق؛ فتستجيب لرغبته الجارفة في الالتحاق برَكْبِ البطولة، والانخراط في التنظيم العسكري للمقاومة. حيث الخطر يتهدده في كل دقيقة. ما جعلني منذ ذلك الزمن البعيد؛ أسيراً لحب " السيد"؛ الذي تعالى على مشاعر "الأب الرحيم" لصالح روحية "القائد" الذي ينشُد العدل المُطلَق، كممر إجباري، نجح في صنع هذا الكيان الجليل حقاً و صدقاً.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله
وإذ يُبلي الابن بلاءً حسناً؛ يُختار من بين نُخبة المقاتلين لينضم إلى صفوف "الوِحدة الخاصة" . وقبل أسبوع واحد فقط من يوم ميلاده الثامن عشر؛ يرتقي "العريس" شهيداً؛ ( بعد خمسة أشهر على عقد قرانه. فيكظم "الأب" الحاني، الذي أُثكِل في بِكرِه، حزنه الكبير، ليُخاطب عوائل الشهداء؛ في يومهم: "إنني أشكر الله سبحانه وتعالى على عظيم نِعَمِه، أن تطلَّع ونظر نظرة كريمة؛ إلى عائلتي؛ فاختار منها شهيداً .
ولا يكتمل " قوس المحبة" بغير الاحترام والتقدير وهما هنا لهما محل كامل من الإعراب: العدو يحتفظ بجثمان الشهيد؛ للمساومة به. تسعة أشهر كاملة؛ حاول العدو خلالها الرهان؛ بقسوة مُفرطة؛ على قلب الأب الرحيم، فأراد العدو مُبادلة جثمان الشهيد؛ ببقايا جثة رقيب، في وحدة من قوة الكوماندوز التابعة للعدو، لكن "السيد" لم يكن قابلاً للابتزاز؛ على أي نحو كان. فقرَّر بحسم أن جثة جندي العدو النافق ستبقى بحوزة المقاومة؛ حتى يتم الإفراج عن أسراها الأحياء؛ وجثامين الشهداء. وهو ما تم بالفعل في 25/6/1998؛ وعاد جثمان الابن الشهيد بصحبة جثامين رفاقه. و لا أنسى هذا المشهد الموجع و" السيد" يستقبل جثامين الشهداء، فيتوقف عند جثمان الابن الشهيد، مُربتاً عليه بحُنو الأب الذي لا يريد أن يوقظِه من نومه الهنيء، و هامساً في مسامع روحه بكلمات، لا أخال أن أحداً بإمكانه تخمينها.
(4)
غداة تحرير الجنوب؛ صيف عام 2000؛ ذهب الأستاذ محمد عبد القدوس (الصحافي "الإخواني" المعروف) إلى بيروت ليُجري لصحيفة "العربي" الناصرية؛ حواراً مع السيد نصر الله. وبطريقته التي لا تخلو من سطحية، لم يتورع "عبد القدوس" عن سؤال "السيد نصر الله" - في تمام انتصاره - عما إذا كان الشيعة(كما يَرُوج عنهم، في بعض الأوساط التي " اكتشفت "سُنيتها" قريباً) لا يؤمنون بنبوة النبي الأكرم محمد (ص) ؟! فتبسَّم " السيد" نافياً بالكُلية هذا السخَف؛ لافتاً إلى أنه رُزق بأربعة أولاد جميعهم اسمهم "محمد" وهم : "محمد هادي" ( الشهيد) و "محمد جواد" و "محمد علي" و أخيراً "محمد مهدي" !
(5)
يا معشر الناقمين و الحاقدين و الطائفيين، هلّا أنصفتموه من أنفسكم : مَنْ لم يُخبىء ابنه البِك ، ليرثه في عُمر قادم، وقدَّمه شهيداً؛ على مذبح التحرير ، وهو ابن الثامنة عشرة ربيعاً، فليتقدم وليرمِ " السيد"، أبا الشهيد، بحجر! #25_أيّار_ليس_عيداً_طائفياً_بل_عِيدُ_أُّمة