ارشيف من :نقاط على الحروف
هل ينقذ أحد طائر ’تويتر’ من تغريدات الحريريّ؟!
لأن "اللي بغيّر عادتو بتقلّ سعادتو" لم يغيّر رئيس حزب "المستقبل" سعد الحريري عادته. من الرّياض غرّد حامي حمى السيادة والشرعية رداً على خطاب الأمين العام لحزب الله في ذكرى عيد التحرير. تغريدات لو استطاع طائر "تويتر" التعليق عليها لبكى بدل أن يزقزق. ذلك أن الانفصال عن الواقع أمر مؤلم، خاصة عندما تتعلّق أزمة الانفصال هذه بأحد رجال السياسة.
يريد الحريري أن "نفك ارتباط لبنان مع حرائق المنطقة". نعم فالامر بالنسبة اليه "في غاية السهولة". كيف؟ يجيب الرجل "نعود الى الدولة ونتوَحد على مرجعيتها ونقف جميعاً خلف الجيش والقوى الشرعية في حماية الحدود ومواجهة مخاطر الارهاب من اي جهة أتى". يحار القارئ فعلاً. كيف يمكن تبرير ما يقوله رئيس حزب "المستقبل"؟ هل يمكن اعتبار سفره المتواصل وبعده عن لبنان، سبباً لهذا الجهل بواقع المنطقة والظروف المحيطة بالوطن، أم أن المشكلة تتمثّل في تقصير من قبل مستشاريه الذين تقع على عاتقهم مهمة شرح الظروف المحيطة بلبنان ونقلها لرئيسهم؟ في كلتا الحالتين الأزمة واقعة. فالحريري يتصرّف على قاعدة أن لبنان يقع في احدى جزر المالديف.. ولا ينقصه سوى القول "الطقس جميل والجو بديع فلماذا أنتم مستنفرون"!
سعد الحريري مغرّداً على "تويتر"
"ما من شيء يمكن أن يحمي لبنان أقوى من وحدة اللبنانيين واجتماعهم على حصرية السلطة بيد الدولة"، يقول الحريري. تقتضي الموضوعية الاعتراف بأن جزءاً مما يقوله الرجل صحيح. ففي الوحدة قوّة، والسلطة من واجبها تسلم زمام المبادرة.
لكن بعيداً عن الشعارات والتنظير، عن أي وحدة يتكلّم الحريري، وهو لا ينفك بمساعدة نوابه واعلامه يهاجم فريقاً أساسياً في الوطن، يتعرّض لجمهوره، ومعتقداته وعقائده؟ وعن أي سلطة يتكلّم وهو ما انفك يرسم خطوطاً حمراً على تحرّكات الجيش اللبناني كلّما أراد ضرب الارهاب؟ ماذا كان موقف الحريري ونوابه وفريقه السياسي في معركة الجيش بمواجه الارهاب في عبرا؟ وما هو موقفه اليوم اذا أراد الجيش تحرير عرسال من الاحتلال التكفيري الارهابي؟ وأين كانت سلطة الدولة حين كان يدافع عن الارهابي أحمد الأسير ومجموعاته التكفيرية؟ وأين كانت سلطة الدولة عندما رعى وزير العدل أشرف ريفي ميليشيات الموت في طرابلس واعتبرهم أبناءه؟ واليوم، أين هي سلطة الدولة والدعوات لاحترام الحدود اللبنانية ونائب الشعب "المستقبليّ" عقاب صقر مختفٍ عن الأنظار؟ أم يعتقد صقر أن مزحته السّمجه عن الحليب والبطانيات لا تزال تنطلي على اللبنانيين؟ وتطول اللائحة من لطف الله واحد الى لطف الله 2 وحقائق كُشفت وأخرى لم تُكشف بعد عن تخطي الفريق الأزرق للدولة وحدود لبنان لمساعدة التكفيريين في سوريا.
اذاً، فليتوقف الحريري عن الشعارات البعيدة عن الواقع وليحدّثنا عن لبنان وواقعه والمخاطر المحيطة به. فماذا سيتصرّف لو أن "داعش" او "النصرة" استباحت كلّ سوريا؟ وما هي ضمانته؟ ماذا لو استفاق على رائحة الدماء على أبواب قصره في قريطم كما استفاق أبناء الموصل يوماً؟ كيف سيتصرّف؟ وهل سيقف على نافذة غرفته منادياً "أنا ابن الدولة والسلطة هنا فقط بيد الدولة؟".
وفيما يعاني الحريري حالة انفصال عن الواقع، قد يمكن معالجتها بجولة سياحية الى لبنان يتعرّف فيها الى حدوده حيث العدو الصهيوني الغادر من جهة، والعدو التكفيري الارهابي من جهة أخرى، تبقى مشكلة البعض الآخر، ممن استعان في رده على الخطاب بالشتائم، عصية على العلاج. فإن كان الطب قد أوجد علاجاً لأمراض كثيرة، بقيت معضلة افتقاد آداب الكلام، مشكلة أعيت من يداويها.