ارشيف من :آراء وتحليلات
دول وجماعات تكفيرية لتنفيذ المهام القذرة
السعودية و"داعش" تتسابقان نحو امتلاك السلاح النووي. والأكيد أن جهات إرهابية وتكفيرية أخرى، دولاً وتنظيمات، لن تتأخر في الانضمام إلى هذا السباق. هستيريا حقيقية لا تفسير لها غير خروج المنطقة من زمن الهزائم ودخولها زمن الانتصارات.
شيء لا يصدق. هل يمكن لمن عاشوا في الخمسينات والستينات، يوم النهوض القومي العربي الكبير، يوم كانت تخفق قلوب العرب على إيقاع ثورة الجزائر، وعنفوان بور سعيد، وعظمة "هنا القاهرة من دمشق"، هل يمكنهم أن يتصوروا كل هذا الموت الذي بات يضرب الانتماء إلى العروبة؟
هل يمكنهم أن يتصوروا الأفاعيل التي يفعلها اليوم عرب بعرب آخرين؟ قتلاً وتدميراً وتجويعاً وسبياً وهتكاً لكل شرف وكرامة؟
هل يمكنهم أن يتصوروا سعي بعض العرب إلى امتلاك سلاح نووي. لا لاستخدامه ضد العدو الصهيوني الذي اغتصب فلسطين واستباح حرماتها ومقدساتها وقتل شعبها وشرده بين المنافي القريبة والبعيدة ... ولا ضد العدو الأميركي أو الفرنسي أو البريطاني المسؤولين عن دماء عشرات الملايين من العرب في العراق والجزائر وغيرهما من البلدان والأمصار.
حلفاء استراتيجيون
لا ضدَّ أحد من هؤلاء، لأن هؤلاء أصبحوا اليوم أحبة وحلفاء استراتيجيين ! بل ضدّ أشقاء عرب، كل ذنبهم أنهم يسعون إلى التحرر وتحرير الشعوب العربية من الهيمنة الخارجية والاحتلال الإسرائيلي.
هلع هستيري يجمع الصهاينة والمتصهينين العرب نتيجة لانتصارات محور المقاومة |
أما اليوم، وتحديداً لأن إيران رفعت راية فلسطين، وتعمل من أجل تحرير القدس، ومن أجل أن يقرر أهل المنطقة مصير المنطقة، فإن هؤلاء العرب، سواء تسموا باسم "السعودية" أو باسم "داعش" يريدون الحصول على سلاح نووي. والكل يعرف أن النووي العربي لن يستخدم، فيما لو استخدم، إلا ضد العرب الحقيقيين وأصدقاء العرب الحقيقيين.
داعش
كيف أمكن للأمور أن تصل إلى هذا المستوى من الحقد والإجرام الذي تأخذه مثلاً حرب السعودية على اليمن، وحرب التكفيريين الذين ترعرعوا في كنف السعودية وحلفائها الإسرائيليين والغربيين على سوريا والعراق ولبنان، على طريق حربهم على جميع الأصقاع والبلدان ؟
وكيف نفهم كل هذا الغليان الحاقد الذي يأتي مباشرة بعد عقود من الهمود والاستكانة التي عاشتها المنطقة العربية طيلة فترة الاستسلام العربي أمام الكيان الصهيوني؟ وبأية معجزة تحول الذل العربي أمام "إسرائيل" إلى نخوة وحمية وشجاعة أمام إيران ومحور المقاومة !؟
الحلم العربي !
الإجابة على هذه التساؤلات بسيطة جداً: "انكسار الحلم العربي". مع التنويه بأن كلمة "عربي" يتطابق معناها هنا مع معناها في عبارة "التحالف العربي" الذي تقوده السعودية في حربها على اليمن، كفصل من فصول حروبها على كل مسعى تحرري في المنطقة وخارج المنطقة (من باب التحالف الاستراتيجي، تقوم السعودية بتمويل الكثير من حروب أميركا في أربع أقطار العالم).
ولكن ما هو ذلك الحلم العربي الذي انكسر؟ إنه الحلم بدوام الحال، الحال المتمثل باستقرار أوضاع المنطقة على ما هي عليه: مشايخ نفط أثرياء يحكمون ويبذخون على هواهم، ويشترون بالمال كل ما يشتهون. حتى الثورات والجيوش والشعوب. وفي المقابل، شعوب مقهورة وجائعة. ومشاريع أميركية وإسرائيلية تتحرك قدماً دون أي عائق.
بأية معجزة تحوَّل الذل العربي أمام "إسرائيل" إلى نخوة وحمية وشجاعة أمام إيران ومحور المقاومة !؟ |
لكن الإحساس بالأمان والاطمئنان يتبخر دفعة واحدة ويخلي المجال للهلع: هذا الجيش الذي احتفظ طيلة عقود بتفوقه المطلق على جميع الجيوش العربية مجتمعة، ووفر الإحساس بالأمان والاطمئنان لمشايخ النفط، فرَّ هارباً من لبنان عام 2000، تحت وقع ضربات المقاومة الإسلامية المحدودة الإمكانيات من حيث العديد والعدة.
ثم تطور الهلع إلى هستيريا مع هزيمة الجيش الصهيوني في صيف العام 2006، وخصوصاً مع عدم جرأته خلال السنوات اللاحقة على القيام بأية محاولة لاستعادة هيبته المفقودة.
الكيان الصهيوني يمتلك المئات من الرؤوس النووية. لكنه، ورغم كل ما يتمتع به من قذارة على المستوى الأخلاقي، وجد من يعفيه من تحمل التبعات الأخلاقية لمجازر ارتكبت بأسلحة تقليدية في دير ياسين وكفرقاسم وجنين وغزة وقانا وبحر البقر وصبرا وشاتيلا... فالسعودية وأخواتها و"داعش" وأخواتها يثبتون كل يوم استعدادهم الكامل لتنفيذ كل ما يطمح إليه الصهاينة وحماتهم من مهمات قذرة، بما فيها استخدام النووي.
وقد يستخدمونه فعلاً. لكنهم لن يضيفوا بذلك غير القتل والدمار بحق شعوب أصبح القتل والدمار بمثابة زادها اليومي. وسيفتحون على أنفسهم أبواب جهنم، وسيستمر مسار التاريخ نحو انتصار قضية العدل والحق.