ارشيف من :آراء وتحليلات

ما هي خلفيات دعوات ’المستقبل’ لتوسيع رقعة انتشار ’اليونيفيل’؟

ما هي خلفيات دعوات ’المستقبل’ لتوسيع رقعة انتشار ’اليونيفيل’؟
 توسيع رقعة انتشار "اليونيفيل" الى الحدود السورية، باتت لازمة بيانات كتلة "المستقبل" النيابية، لازمة يستحضرها التيار الازرق كلما انحشر فريقه المأزوم، ولا يتوانى عن تردادها عقب اجتماعه الاسبوعي، عبارات ممجوجة صارت جزءًا من "عدة" شغل 14 آذار السياسية، وشغلها الشاغل بهدف تدويل كل شيء في لبنان، من القضاء الى الامن وصولاً الى العسكر.

يستند التيار المأزوم والمطالب باتخاذ موقف من احتلال المسلحين لعرسال، في مطالباته المتكررة بانتشار "اليونيفيل" على الحدود السورية الى نص القرار 1701 وتحديداً الفقرة 14 منه وفق ما جاء في البيان الاخير لتكتله، فهل حقاً يصح هذا السند لمثل هذا الطلب، ثم ما هو نطاق عمل "اليونيفيل" وما هي طبيعة مهامها في لبنان، وماذا خلف هذه الدعوات المتكررة؟!.   

*بداية لا بد من الاشارة الى ان جميع الفقرات التمهيدية (10) والتنفيذية (19) في القرار 1701، تشير بوضوح الى "اسرائيل" وتتحدث عن "النزاع" معها وعن جنوب لبنان، ما يعني ان القرار الدولي واضح من حيث الحيز الجغرافي الواجب التطبيق، فهو يحدد نطاق عمل "اليونيفيل" بشكل لا يحتمل اللبس او التأويل حصراً في الجنوب، كما أن التمديد الجاري لليونيفيل سنة فسنة(وفق البند 16 من القرار) يحدد ارتباطه بلحظة تاريخية معينة وبحدث معين، كما أن النص جاء واضحاً لجهة تحديد مهام "اليونيفيل" وجميعها مرتبطة بـ"النزاع" الدائر مع "اسرائيل"، سواء لجهة مراقبة وقف العمليات القتالية، او مساندة انتشار الجيش في الجنوب، وعودة النازحين، أو اقامة منطقة خالية من "المسلحين" بين الليطاني والخط الازرق (وهنا ايضاً تحديد دقيق لمنطقة عمل "اليونيفل"، وحتى الفقرة (و) من البند 11 التي نصت على مساعدة الحكومة اللبنانية بناء على طلبها بتطبيق الفقرة 14، بتأمين حدودها والمداخل الأخرى لمنع دخول الاسلحة الى لبنان من دون موافقتها، جاءت مرتبطة بالنزاع مع "اسرائيل" ايضاً والمقصود بها التضييق على المقاومة.  

ما هي خلفيات دعوات ’المستقبل’ لتوسيع رقعة انتشار ’اليونيفيل’؟
كتلة المستقبل : الدعوة المشبوهة

*وللتفصيل أكثر، لا بد من التوقف عند نص الفقرة 14 من القرار 1701، والتفسير الاعوج له من قبل تيار "المستقبل"، الذي يراه بطريقة شمولية لكامل الحدود اللبنانية، ويتناسى نية المشترع الاساسية بشأنه، علماً أن النص واضح وهو "يدعو" الحكومة اللبنانية بشكل لا لبس فيه إلى تأمين حدودها والمداخل الأخرى لمنع دخول الاسلحة الى لبنان، اما طلب المساعدة من "اليونيفيل" فيجب ان يكون نزولاً عند طلب الحكومة اللبنانية، وبمعنى آخر، لا يجوز في تفسير النص القفز مباشرة باتجاه  المطالبة بمساندة "اليونيفيل" من اجل التهرب من قيام الحكومة بواجبها، لان هذا الواجب يبقى الاساس على الحكومة أما المساندة فهي غير واجبة بلا أساس، واذ توفر الاساس قد تقبل او ترد. ولو اردنا الاجتزاء وتفسير القرار بحسب تفسير تيار "المستقبل" نفسه لكان بإمكاننا (والحجة أقوى هنا) استخراج سند قانوني من الفقرة 14 من 1701 معاكس لما ذهب اليه "المستقبل" وهو "الزام الحكومة بضبط الحدود بمواجهة المسلحين، واحتلالهم لمناطق على الحدود اللبنانية السورية".

 *ثم انه لا يجوز انتقاء بند من بنود القرار 1701 وفصله عن البنود الاخرى او اخراجه عن سياقه القانوني الفعلي، فالنظرة الى القرار يجب أن تكون كلية وليست جزئية، والا لو كان الامر كذلك لصحت مطالبة "المستقبل" بتطبيق اتفاق الطائف الذي ينظم العلاقات الحدودية بين لبنان وسوريا، وذلك بالاستناد الى اشارة القرار 1701 الى هذا التطبيق الكامل للاتفاق في الفقرة 8 منه ودعوته تقديم اقتراحات لتطبيق الاتفاق. علماً ان نص الاتفاق واضح لجهة أن لا يشكل لبنان مصدراً لتهديد امن سوريا او العكس، وبالتالي تصبح الحكومة ملزمة بالتنسيق العسكري مع سوريا في هذا المجال لتأمين حدود البلدين.

*مهام ونطاق عمل "اليونيفيل" بحسب القرارات الدولية

   *هذا في الجانب النظري اما في الجانب العملي، فان تجربة القوات الدولية العاملة في لبنان منذ قدومها اليه عام 1978 لم تكن رادعة، وهي لم تمنع العدو "الاسرائيلي" يوماً من شن العدوان او ارتكاب المجازر التي وقعت في عقر دارها في قانا. حيث  اقتصرت مهامها على الدفاع عن النفس وتأمين بعض الخدمات الصحية والطبية والاجتماعية للسكان في الجنوب، ونزع الألغام، فيما تلافت التدخل في حال حصول أي عدوان. هذا تاريخياً اما اليوم فتجربة "الاندوف" في الجولان لا تزال ماثلة امامنا، حينما اختطف المسلحون العشرات من تلك القوات ما دفع الدول المشاركة فيها للتفكير بسحب عناصرها من هناك. وهنا يطرح السؤال كيف يخيًل للبعض في لبنان أن تلك الدول الساعية للانسحاب من الجولان منعاً لتعريض حياة جنودها للخطر ستهرول لوضع حياة جنود آخرين لديها في مهب الموت المحتّم على يد التكفيريين على الحدود اللبنانية السورية.

*خلفية دعوات "المستقبل" لتوسيع رقعة انتشار "اليونيفيل"

 * انطلاقاً من كل ذلك، يثبت بالدليل القاطع ان فكرة توسيع رقعة انتشار "اليونيفيل" لتطال الحدود مع سوريا غير مجدية، وباطلة قانونياً، ومستحيلة التحقيق عملياً، ويظهر ان تكرار تيار "المستقبل" هذه المعزوفة باستمرار لا يستهدف تحرير عرسال، لعلم القيمين عليه علم اليقين ان قوات "اليونيفيل" بالكاد تستطيع الدفاع عن نفسها فيكف تخوض مواجهة مع التكفيريين، كما ان أول ما طالبت به الدول التي تشارك في "اليونيفيل" للمشاركة هو ضمانات بشأن سلامة عناصرها، فكيف ستقبل بوضع يزج عناصرها في الهلاك المحتوم، او يضعها في دائرة الابتزاز السياسي.

بالتالي، فان الهدف الحقيقي من الدعوات المتكررة لنشر "اليونيفيل" على الحدود مع سوريا بات واضحاً لا لبس فيه وان تخفى البعض خلف شعارات واهية، الا وهو التلطي خلف الـ1701 للتهرب من اتخاذ قرار حكومي يعطي الجيش الضوء الاخضر لطرد المسلحين عن الحدود، وخلق وضع حدودي يستهدف المقاومة ويقطع امدادات دعمها، ويمنعها من مساندة النظام السوري في معركته الكونية بمواجهة التكفيريين، وبعض هذه الاهداف هي ذاتها التي يسعى الى تحقيقها المسلحين التكفيريين ايضاً خدمة لـ"اسرائيل"، وفي ذلك مفارقة، فكيف يمكن ان تتقاطع اهداف المسلحين و"اسرائيل" وتيار "المستقبل" مع بعضها البعض؟!، كما ان الهدف الثاني هو التغطية على المسلحين في محاولة للاستفادة سياسياً من الوضع القائم قدر الامكان، ومحاولة قطع الطريق على حزب الله وعرقلة تقدمه وانتصاراته بمواجهتهم. والا كيف يفسر تيار "المستقبل" لجوءه الدائم الى هذه مثل الدعوات عند كل حدث او استحقاق مفصلي يحتمل أن يحقق فيه حزب الله انتصاراً جديداً؟؟!!
2015-06-01