ارشيف من :ترجمات ودراسات
كيف نتصدى للبروباغاندا الغربية؟
الكاتب Andre VLTCHEK
عن موقع Le Grand Soir
24 أيار / يونيو 2015
قبل كل شيء، يبدأون باختلاق أكاذيب كبيرة ثم يطلبون إلينا أن نكون موضوعيين.
هل الحب موضوعي ؟ وهل الشغف موضوعي ؟
هل يمكن الدفاع عن الأحلام بطريقة منطقية وفلسفية ؟
آندريه فيتشيك
هل يمكننا، عندما يشن اللصوص هجوماً على أحد المنازل، وعندما تقوم جماعة من الأشقياء القتلة باجتياح قرية من القرى، وعندما يتصاعد الدخان واللهيب والصراخ في كل مكان... هل يمكننا عندها أن نمنح أنفسنا بحبوحة أخذ الوقت لإجراء الحسابات والتحليل والبحث عن حلول منطقية وأخلاقية وشاملة وموضوعية بشكل كامل؟
أنا مقتنع تماماً بأن ذلك غير ممكن بالنسبة إلينا. فنحن مجبرون على الكفاح ضد من يحرقون منازلنا، وعلى أن نضرب بقوة أولئك الذين يريدون اغتصاب نسائنا، وعلى أن نرد على النار بالنار في كل مرة يتعرض فيها الأبرياء للقتل.
عندما تحشد الدولة الأقوى والأكثر قدرة على التدمير كل قدرتها على الإقناع، وعندما "تحول كل قطعة خشب إلى سهم" بدءًا من وسائل الإعلام الكبرى ووصولاً إلى المؤسسات التربوية، من أجل تبرير جرائمها... وعندما تبث البروباغندا المسمومة والأكاذيب بهدف قمع الناس والقضاء على كل أمل، هل يمكننا أن نتراجع أمام ذلك؟ هل ننطلق في عمل دؤوب ومتواصل على مواضيع محددة وموضوعية؟ هل نقاوم البروباغندا والكذب بروايتنا للوقائع، تلك الرواية التي نعززها بحدسنا وبشغفنا وبأحلامنا في عالم أفضل؟
الاعلام
الإمبراطورية تكذب على الدوام. تكذب صباحاً وخلال النهار ومساء وفي عتمة الليل عندما يغط الناس في نوم عميق. هي تفعل ذلك منذ عشرات السنين وحتى منذ عشرات القرون. وكي تخدع الناس على نطاق واسع، تلجأ إلى ما لا يحصى من محترفي البروباغندا الذين يجري تقديمهم في صور الجامعيين والأساتذة والصحافيين والمثقفين. والحقيقة أنها تبلغ في مجال التسميم الإعلامي حد الكمال. الدعاية الغربية التي شغف بها النازيون واستخدموها لها بعض الجذور المشتركة مع البروباغندا، وإن كانت أقدم عهداً وأكثر اكتمالاً.
ويبدو أن بعض قادة الإمبراطورية قد وصلوا حتى إلى تصديق أكثر أكاذيبهم. دون الكلام عن معظم المواطنين العاديين. وإلا، فكيف يمكن للنوم أن يجد طريقه إلى جفونهم؟
جهاز البروباغندا الغربية هو في منتهى الناجعية. وهو أيضاً متألق في حرصه على أن يكون النجاح حليف نقل أكاذيبه وانتشارها وتقبلها في أربعة أقطار العالم. أما نظام انتشار الإعلام المسموم فهو معقد بشكل لا يكاد يصدق. ففي جميع القارات وسائل إعلام وجامعيون طيعون يستخدمون كل ما يتمتعون به من قدرات من أجل تمكين رواية واحدة من الدخول إلى عقول مليارات الأفراد.
ونتيجة ذلك هي استشراء الجبن الفكري والجهل في أنحاء العالم وخصوصاً في الغرب والبلدان التابعة.
***
ما الذي يفترض بنا أن نفعله، نحن المعارضون لنظام الإمبراطورية؟
الأمورغير ميؤوس منها كما في السابق.
نحن لم نعد نعيش في عالم القطبية الثنائية، المريض الذي عرفناه في بداية تسعينات القرن الماضي. فاليوم، تقوم فنزويلا وروسيا والصين وإيران بتقديم الدعم لوسائل إعلام قوية ومعارضة للإمبراطورية. لقد ظهرت قنوات تلفزيونية قوية جداً مثل "روسيا اليوم" و"برس تي في" وتيليسور وقناة "CCTV" الصينية. وهناك صحف ومواقع إلكترونية ضخمة تبث بالإنكليزية في الولايات المتحدة وكندا وروسيا، وهي تقوم بكشف أكاذيب عملاء البروباغندا الغربية الرسمية. وفي هذا المجال تخطر في الذهن أسماء من نوع " Counterpunc" و" Information Clearing House" و " Global Research " و "Strategic Culture " و " New Eastern Outlook". وهناك أيضاً مئات مواقع الإنترنت الهامة التي تفعل الشيء نفسه باللغات الإسبانية والصينية والروسية والبرتغالية والفرنسية...
لقد بدأ النضال فعلاً من أجل عالم متعدد الأقطاب من الناحية الثقافية. إنه صراع مرير ولا هوادة فيه! إنها معركة حاسمة لسبب بسيط: انبعاثات سرطان البروباغندا الغربية باتت منتشرة في كل مكان. فقد لوثت جميع القارات، وتمكنت من بعض البلدان ومن بعض المفكرين الأكثر شجاعة في النضال ضد الإمبريالية والفاشية الغربيتين. ولا أحد في مأمن. بصراحة، تلك العدوى تصيب الجميع.
إذا لم نتمكن من الانتصار في هذه المعركة بعد أن نبدأ بالكشف عن كذب الخطاب الغربي وبالبرهنة على ذلك الكذب، للانتقال بعد ذلك إلى تقديم رؤية إنسانية مشبعة بالرحمة والمودة، فإننا لن نتمكن حتى من أن نحلم بثورة ولا بأي تغيير ذي قيمة في أوضاع العالم.
***
كيف يمكننا تحقيق الانتصار؟ كيف يمكننا إقناع الناس، أي مليارات الأفراد الذين تتشكل منهم البشرية؟ كيف نفتح أعينهم ونثبت لهم أن النظام الغربي هو نظام خبيث وقميء وتدميري؟ إن الغالبية الساحقة من الناس قد أدمنت بروباغندا الإمبراطورية. فهذه البروباغندا لا تأتي فقط من وسائل الإعلام السائدة، بل أيضاً من الموسيقى الشعبية والمسلسلات التلفزيونية وشبكات التواصل الإجتماعي والدعايات والأفكار المتعلقة بحماية المستهلكين وموجات الموضة وغيرها الكثير من الوسائل المتسترة بالأقنعة. وهي تأتي ايضاً متلبسة بلبوس الطبخات الثقافية والدينية والإعلامية التي تفضي إلى تخدير الناس على المستويات الانفعالية والفكرية. إنها كالمخدرات الثقيلة التي يتم تناولها باستمرار وبإصرار.
هل نحن قادرون على مواجهة تكتيك واستراتيجية هذه الإمبراطورية المتوحشة والمدمرة بسلاح شرفنا وبحثنا وتحقيقاتنا الرصينة والدقيقة حول الوقائع؟
الإمبراطورية تشوه الوقائع. إنها لا تتوقف عن ترداد أكاذيبها بمكبرات الصوت وعلى الشاشات. وهي تصرخ بها آلاف وآلاف المرات لتجتاح بها الأدمغة ولتوصلها إلى أعمق أعماق اللاوعي.
النوايا الحسنة والاستقامة الساذجة ومواجهة السلطات بالحقيقة... هل يمكن لكل ذلك أن يغير وجه العالم والسلطات نفسها؟ أشك كثيراً بذلك.
الإمبراطورية وسلطتها هما غير شرعيتين كما أنهما إجراميتان. أي نفع للصراحة مع قطاع الطرق؟ بصراحة، ينبغي أن تقال الحقيقة للشعوب لا إلى من يمارسون الإرهاب بحق الشعوب.
عندما تتوجه بالكلام إلى الخبثاء راجياً منهم أن يتوقفوا عن تعذيب الآخرين، فإنك لا تفعل غير شرعنة جرائمهم والاعتراف بسلطتهم. وعندما تحاول تهدئة قاطع الطريق، فإنك تسمح له بأن يتصرف بك كما يشاء.
وكل هذا أرفضه تماماً!
***
لكي نحصل على تأييد مليار شخص، علينا أن نلهمهم وأن نحرك حماستهم. علينا أن نستفزهم، أن نحاصرهم، أن نشعرهم بالخجل. علينا أن نثير فيهم الضحك والبكاء. علينا أن نجعل جلودهم تقشعر وهم يشاهدون أفلامنا أو يقرأون كتبنا أو يسمعون خطاباتنا.
علينا أن نخرج السموم المتغلغلة فيهم، وأن نجعلهم يستعيدون استخدام حواسهم، وأن نوقظ غرائزهم.
الحقيقة العارية لا فعالية لها أبدًا. فالسم الذي يدسه لنا أعداؤنا قد تغلغل عميقاً جداً في وجودنا. أكثر الناس دب فيهم الخدر وأصبحوا بلا حساسية تجاه الحقائق البسيطة التي تقال بمنتهى الهدوء.
لقد جربنا، كما جرب غيرنا. أحد معارفي (وهو بالتأكيد من غير أصدقائي)، جون بركينز، هو عضو سابق في هيئة قيادية حزبية جرى تأهيله من قبل وزارة الخارجية الأميركية وكتب تقريراً مطولاً عما قام به من أفعال مرعبة في الإكوادور وإندونيسيا وبلدان أخرى. إنها اعترافات قاتل في مجال المال. تقرير كتب بعناية على طريقة الغرب في زعزعة البلدان الفقيرة عن طريق الفساد والمال والكحول والجنس. وقد بيع الكتاب بملايين النسخ في شتى أنحاء العالم. ومع هذا، فإن شيئاً لم يتغير! لم تحدث ثورة في الولايات المتحدة بتأثير هذا الكتاب. لم تسجل أية احتجاجات، ولم ترتفع أية مطالبات بتغيير النظام في واشنطن.
وقد نشرت مؤخراً كتابين أكاديميين أو، على الأقل، نصف أكاديميين، مليئين بالتفاصيل والاستشهادات والهوامش: الأول حول إندونيسيا، وهي أحد البلدان التي يستخدمها الغرب كنموذج لبث الرعب في بقية العالم بعد الانقلاب العسكري الذي نفذ فيها عام 1965 بدعم من الولايات المتحدة. وقد تسبب هذا الانقلاب بسقوط ما بين مليونين وثلاثة ملايين من الضحايا. كما تم اجتثاث الحياة الفكرية وتقطيع أوصال أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان. أما عنوان الكتاب فهو " Indonesia – Archipelago of Fear " (إندونيسيا، أرخبيل الخوف).
الكتاب الثاني فريد من نوعه لأنه يعالج مسألة قسم كبير من العالم هو بولينازيا ميلانازيا وميكرونازيا الأوقيانية، وهو بعنوان "neocolonialism, Nukes and Bones " (الاستعمار الجديد والقنابل النووية والعظام البشرية". وهو يبين كيف قامت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وفرنسا بتقسيم وتدمير ثقافات وشعوب جزر الباسيفيكي الجنوبي.
واليوم تستخدم كتبي في التعليم على مقاعد الدراسة، غير أن عدد الأشخاص الذين يتأثرون بالوقائع المعروضة فيها محدود جداً. فقد بذلت النخب الحاكمة في إندونيسيا وأوقيانيا كل ما بوسعها لكيلا تقرأ هذه الكتب من قبل عدد كبير من الناس.
لقد أمضيت سنوات عديدة في البحث والتحقيق وتجميع الوقائع. أما الناجعية الثورية لكتاباتي الجامعية هذه، فإنني أعترف بأنها بقيت شبه معدومة تماماً.
وبالطبع، لا صعوبة في ملاحظة ذلك: عندما أؤلف كتاباً ما من النوع المحكم والمؤثر والذي يطالب بإقامة العدل ويوجه الإدانة للإمبراطورية لما تقترفه من أعمال القتل والسرقة، فإنه يُقرأ من قبل الملايين من الناس في جميع القارات ويترجم إلى عشرات اللغات!
لماذا أكتب ما أكتبه؟ لماذا أفضي بهذه المعلومات للقراء؟ لأن علينا أن نكون واقعيين. علينا أن نرى وأن نفهم ما يريده الناس وما يتطلبونه بإصرار. فالناس يتملكهم الشقاء والرعب. والكثيرون لا يعرفون حتى السبب في ذلك. إنهم يبغضون النظام القائم، لكنهم وحيدون ومحبطون. يعرفون أنهم يكذبون عليهم ويستغلونهم. ومع هذا، لا يتمكنون من تحديد هذه الأكاذيب. أما الكتب الجامعية التي تكشف عن حقيقة الأوضاع فهي معقدة فوق اللزوم. ومعظم الناس لا وقت لديهم لقراءة آلاف الصفحات التي يستحيل فهمها، أو أنهم لم يتلقوا تعليماً كافياً يسمح لهم بفهم ما يقرأون.
لذا، فإن واجبنا هو التوجه إلى هؤلاء الناس الذين يشكلون غالبية البشر. وإلا، فكيف نكون ثوريين؟ ففي النهاية، يفترض بنا أن نبدع من أجل إخوتنا وأخواتنا، لا لحفنة من الباحثين الجامعيين، خصوصاً عندما نعلم أن معظم الجامعات تعمل في خدمة الإمبراطورية ولا تفعل غير تقيؤ المنصوصات الرسمية وأفكار الديماغوجيين الذين ينفذون الأوامر. .
***
الإمبراطورية تتكلم وتكتب وتردد ما تشاء من أكاذيب مخجلة حول نظامها ومزاياه الاستثنائية وخدماته الجليلة. أو حول المساوئ التي يمثلها الاتحاد السوفياتي والصين وإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية وكوبا. هي تفعل ذلك بشكل يومي. وكل ذلك يتم لكي يحصل كل كائن بشري على جرعته من السم، أقله، لمرات عديدة كل يوم.
أعتقد بأن علينا أن نتحرك. علينا أن نمضي سنوات من أعمارنا لنثبت، خطوة بعد خطوة، أن بروباغندا الإمبراطورية هي إما كذبة كبيرة أو مبالغة أو الأمران معاً. وكلما جمعنا مقداراً من البراهين، نقوم بنشرها في أحد دور النشر المتواضعة في كتاب من المرجح أنه لن يكون سميكاً. غير أن أحداً تقريباً لن يقرأ هذا الكتاب بسبب محدودية نشره ولأن ما فيه من وقائع يتسم عموماً بالكثير من التعقيد وصعوبة الفهم، أو لأن تلك الوقائع لم تعد تصدم أحداً (أو لأن الناس لا يريدون سماعها). والنتيجة، سيتم قتل مليون شخص من الأبرياء في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. ولن يكون ذلك بالأمر الجديد.
عندما نقوم بعمل بحثي شريف ومعمق نقول فيه الحقيقة دون تزويق، نظن بأننا نقوم بعمل ممتاز من الناحيتين المهنية والعلمية. وفي أثناء ذلك، سيموت عملاء بروباغندا الإمبراطورية من الضحك وهم ينظرون إلينا! نحن لا نشكل أي خطر عليهم، ولا صعوبة أمامهم في تحقيق الانتصار!
لم هذا؟ لأن الحقيقة بكل تفاصيلها لا قيمة لها.
وإذا كانت تتمتع بقيمة ما، أقله من وجهة نظر المبادئ السامية، فإن ذلك مهم على الصعيد الأخلاقي وعلى الصعيد الفلسفي.
لكن ذلك يظل أقل أهمية على الصعيد الاستراتيجي، لأننا نخوض حرباً إيديولوجية. فالحقيقة تحتفظ بكامل قيمتها مهما يحصل من أمور. لكن ينبغي لهذه الحقيقة أن تكون مبسطة، قابلة للفهم. وينبغي أن ترافقها شحنة عاطفية قوية.
عندما يصبح فقدان المعايير الأخلاقية هو المسيطر على العالم، دون أدنى قدر من الرحمة وعندما يموت الملايين من الأبرياء، تكون الأولوية لإيقاف المجزرة من خلال تحديد هوية القنلة، ومن ثم إيقافهم.
يجب أن يكون خطابنا قوياً، ويجب إخراج مشاعرنا بشكلها الخام.
ففي المواجهة مع جحافل القتلة، كانت القصيدة والأغاني المشحونة بالانفعالات والأناشيد الوطنية أكثر ناجعية على الدوام من الدراسات الجامعية المعمقة. والأمر نفسه يقال عن الروايات والأفلام السياسية والوثائق المفعمة بالحماس وحتى عن الرسوم المتحركة واللافتات المستفزة.
يمكن للبعض أن يطرحوا السؤال التالي: "أعلينا أن نكذب لأنهم يكذبون؟".
لا، بالعكس. علينا أن نظل أوفياء بأقصى قدر ممكن للحقيقة. ولكن، يحسن بنا أن نختصر ما نريد قوله لكي يكون فهمه ممكناً من قبل الجماهير لا من قبل النخبة المتميزة.
هذا لا يؤدي إلى المس بنوعية عملنا. لأن القدرة على درك البساطة هو في الغالب أكثر صعوبة من كتابة مؤلفات موسوعية تضم آلاف الهوامش.
كتاب صن تسو بعنوان "فن الحرب" هو كتاب صغير لا يتعدى كونه نصاً يتجه مباشرة نحو الأمور الأساسية. ويمكننا أن نقول الأمر نفسه عن "البيان الشيوعي" وعن [مقالة إميل زولا] بعنوان "أنا أتهم".
لم يعد من المطلوب أن تكون كتاباتنا الثورية مختصرةً. المطلوب هو أن يتم تقديمها بشكل مفهوم من قبل أكبر عدد ممكن من الناس. فأنا أجرى باستمرار تجارب جديدة حول الشكل، واكن دون أن أضحي بالمضمون. فالكتاب الذي نشرته مؤخراً بعنوان " Exposing Lies of the Empire " (فضح أكاذيب الإمبراطورية) يضم أكثر من 800 صفحة. وقد بذلت جهدي كي يكون الكتاب مليئاً بالشهادات المؤثرة لأشخاص من مختلف أنحاء العالم، وبالتوصيفات الحية للضحايا والطغاة على حد سواء. لا أريد أن يتراكم الغبار على كتبي في المكتبات الجامعية. أريد للناس أن يتحركوا.
***
أنا مقتنع تماماً بأنه من غير الضروري أن نضيع الوقت حرصاً على الموضوعية في معركة إيديولوجية أو غيرها عندما يكون مصير البشرية كلها على المحك.
يجب الكشف عن أكاذيب العدو، إنها أكاذيب سامة إلى حد مخيف.
عندما يتوقف التدمير وقتل الملايين من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء، سيكون بوسعنا الرجوع إلى مفاهيمنا الفلسفية العزيزة والمعقدة والغرق في التفاصيل والحيثيات.
قبل الانتصار النهائي على الامبريالية والعدمية والفاشية والتمييز والأنانية والطمع، علينا أن نستخدم أسلحتنا الأكثر مضاءً: رؤيتنا حول عالم أفضل، حبنا للإنسانية، وتعطشنا إلى العدالة. يجب أن نعرض عزيمتنا وقناعاتنا بطريقة قوية، ودوغمائية جامدة، إذا تطلب الأمر! خطابنا يجب أن يكون ملهباً للخيال، وفنياً وعاتياً!
أيها الرفاق، النار تستعر! المدينة كلها تحترق. الكوكب كله يتعرض للاجتياح والنهب وتقطيع الأوصال.
لا يمكننا أن نواجه المتعصبين بأسلحة نووية وسفن عسكرية. وبالمقابل، فإن مواهبنا وأحلامنا وقلوبنا جاهزة لخوض المعركة.
لنكن أكثر ذكاءً من أعدائنا ولنعمل بشكل يسمح بأن يسخر منهم العالم أجمع. ألا ترونهم؟ ألا ترون هؤلاء الوطنيين الفاشلين، هؤلاء المهرجين الذين يديرون الشركات الكبرى. ألا تسمعونهم؟ ألا تسمعون هؤلاء الرؤساء والوزراء الذين يعملون خدماً عند أصحاب السوق؟
علينا أن نقنع الجماهير بأن الطغاة (الإمبرياليين، والمستعمرين الجدد ومن هم في خدمتهم من الجلاوزة) ليسوا أكثر من مهرجين يثيرون الشفقة، كائنات جشعة وسامة. يجب أن نعريهم وأن نظهر ما هم فيه من هوان.
إنهم ينهبون ويقتلون ملايين الأشخاص. لقد جاء الوقت لكي –على الأقل-نبصق عليهم!
لكي نتصدى للبروباغندا الغربية، ينبغي أن نبدأ بالكشف عمن يقبع خلفها. ولقد أزفت لحظة تسمية الأشياء بأسمائها.
لنجعل من هذه الثورة حدثاً مفعماً بالخيال والسخرية!