ارشيف من :آراء وتحليلات

دولة الشهيد رشيد كرامي في سطور

دولة  الشهيد  رشيد كرامي في سطور
في 1 حزيران 1987 اغتيل رئيس الحكومة اللبناني رشيد كرامي، بتفجير عبوة كانت موضوعة في طائرة الهليكوبتر التي كان يستقلها من طرابلس إلى بيروت، وهو ما شكل نقطة تحول لمسار الحياة السياسية في لبنان، لا يزال صداه  حياً حتى اليوم،  ليس في طرابلس فقط بل على كل الساحة اللبنانية.
هو رشيد عبد الحميد كرامي ، الابن البكر للزعيم الراحل عبد الحميد كرامي ، المفتي  والنائب السياسي المعارض للانتداب الفرنسي وأحد رجالات الاستقلال، تلقى دروسه الثانوية في كلية التربية والتعليم الإسلامية، ثم سافر بعدها إلى القاهرة ليتابع دراسة الحقوق، حيث نال اجازة في الحقوق عام 1947.

  
  وبعودته إلى لبنان، تدرج بمهنة المحاماة بمكتب المحامي فؤاد رزق في بيروت، وما كاد ينهي تدرجه حتى توفي والده ، في تشرين الثاني 1950، فاختار اكمال مشوار والده، ودخل معترك السياسة من باب الانتخابات النيابية ، ليكون نائباً عن مدينة طرابلس في دورات 1953 و1957 و1960 و1964 و1968 و1972استطاع  رشيد كرامي في  خلال مسيرة عمله السياسية، ان يضيف الى رصيده العديد من المناصب الوزارية، فكان وزيراً للعدل للمرة الأولى ، ثم وزيراً للاقتصاد، ثم وزيراً للاقتصاد والشؤون الاجتماعية،  ولكن  المحطة الأبرز في مستهل حياته السياسية كانت عندما كلف تأليف الحكومة ، حيث عين رئيساً للحكومة لأول مرة في 19 أيلول 1955 وهو في سن الرابعة والثلاثين من عمره، ويكون أصغر رئيس حكومة في تاريخ لبنان.

 ثم شكل بعدها 9 حكومات أبرزها ، حكومته الثانية في 24 أيلول 1958 والتي استمرت  لأيام معدودة، وحكومته  السابعة في 15 كانون الثاني 1969 والتي استمرت حتى 24 نيسان 1969 حيث قدم استقالته بعد الأحداث الدامية التي جرت في 23 نيسان 1969 والتي تسببت في أزمة وزارية استمرت ستة أشهر وانتهت بتوقيع اتفاق القاهرة.
وكانت آخر حكومة شكلها كرامي قبل اغتياله، هي الحكومة التي دعيت حكومة الوحدة الوطنية من30 نيسان 1984 وحتى 4 أيار 1987 حيث أعلن الرئيس استقالته، ليفجع لبنان في الأول من حزيران سنة  1987 باغتياله، وسقط شهيد رئيس الوحدة الوطنية وهو على متن طوافة عسكرية كانت تقله من طرابلس إلى بيروت.

شكل اغتيال كرامي فاجعة كبرى  خاصة عند الطرابلسيين، الذين  شعروا  بأنهم خسروا من طبع المدينة بطابعه طيلة  37 عاماً على نحو متواصل، وكان الزعيم والاب الروحي لطرابلس، وعبروا حينها أنه سيمرّ وقت طويل قبل أن ترزق طرابلس رجلاً مثل رشيد كرامي.
 بعد إثني عشر عاما من الاغتيال، صدر حكم عن المجلس العدلي، بإعدام قائد‏‏ القوات اللبنانية‏‏ سمير جعجع ومن ثم خفضت العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، وقضى الحكم ايضاً بإعدام العميد الطيار خليل مطر ، ليعاد وتخفض العقوبة إلى الأشغال الشاقة مع الحبس عشر سنوات‏، وذلك بناء على نتائج التحقيقات والاعترافات التي قدمت من  الشهود والمتورطين بالجريمة.

     في 21 حزيران 2005، وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، صدر قانون من المجلس النيابي يقضي بالعفو عن سميرجعجع ،  وهو ما اعتبره الرئيس الراحل عمر كرامي حينها " بأنه  الرئيس الشهيد رشيد كرامي قتل مرة ثانية"، وفي حديث نشرته صحيفة السفير عبر  كرامي باسم كل الطرابلسيين عن اسفه لصدور قانون الاعفاء بالقول: " نحن وكل محبي رشيد كرامي من مسلمين ومسيحيين وأهل ضحايا المجازر التي ارتكبها جعجع شعرنا أن رشيد قتل مرة ثانية،  وهو شعور وطني عام وليس  شعوراً شخصياً" .

وأضاف كرامي حينها : "شعور الناس ان الافراج عن جعجع هو موضوع سياسي تم بوعود وعهود وحتى بطلب وضغوط من الخارج. وقد رتبوا له دوراً مستقبلياً في لبنان لا استطيع ان احدده لكن الأيام ستكشفه، لذلك لا نستطيع اعتباره انه من ضمن ما يحكى عن مصالحة وطنية".

دولة  الشهيد  رشيد كرامي في سطور
رشيد كرامي : قضية وطنية

كلام الرئيس الراحل عمر كرامي، تحقق عملياً بعد تسع سنوات ، حين اعلن قاتل رشيد كرامي سمير جعجع ترشحه لمنصب رئاسة الحمهورية ، وهو ما اشعل حالة من الغضب في طرابلس ، من مؤيدي الرئيس الشهيد  الذي عبروا عن أسفهم  لان يصبح قاتل رئيس حكومة لبنان رئيساً للجمهورية ، ومع فقدان  لبنان الرئيس رفيق الحريري ومسارعة تيارالمستقبل للمطالبة  بتحقيق العدالة في كشف من اغتاله ، وكان تيار المستقبل في الوقت نفسه يقود حملة الدفاع في اقرار العفو عن  قاتل رشيد كرامي سمير جعجع، لترتفع الصرخات الغاضبة في طرابلس، والتساؤلات لمعرفة «هل دم رشيد كرامي ميّ، ودم رفيق الحريري دم حقيقي؟ ولماذا يحق لتيار المستقبل ان يقيم  الدنيا ويقعدها للمطالبة بكشف حقيقة من اغتال الرئيس الحريري وبمحاكمته ».
 اليوم ، ومع مرور28 سنة على اغتيال الرئيس رشيد كرامي،  لايزال أهالي طرابلس ومحبي الرشيد يشعرون بغصة، ويعتبرون ان دم  الرشيد يسقط في كل يوم يبقى فيه المجرم دون عقاب . وحتى ذلك الحين سيظل شعار طرابلس " لم نسامح ولن ننسى ".
2015-06-02