ارشيف من :آراء وتحليلات

صدمة في تونس بسبب عدم تصويت المغاربيين لمرشحها لرئاسة البنك الإفريقي

صدمة في تونس بسبب عدم تصويت المغاربيين لمرشحها لرئاسة البنك الإفريقي

يعيش التونسيون حالة من الصدمة والذهول بسبب عدم تصويت الجارتين، الجزائر وليبيا، لصالح مرشح الخضراء لرئاسة البنك الإفريقي للتنمية جلول عياد. لا أحد يصدق أن الجارتين، وخصوصا الجزائر التي تجمعها بتونس علاقات استثنائية، يمكن أن تصوتا يوما ضد مرشح تونسي لمؤسسة مالية إقليمية كبرى تساهم في تنمية القارة السمراء ويعتمد على تمويلاتها الاقتصاد التونسي بشكل كبير، خاصة وأن تونس كانت ومنذ أشهر معدودة دولة المقر لهذا البنك، الذي عزم على مغادرتها بعد الثورة ولم يشفع الاستقرار الأمني الذي عرفته البلاد بعد تنظيم انتخابات الوضع الدائم في تراجع القائمين على هذا البنك عن قرارهم في مغادرة الخضراء وكأن وجودهم كان مرتبطا ببقاء نظام ابن علي.

ولعل ما يزيد الطين بلة أن المغرب عبّر، ومنذ البداية، للتونسيين عن نيته عدم التصويت لجلول عياد، فيما اعتبره البعض من باب السخرية "تضامنا مغاربيا قل نظيره". حيث اتجه المغاربيون صوب بلدان إفريقية من جنوب الصحراء تاركين مرشح الخضراء منفردا يواجه مصيره المحتوم وهو خسارة المنصب بالضربة القاضية بعد أن نال مرتبة متأخرة.

المصريون في الموعد

ولعل النقطة المضيئة التي وجد فيها التونسيون عزاءهم هو وقوف المصريين وحتى اللحظات الأخيرة إلى جانب أشقائهم ضاربين أروع الأمثلة في التضامن العربي، غير عابئين بمصالحهم مع الدول التي تنافس الخضراء. فصوتوا لجلول عياد ودعموه بعلاقاتهم ولوبياتهم داخل البنك ولم يتخلوا عنه إلى اللحظات الأخيرة، ويتعلق الأمر بعرف ديبلوماسي مصري لم يتغير منذ زمن جمال عبد الناصر، ويتمثل في دعم مرشحي البلاد العربية والإسلامية والإفريقية في مختلف المنظمات الإقليمية والدولية.

صدمة في تونس بسبب عدم تصويت المغاربيين لمرشحها لرئاسة البنك الإفريقي
البنك الافريقي

وقد وجد هذا الموقف إكبارا من التونسيين وتقديرا للجانب المصري على هذا الأداء الذي أثبت أن التضامن العربي ليس مجرد شعارات يرفعها المسؤولون المصريون للدعاية، بل هو واقع أثبتته التجربة الأخيرة. وهناك شعور عام في تونس بأن مصر بلد أقرب من ذوي القربى وجب العمل على تدعيم العلاقات معه وتجاوز مرحلة التوتر التي تسببت فيها خلافات الترويكا الحاكمة السابقة في تونس مع النظام المصري الحالي.

سابقة تاريخية


اعتبر جلول عياد، مرشح تونس لرئاسة البنك الإفريقي للتنمية الذي لم يحالفه الحظ للفوز بالمنصب، في ندوة عقدها بمقر وزارة الخارجية كان موقع العهد الإخباري حاضرا فيها أن "امتناع الجزائر وليبيا عن التصويت لصالح تونس مثَّل سابقة في التاريخ وصدمة غير متوقعة". ولعل من المؤسف أن "الشقيقتين المغاربيين" وعدتا تونس بالتصويت لكن تم التراجع عن هذه الوعود لاحقا دون مبرر ودون إعلام الطرف التونسي حتى يتَّخذ الاحتياطات اللازمة.

لقد أعطى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بحسب عياد، وعدا لمبعوث الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى الجزائر، الأزهر القروي الشابي بالتصويت لتونس لكن شيئا من ذلك لم يحصل. فهل أن هناك جهات في الجزائر تعمل بخلاف إرادة الرئيس وترغب في خلق أزمة بين البلدين اللذين تعتبر علاقتهما مضرب الأمثال في العالم العربي وبينهما تلاحم قل نظيره؟ أم أن تونس بلغت من الضعف بعد "الثورة" ما يجعل المرادية لا تعيرها أي اهتمام عند تغيير الموقف فلا تعلمها بذلك؟ أم أن هناك أزمة تواصل بين أعلى الهرم في الجزائر ومن يسهرون على تنفيذ قراراته؟ جميعها أسئلة تؤرق مضاجع التونسيين الذين برزت دعوات في صفوفهم تدعو إلى المعاملة بالمثل في قادم المواعيد حين يكون لليبيا والجزائر مرشحون.
2015-06-05