ارشيف من :ترجمات ودراسات
وسائل الإعلام الغربية: صمت يصم الآذان عن تحالف إسرائيل والغرب مع تنظيم القاعدة في سوريا
الكاتب : Sayed 7asan
عن موقع Agoravox
أول حزيران / يونيو 2015
لا يبدو أن التحالفات الغريبة والاستراتيجيات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تثير استغراب أحد. لكن حاول أن تقول بأن الغرب وإسرائيل يقيمان علاقات وثيقة مع تنظيم القاعدة في سوريا، لترى كم أن الناس لا يصدقون كلامك.
ومع هذا، هناك مقولتان مهمتان جديدتان تسلطان الضوء على هذه العلاقات.
الأولى للدكتور أحمد نفيذ يحلل فيها التداعيات العميقة لوثيقة رفعت عنها السرية مؤخراً وصدرت عن الوكالة الأميركية لاستخبارات الدفاع.
يكتب الدكتور نفيذ في مقالته :
"قوى عظمى تدعم تنظيم الدولة في تنبؤ يكشف بشكل مذهل عن المستقبل، فإن وثيقة الوكالة الأميركية لاستخبارات الدفاع الصادرة عام 2012، تتوقع بشكل صريح أن يتم الإعلان عن قيام دولة إسلامية تنشأ عن اتحاد تنظيمات إرهابية أخرى في العراق وسوريا. ومع هذا، "فإن بلدان الغرب والخليج وتركيا تدعم جهود قوى المعارضة السورية بهدف السيطرة على المناطق الشرقية (الحسكة ودير الزور) المتاخمة للمحافظتين العراقيتين الغربيتين (الموصل والأنبار).
هناك إمكانية لإقامة إمارة معلنة أو غير معلنة في شرق سوريا (الحسكة ودير الزور)، وهذا بالضبط ما تريده القوى الداعمة للمعارضة بهدف عزل النظام السوري المنظور إليه على أنه امتداد للسلطة الشيعية (إيران والعراق)".
وبهذا، وبشكل مذهل، تقدم وثيقة البنتاغون السرية تأكيداً على أن الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة "داعش" كان قد رحب، قبل ثلاث سنوات، بقيام "إمارة سلفية" متطرفة في المنطقة كوسيلة لإضعاف سلطة الأسد ووقف التوسع الاستراتيجي الإيراني. فالعراق مصنف بشكل أساس على أنه جزء لا يتجزأ من هذا "التوسع الشيعي"، وإقامة الإمارة السلفية في شرق سوريا، وهو ما تشهد عليه وثيقة الوكالة الأميركية لاستخبارات الدفاع، هي تحديداً ما تريده القوى التي تدعم المعارضة السورية. وكانت الوثيقة تلك قد حددت هذه القوى الداعمة، لمرات عديدة، على أنها "الغرب وبلدان الخليج وتركيا". وبعد ذلك، تكشف الوثيقة أيضاً عن أن محللي البنتاغون كانوا يدركون المخاطر الرهيبة التي تنطوي عليها هذه الاستراتيجية، رغم كل ما تحظى به من دعم.
ماذا لو كانت "أفضل" وسائل الإعلام عندنا قد نشرت مثل هذه المعلومات؟ عدم إطلاعنا على هذه المعلومات من نشرة أخبار الساعة السادسة في هيئة الإذاعة البريطانية، أو حتى من نشرة أخبار القناة الأميركية الرابعة (أو من وسائل الإعلام التقليدية الفرنسية) يكشف عن الأسباب التي تفسر بقاء الناس غارقين في الجهل بالسياسة الحقيقية، أي الخبيثة، التي يطبقها الغرب في سوريا بوجه خاص، وفي الشرق الأوسط بوجه عام.
ثم إننا نصل إلى النتيجة ذاتها مع صمت وسائل الإعلام عن الدور الخاص الذي يلعبه الإسرائيليون في هذا التحالف، وهو الدور الذي بينته مدعوما بالوثائق الصحافية المستقلة آزا وينستانلي (Asa Winstanley).
داعش
أما الدليل الذي يكذب النهج الذي تعتمده البروباغندا ويكشف عن وجود تحالف نشط بين الإسرائيليين وتنظيم القاعدة فهو التالي: بعد تلقي العلاج، وبدلاً من أن يقوم الإسرائيليون باعتقال مقاتلي القاعدة، فإن هؤلاء يرسلون مجدداً للقتال في سوريا. ولو أن جرحى من حماس أو من حزب الله أو من الإيرانيين تم أسرهم من قبل الإسرائيليين، فإن هؤلاء لا حظ لهم بأن يرسلوا إلى غزة أو سوريا لـ "متابعة طريقهم"، على ما صرح به مسؤول إسرائيلي لم يشأ الإفصاح عن اسمه.
إذن، هناك تأكيد تقدمه وينستالي للدعم المتعدد الأشكال الذي يقدمه الإسرائيليون. وهذا ما تؤكده أيضاً شهادات العديد من العسكريين الإسرائيليين والصحافيين الشجعان الذين يعملون في الميدان.
وقد ظهرت أدلة متفرقة أخرى تثبت هذا التعاون المسكوت عنه. أما بالنسبة لمن تقول المزاعم بأنهم "متمردون معتدلون"، فإن الإشارة مهمة إلى كون إعادة انتخاب بنيامين نتنياهو قد قوبلت بالكثير من الحفاوة من قبل "الجيش السوري الحر". والحقيقة أن الكشف عن جميع الأكاذيب الإسرائيلية والغربية في هذا الشأن ما زال بعيداً جداً.
ومرة أخرى، يطرح السؤال : لماذا لا تظهر في وسائل الإعلام أية سردية كبرى حول الموضوع بعد تراكم كل هذه الأدلة ؟
تصل وينستالي إلى هذا الاستنتاج فيما يتعلق بهذه المقاطعة الإعلامية:
"يمكننا القول بشكل مؤكد أن الصحافة الغربية التقليدية تدعم الإسرائيليين، وتجد نفسها محرجة جداً إزاء الكشف عن التعاون الفاضح بين الإسرائيليين وتنظيم القاعدة في سوريا. ولكن من المهم أن نعرف أن هذا هو جزء من كل أكثر اتساعاً حيث تقوم وسائل الإعلام بتجاهل أو تهميش أو التقليل من شأن تحالفات الناتو والغربيين مع فاعلين إقليميين مشبوهين من الناحية الأخلاقية. وهذا يسهم في تعزيز الأوهام القائلة بأن الغرب يخوض "حرباً عادلة باسم الحضارة" ضد قوى همجية باتت تسيطر على نصف سوريا وتقوم بتدمير مهد الثقافة القديمة مثل تدمر.
لقد شكل كل من تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة منذ مدة طويلة جبهة معادية للرئيس الأسد في سوريا. وها نحن نمتلك الآن الدليل القطعي على أن الغرب وحلفاءه الخليجيين والأتراك والإسرائيليين قد عملوا باستمرار على تقوية وحماية تلك القوى الهمجية بالذات.
وفي حين يضرب الموت والعذاب ملايين الأبرياء في سوريا والعراق، فإن السبب الرئيس لهذه المذبحة التاريخية هو هذا الغزو الغربي بالوكالة. لكن هذا الموضوع أكثر حساسية وخطورة من أن يكون مثاراً لاهتمام وسائل الإعلام التقليدية.
لكن هناك أمورا مشجعة: هذا النوع من الصحافة المستقلة يساعدنا على فهم هاتين الظاهرتين: الإجرام الغربي ووسائل الإعلام الغربية المتواطئة.
ساعدونا من فضلكم في دعم هذه الجبهة الإعلامية الجديدة.