ارشيف من :آراء وتحليلات

’احتجاجات البترول’ في تونس: هل هي مطالب اجتماعية أم خدمة لأجندات خارجية؟

’احتجاجات البترول’ في تونس: هل هي مطالب اجتماعية أم خدمة لأجندات خارجية؟

تتواصل الاحتجاجات الشعبية في مدينة دوز الصحراوية التونسية شمال البلاد وفي العاصمة، مطالبة بالشفافية وفتح ملفات الفساد المتعلقة بقطاع المحروقات وباقي الثروات على غرار الفوسفات. فالمحتجون يؤكدون ولديهم قناعة راسخة بأن الشركات الأجنبية تنهب النفط التونسي بالتعاون مع مافيات محلية، ويصر هؤلاء على أن الإنتاج التونسي من المحروقات المصرح به هو بخلاف الواقع.

فمن غير المعقول بالنسبة لهؤلاء أن يتم إنتاج النفط والغاز في الجزائر وليبيا بكميات وفيرة، فيما تونس التي تتوسط البلدين لديها إنتاج محدود من هذه الموارد. وما يزيد من إصرار هؤلاء على التمسك بمطالبهم هو حديث بعض التقارير الصادرة عن جهات مختصة عن وجود فساد في قطاع المحروقات في تونس تستغله عائلات بعينها يعرفها التونسيون حق المعرفة.

اكتفاء ذاتي

والمعروف أن تونس وإلى حدود سنة 2000 كان لديها اكتفاء ذاتيٌّ من النفط والغاز وأن حقول النفط والغاز التونسية بالكاد تغطي الاستهلاك المحلي. لكن تزايد طلب التونسيين، ابتداء من هذا التاريخ، على الطاقة الكهربائية التي يتم إنتاجها من النفط جعل البلاد تشهد عجزا طفيفا تمت تغطيته بتوريد نوعية رديئة من النفط من الخارج بأبخس الأثمان مقابل بيع النوعية الجيدة للنفط التونسي في الأسواق الخارجية بسعر مرتفع حقق التوازن المنشود.

لكن في الآونة الأخيرة أعلنت الدولة التونسية بمعية شركة أجنبية تنقب عن البترول في تونس عن اكتشافات نفطية جديدة، وعلى ما يبدو فإن طاقة إنتاجها ستكون مرتفعة. وقد تزامنت هذه الاكتشافات مع صدور تقارير تتحدث عن الفساد في قطاع المحروقات في تونس وهو ما عجل بهذا الحراك الشعبي الذي قابلته الدولة بانسحاب الأمن في الجنوب وبالقمع في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة وهو ما اعتبره البعض تصرفا خاطئا في الحالتين  "الطاقات البديلة".
’احتجاجات البترول’ في تونس: هل هي مطالب اجتماعية أم خدمة لأجندات خارجية؟
احتجاجات في تونس

والحقيقة ووفقا للعديد من الدراسات فإن تونس لا تعاني من مشكلة "طاقة" لأن لديها برامجًا لتطوير استغلال الطاقات البديلة على غرار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه لإنتاج الكهرباء الذي يستهلك النصيب الأم من البترول التونسي. كما أن الخضراء قادرة على الاستثمار في الطاقة النووية واستغلالها لأغراض سلمية، إذ لديها إنتاجا وفيرا من الفوسفات الذي يمكن أن يستخرج منه اليورانيوم الذي يستعمل لإنتاج الطاقة النووية وليست لديها مشكلة في توفير هذه المادة.

وقد أبرم السفير التونسي في موسكو مؤخرا اتفاقية تعاون بين الجانبين الروسي والتونسي حول التعاون في المجال النووي. وبالتالي فإن أزمة الطاقة بحسب البعض هي أزمة مصطنعة لديها أهداف وغايات أخرى وهي أبعد ما تكون عن المطالب الإجتماعية المشروعة خاصة وأن اتهامات بتحريكها تطال الرئيس المؤقت السابق المنصف المرزوقي الراغب على ما يبدو في العودة إلى قصر قرطاج.

خلق الفوضى

ويربط البعض بين ما يحصل في تونس وما يجري على تخومها الشرقية أي ليبيا، حيث يرى هؤلاء أن من يحركون هذه المطالب يهدفون إلى خلق الفوضى في الجنوب التونسي تمهيدا لدخول داعش التي تتقدم في ليبيا وتسيطر على أراض شاسعة واستراتيجية. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يفتح المرزوقي وجماعته الذين يساندون هذا الحراك ملفات الفساد في قطاع المحروقات حين كانوا في الحكم الذي لم يغادروه إلا منذ أشهر معدودات؟
كما يتهم البعض المرزوقي وجماعته بالسعي لشل إنتاج النفط في البلاد مثلما شل قطاع إنتاج الفوسفات وذلك حتى تضطر الدولة التونسية إلى بيع مصفاة نفط الصخيرة جنوب شرقي البلاد على خليج قابس والتي رغبت دولة خليجية يتهم المرزوقي بخدمتها في شرائها زمن حكم بن علي ولم تتمكن من ذلك، كما قد تضطر الدولة التونسية إلى بيع مصنع تكرير النفط ببنزرت شمال البلاد وكذا المجمع الصناعي الكيميائي بقابس وهي مؤسسات وطنية عملاقة تعتبر من مكتسبات دولة الإستقلال التي بناها التونسيون بسواعدهم إبان فترة حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
2015-06-09