ارشيف من :نقاط على الحروف
خيوط الموت : ترصّد خطوات ’القتلة’
قبل أيام عرضت قناة المنار وثائقياً أعدّه الإعلامي في القناة عباس فنيش(اعداد واخراج) بمساعدة زميلته محررة الشؤون الأمنية في القناة منى طحيني(بحثاً وتحقيقاً) . تناول الوثائقي بدايات الحركات التكفيرية الإرهابية في لبنان، منذ خلية سير الضنية وأحداثها وصولاً حتى يومنا الحالي.
يأتي الصوت "بعيداً" عند بداية الوثائقي في إطار من غموض. ثياب عباس فنيش تبدو "ثياب مراسل"، الغرفة التي يصوّر بها تبدو أشبه بغرف "تحميض" الصور القديمة. كانت بدايةً "موفقة للغاية" حيث إنه يضع المشاهد أمام البعد "الفني" للوثائقي الذي يقدّمه. الجو العام للفيديو يبدو واضحاً للغاية ومنذ اللحظة الأولى؛ إنه يريد أن يحكي عن "الحركات التكفيرية" التي مرت في لبنان، تبدو هذه "الصور" المعلقة على حبل "غسيل" كي تنشف والتي هي صور "لإرهابيين" تكفيرين عرفهم لبنان بشكلٍ آو بآخر دليلاً على المباشرة في الدخول إلى الموضوع دون إضاعة وقت.
البدايات
يحكى الوثائقي عن تلك الحادثة (جرت العام 1999/2000 في منطقتي الضنية وسير الضنية شمال لبنان) والتي كانت فعلياً أول "تصادم" مع قوى "تكفيرية/ارهابية" في لبنان. اللافت في الأمر أنَّ الفيديو سواء عن قصدٍ أو غير قصد "فضح" الرئيس الأسبق ميشال سليمان الذي كان قائداً للجيش آنذاك، بحسب رواية العماد إميل لحود (حينما كان رئيساً للجمهورية) حينما اتصل به "معزياً" بالأحد عشر شهيداً من الجيش اللبناني، ليخبره سليمان أن هذا الأمر غير صحيح، وإنه لا علم لديه بالأمر. طلب منه لحود التأكد من الأمر، فقال له بعدما تأكد: "معك حق لم نعرف عن الأمر شيئاً". في نفس الإطار يرفع الوثائقي قيمة معلوماته حينما يشير بالإسم إلى رؤساء هذه الجماعت التكفيرية مشيراً إلى أنهم جميعهم –تقريباً- التقوا بشكلٍ أو بآخر في الولايات المتحدة الأميركية (أو في دولةٍ أوروبية غربية) حتى إنه في زاويةٍ أخرى يشير إلى أنَّهم كانوا مخترقين من قبل أجهزة أمنٍ غربية وحتى من الصهاينة مثلاً (حينما يشير إلى أنَّ أحد قادة هذه المجموعات التكفيرية أبو معاذ اليمني-أحمد السالم- هو عميل للموساد). أما الأمر غير المفهوم البتة والمتناقض بعض الشيء هو مداخلة المحامي هاني سليمان، وهو المحامي المترافع والمدافع عن موقوفي الضنية، الذي شارك في الوثائقي ولم نفهم سبب وجوده، هل هو هناك للمدافعة عنهم (في الفيديو)؟ أم هو لإيضاح شيءٍ لا نعرفه؟ (خصوصاً أنه أشار أنه لدى إطلاق سمير جعجع قام مع مجموعة "من الناشطين في هذا الموضوع" بنشاط تضامني في نقابة الصحافة بهدف الإفراج عن موقوفي الضنية)، فلم يتضح فعلياً سبب تواجده.
يشرح الوثائقي علاقة "موقوفي الضنية" بكل ما حدث من "إرهابٍ" في لبنان بعد ذلك، حيث يثبت وبالأدلة القاطعة (والكثيرة) أن هؤلاء بغالبيتهم شاركوا فيما بعد (أو ارتبطوا) بأحداث ذات أبعادٍ إرهابية (خالد المحمود الذي أوقف مع شقيقه ليعود ويصبح أميراً لاحدى جماعات النصرة في سوريا ويقتل هناك، أو أحمد سليم ميقاتي الذي سيرسل إبنه للقتال في سوريا، وابن أخيه الذي "سيذبح" مؤخراً أحد "مختطفي" الجيش اللبناني الجندي الشهيد علي السيد).
يربط الوثائقي بشكلٍ ذكي بين الحوادث الإرهابية التي حدثت قبل العام 2001 وحدث العام الشهير أي تدمير برجي مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة الأميركية، ويراقب كيفية تحوّل الرأي الأميركي (سياسياً وأمنياً) قبل وبعد في التعامل مع هؤلاء الإرهابيين المفترضين . في ذات الوقت يكمل متابعاً على الأراضي اللبنانية كيفية تحركات هؤلاء الأشخاص أنفسهم الذين كان من المتوقع أن يتم "إعدامهم" والذين خرجوا بموجب عفوٍ خاصٍ بهم وقعه غالبية النواب اللبنانيين العام 2005. فيرصد غير خلية إرهابية: خلية 13، خلية الماكدونالدز، خلية برالياس، خلية الدندشي، وسواها. ومن أبرز ما يأتي الوثائقي على ذكره هو أن أول عملية "ذبح" تصوّر وتطلق فضائياً (أو مجازياً) كان منفذها "لبناني" وهو مصطفى درويش رمضان الكردي/اللبناني البيروتي الأصل، والذي ظهر في فيديو للقاعدة يذبح رهينةً كورية.
يلامس الوثائقي قلوب مشاهديه خصوصاً من خلال اللقاء مع زوجة الضابط الشهيد ميلاد النداف الذي "ذبحته" الجماعات الإرهابية (بحسب العماد إميل لحود حرفياً في الفيديو)، هناك حرفةٌ في تقديم الصورة والفكرة معاً في هذا المشهد. تظهر القصة أكثر من إنسانية، إنها مأساة "متلقي" الإرهاب وتأثيراته حتى ولو لم يكن في مواجهته بشكلٍ مباشر.
ما يعاب على الفيديو/الوثائقي هو غرقه أحياناً في "جملٍ" تعتبر "كليشهات" ويتم الإبتعاد عنها كثيراً عند العمل على "فيديو" مختلف، فتأتي جمل من نوعية "الولادة من الخاصرة"، "تلامس الشمس جبهة طليعة شهداء الجيش بخنجر الإرهاب التكفيري"، وكان لربما من الأجدى أن يتم استعمال لغة أكثر سهولة خصوصاً مع لغة "الفيديو" عالية الفنية المستخدمة في الوثائقي. شأن آخر يمكن التوجه إليه هو الخلفية التي استخدمت في بعض الأحيان، كان يمكن العمل عليها بشكلٍ أفضل، فمثلاً مع الصحافي علي الموسوي(خبير في الشأن الأمني) كانت الخلفية سوداء، وهناك صور تتكرر على شاشة بعيدة، ألم يكن الأجدى خصوصاً أنه يتحدث عن شخصٍ واحد يتم التركيز عليه (وهو بسام كنج) أن توضع صورة كنج في الخلفية؟ لمحاصرة المشاهد في الفكرة عينها؟
كذلك عند ختام الوثائقي يشعر المشاهد بأن هناك أمر لما يقال بعد حيث تم وضع صورة أحمد ميقاتي وفهد مغامس (والذين لطالما أخبرنا عباس فنيش في الوثائقي بمدى أهميتهما) مع لائحة بجرائهما وما اعترفا به، فلماذا هذا "البخل" أو "الشح" في الوقت؟ لماذا لم يصوّر خمس دقائق أخرى للحديث بشكلٍ مطوّل عن هذين الإثنين؟ (دقيقتان ربما، أو 3 على الأكثر)؟ لقد يبدو ان ختام الوثائقي "عُمل على عجل" .
في الختام، يأتي خيوط الموت وثائقياً ممتعاً، غنياً بالمعلومات، والحرفة الفنية والجمالية، لكنه كان من الممكن أن يكون "أكثر" طولاً (لربما هو بأجزاء متعددة لكن لم يتضح ذلك حسب المقطع الذي عرض). ويجب أن يتم التنويه بجهد الزميلين فنيش وطحيني في البحث "عميقاً" وبدقة في الحصول على معلومات دقيقة وغنية إلى هذا الحد.
يأتي الصوت "بعيداً" عند بداية الوثائقي في إطار من غموض. ثياب عباس فنيش تبدو "ثياب مراسل"، الغرفة التي يصوّر بها تبدو أشبه بغرف "تحميض" الصور القديمة. كانت بدايةً "موفقة للغاية" حيث إنه يضع المشاهد أمام البعد "الفني" للوثائقي الذي يقدّمه. الجو العام للفيديو يبدو واضحاً للغاية ومنذ اللحظة الأولى؛ إنه يريد أن يحكي عن "الحركات التكفيرية" التي مرت في لبنان، تبدو هذه "الصور" المعلقة على حبل "غسيل" كي تنشف والتي هي صور "لإرهابيين" تكفيرين عرفهم لبنان بشكلٍ آو بآخر دليلاً على المباشرة في الدخول إلى الموضوع دون إضاعة وقت.
البدايات
يحكى الوثائقي عن تلك الحادثة (جرت العام 1999/2000 في منطقتي الضنية وسير الضنية شمال لبنان) والتي كانت فعلياً أول "تصادم" مع قوى "تكفيرية/ارهابية" في لبنان. اللافت في الأمر أنَّ الفيديو سواء عن قصدٍ أو غير قصد "فضح" الرئيس الأسبق ميشال سليمان الذي كان قائداً للجيش آنذاك، بحسب رواية العماد إميل لحود (حينما كان رئيساً للجمهورية) حينما اتصل به "معزياً" بالأحد عشر شهيداً من الجيش اللبناني، ليخبره سليمان أن هذا الأمر غير صحيح، وإنه لا علم لديه بالأمر. طلب منه لحود التأكد من الأمر، فقال له بعدما تأكد: "معك حق لم نعرف عن الأمر شيئاً". في نفس الإطار يرفع الوثائقي قيمة معلوماته حينما يشير بالإسم إلى رؤساء هذه الجماعت التكفيرية مشيراً إلى أنهم جميعهم –تقريباً- التقوا بشكلٍ أو بآخر في الولايات المتحدة الأميركية (أو في دولةٍ أوروبية غربية) حتى إنه في زاويةٍ أخرى يشير إلى أنَّهم كانوا مخترقين من قبل أجهزة أمنٍ غربية وحتى من الصهاينة مثلاً (حينما يشير إلى أنَّ أحد قادة هذه المجموعات التكفيرية أبو معاذ اليمني-أحمد السالم- هو عميل للموساد). أما الأمر غير المفهوم البتة والمتناقض بعض الشيء هو مداخلة المحامي هاني سليمان، وهو المحامي المترافع والمدافع عن موقوفي الضنية، الذي شارك في الوثائقي ولم نفهم سبب وجوده، هل هو هناك للمدافعة عنهم (في الفيديو)؟ أم هو لإيضاح شيءٍ لا نعرفه؟ (خصوصاً أنه أشار أنه لدى إطلاق سمير جعجع قام مع مجموعة "من الناشطين في هذا الموضوع" بنشاط تضامني في نقابة الصحافة بهدف الإفراج عن موقوفي الضنية)، فلم يتضح فعلياً سبب تواجده.
يشرح الوثائقي علاقة "موقوفي الضنية" بكل ما حدث من "إرهابٍ" في لبنان بعد ذلك، حيث يثبت وبالأدلة القاطعة (والكثيرة) أن هؤلاء بغالبيتهم شاركوا فيما بعد (أو ارتبطوا) بأحداث ذات أبعادٍ إرهابية (خالد المحمود الذي أوقف مع شقيقه ليعود ويصبح أميراً لاحدى جماعات النصرة في سوريا ويقتل هناك، أو أحمد سليم ميقاتي الذي سيرسل إبنه للقتال في سوريا، وابن أخيه الذي "سيذبح" مؤخراً أحد "مختطفي" الجيش اللبناني الجندي الشهيد علي السيد).
يربط الوثائقي بشكلٍ ذكي بين الحوادث الإرهابية التي حدثت قبل العام 2001 وحدث العام الشهير أي تدمير برجي مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة الأميركية، ويراقب كيفية تحوّل الرأي الأميركي (سياسياً وأمنياً) قبل وبعد في التعامل مع هؤلاء الإرهابيين المفترضين . في ذات الوقت يكمل متابعاً على الأراضي اللبنانية كيفية تحركات هؤلاء الأشخاص أنفسهم الذين كان من المتوقع أن يتم "إعدامهم" والذين خرجوا بموجب عفوٍ خاصٍ بهم وقعه غالبية النواب اللبنانيين العام 2005. فيرصد غير خلية إرهابية: خلية 13، خلية الماكدونالدز، خلية برالياس، خلية الدندشي، وسواها. ومن أبرز ما يأتي الوثائقي على ذكره هو أن أول عملية "ذبح" تصوّر وتطلق فضائياً (أو مجازياً) كان منفذها "لبناني" وهو مصطفى درويش رمضان الكردي/اللبناني البيروتي الأصل، والذي ظهر في فيديو للقاعدة يذبح رهينةً كورية.
خيوط الموت : البحث عن القتلة
في العمقيلامس الوثائقي قلوب مشاهديه خصوصاً من خلال اللقاء مع زوجة الضابط الشهيد ميلاد النداف الذي "ذبحته" الجماعات الإرهابية (بحسب العماد إميل لحود حرفياً في الفيديو)، هناك حرفةٌ في تقديم الصورة والفكرة معاً في هذا المشهد. تظهر القصة أكثر من إنسانية، إنها مأساة "متلقي" الإرهاب وتأثيراته حتى ولو لم يكن في مواجهته بشكلٍ مباشر.
ما يعاب على الفيديو/الوثائقي هو غرقه أحياناً في "جملٍ" تعتبر "كليشهات" ويتم الإبتعاد عنها كثيراً عند العمل على "فيديو" مختلف، فتأتي جمل من نوعية "الولادة من الخاصرة"، "تلامس الشمس جبهة طليعة شهداء الجيش بخنجر الإرهاب التكفيري"، وكان لربما من الأجدى أن يتم استعمال لغة أكثر سهولة خصوصاً مع لغة "الفيديو" عالية الفنية المستخدمة في الوثائقي. شأن آخر يمكن التوجه إليه هو الخلفية التي استخدمت في بعض الأحيان، كان يمكن العمل عليها بشكلٍ أفضل، فمثلاً مع الصحافي علي الموسوي(خبير في الشأن الأمني) كانت الخلفية سوداء، وهناك صور تتكرر على شاشة بعيدة، ألم يكن الأجدى خصوصاً أنه يتحدث عن شخصٍ واحد يتم التركيز عليه (وهو بسام كنج) أن توضع صورة كنج في الخلفية؟ لمحاصرة المشاهد في الفكرة عينها؟
كذلك عند ختام الوثائقي يشعر المشاهد بأن هناك أمر لما يقال بعد حيث تم وضع صورة أحمد ميقاتي وفهد مغامس (والذين لطالما أخبرنا عباس فنيش في الوثائقي بمدى أهميتهما) مع لائحة بجرائهما وما اعترفا به، فلماذا هذا "البخل" أو "الشح" في الوقت؟ لماذا لم يصوّر خمس دقائق أخرى للحديث بشكلٍ مطوّل عن هذين الإثنين؟ (دقيقتان ربما، أو 3 على الأكثر)؟ لقد يبدو ان ختام الوثائقي "عُمل على عجل" .
في الختام، يأتي خيوط الموت وثائقياً ممتعاً، غنياً بالمعلومات، والحرفة الفنية والجمالية، لكنه كان من الممكن أن يكون "أكثر" طولاً (لربما هو بأجزاء متعددة لكن لم يتضح ذلك حسب المقطع الذي عرض). ويجب أن يتم التنويه بجهد الزميلين فنيش وطحيني في البحث "عميقاً" وبدقة في الحصول على معلومات دقيقة وغنية إلى هذا الحد.