ارشيف من :آراء وتحليلات
غضب في تونس بعد اختطاف موظفي سفارتهم في طرابلس
ما زالت حادثة اختطاف موظفين بالقنصلية التونسية في طرابلس الغرب تثير اهتمام الرأي العام في الخضراء، وذلك رغم سقوط قتلى وجرحى جدد في صفوف قوات الأمن والجيش التونسيين بسبب عمليات إرهابية في مدينتي سيدي بوزيد (وسط البلاد) وجندوبة (في الشمال الغربي). كما أن حادثة اغتيال الإرهابي الجزائري مختار بلمختار المعروف بـ"الأعور"، في قصف أمريكي على مدينة أجدابيا الليبية، لم تحرك الرأي العام في تونس وذلك رغم خطورة الأعور وتورطه في عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت الخضراء.
فالكل مهتم بمصير موظفي القنصلية والصحافيين التونسيين المختطفين في ليبيا سفيان الشورابي ونذير القطاري، ولا يعنيه في شيء أن يقتل الإرهابي وزعيم مافيا تهريب المخدرات والسلاح والسجائر بالصحراء الكبرى الإفريقية ومؤسس كتيبة الموقعون بالدم مختار بلمختار الذي كان في وقت سابق قياديا في ما يسمى بـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". فمن يختطف في ليبيا عادة لا يعود سالما إلى ذويه ونادرا ما تحصل المعجزة ويتم الإفراج عن المختطفين في بلد انعدم فيه الأمن وترتعت فيه الميليشيات المسلحة بلا رقيب.
فجر ليبيا
ويتهم جل الرأي العام في تونس ميليشيات "فجر ليبيا" بالمسؤولية عن اقتحام القنصلية التونسية وأسر موظفيها وانتهاك السيادة التونسية. فـ"فجر ليبيا" ذات التوجهات الإخوانية هي التي تسيطر على مدينة طرابلس، وتسوق نفسها على أنها دولة وتمثل الشعب الليبي وتختلف عن "داعش" وباقي التنظيمات التكفيرية.
احتجاجات في تونس
كما أن عملية الاختطاف والاقتحام قام بها فصيل يقوده المدعو وليد القليب الذي تدعي ميليشيات فجر ليبيا أنه انشق عنها ولم يعد يمثلها. لكن المتأمل في مطالب الخاطفين، والمتمثلة في الإفراج عن أحد قياديي فجر ليبيا المعتقل في تونس والمتورط في استهداف أمن تونس، يدرك أن مسألة الانشقاق تلك ما هي إلا ذر رماد في العيون حتى تتنصل جماعة فجر ليبيا من المسؤولية.
إحراج
فميليشيات فجر ليبيا ترتبط بعلاقات وطيدة مع أطراف إخوانية تونسية كثيرا ما دافعت عنها في مختلف المنابر الإعلامية، وتبدو هذه الأطراف الإخوانية التونسية محرجة اليوم إزاء ما أقدمت على فعله الأطراف الليبية. وهو ما دفع بجماعة فجر ليبيا إلى التبرؤ من الخاطفين تجنبا لإحراج رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وكثير من أتباعه وأنصاره ومريديه ممن حرصوا في المنابر الإعلامية على إقناع التونسيين بأن جماعة فجر ليبيا تختلف عن الميليشيات المارقة والخارجة عن القانون في ليبيا.
كما يتعرض الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بدوره إلى انتقادات واسعة بعد استقباله للصلابي وهو أحد قادة فجر ليبيا الذي يصنفه التيار العلماني في تونس ضمن خانة التكفيريين والخارجين عن القانون. كما لم تغفر هذه الفئة من التونسيين لرئيسها موافقته على إرسال بعثة دبلوماسية إلى طرابلس التي تسيطر عليها فجر ليبيا، وتمنع البرلمان الليبي المنتخب من ممارسة مهامه فيها باعتبارها عاصمة البلاد ما اضطره إلى عقد اجتماعاته في مدينة طبرق شرق البلاد.
انفراج
ورغم الحديث عن بداية انفراج في الأزمة وعن إفراج قريب عن المخطوفين إلا أن التونسيين يشعرون بالإهانة وبأن ما حصل لا يجب أن يمر مرور الكرام. فالأمر يتعلق بهيبة دولة انتخبوا الباجي قائد السبسي من أجل إرجاعها لكنه لم ينجح لحد الآن في ذلك.
وقد كان خطأ فادحا بالنسبة للكثيرين إرسال تونس لبعثة قنصلية إلى طرابلس لأن في ذلك اعترافا ضمنيا بشرعية ميليشيا خرجت عن القانون حتى لو تعلق الأمر بمصالح جالية تونسية مقيمة في طرابلس الغرب.