ارشيف من :آراء وتحليلات

الأهميّــة الاستراتيجيّة لمدينـة دير الزّور ومطارها

الأهميّــة الاستراتيجيّة لمدينـة دير الزّور ومطارها

بعد إجراء نظرة على خارطة انتشار وحدات الجيش السّوري والقوى الإرهابيّة المختلفة التي تُحاربه وخصوصاً في شرق سوريا وفي أغلب مناطقه الحدوديّة مع العراق، وبعد سيطرة "داعش" أواخر الشهر الماضي على مدينة تدمر، لم يبقَ سِوى مطار دير الزّور ومُحيطه القريب مع جزء بسيط في المدينة تحت سيطرة هذا الجيش ومن هُنا تبرز الأهمّيّة الجغرافيّة والعسكريّة الاستراتيجيّة لدير الزّور (مدينةً وريفًا ومطارًا) في حرب المواقع والمناطق التي تشنّها "داعش" في العراق وسوريا بدعم من قوى كُبرى دوليّة وإقليميّة.

جغرافيّاً:    

المدينة السورية الوحيدة على حوض الفرات بيد الدولة، تدعى " لؤلؤة الفرات"، تعتبر الممر الاقرب بين الشمال والشرق السوري (حلب وادلب واللاذقية)  مع الوسط العراقي (الرمادي وبغداد وكربلاء)، تُشكّل نقطة تواصل وربط بين المدن والمحافظات السوريّة (دمشق وحمص مع الرّقّة والحسكة)، تتوزع مدن وقرى محافظة ادلب الأساسية تقريبا على حوض نهر الفُرات شمالاً وجنوباً لتكّون منطقة سهلية، زراعيّة غنيّة بامتياز، ذات كثافة سكانية مرتفعة.

الأهميّــة الاستراتيجيّة لمدينـة دير الزّور ومطارها
مطار دير الزور

عسكريّاً:   
   
أهمّيّتها الجغرافيّة تعطيها ميزة عسكريّة عملانية مهمة تُضاف إلى كونها المدينة الحدوديّة الوحيدة في الوسط الشرقي للدّولة السّوريّة التي تؤمن لمن يُسيطر عليها القدرة والإمكانيّة للتدخّل في أكثر من اتّجاه لحماية الحدود السّوريّة شمالاً أو جنوباً ولتنفيذ أكثر من انتشار أمني أو عسكري باتّجاه الحسكة أو باتّجاه الرّقّة حتى حلب أو باتّجاه تدمر حتى حمص أو دمشق.

استراتيجيّاً:  

- تشكّل وفي إطار حرب السّيطرة المفتوحة بين "داعش" من جهة وبين الجيش العراقي أو الجيش السّوري من جهة أخرى حلقة أساسيّة في المناورة الدّفاعيّة أو الهجوميّة لمعركة "داعش" أو في المناورة الدّفاعيّة أو الهجوميّة لمعركة كلّ من الجيشين.

- يُعتبر مطارها نقطة انطلاق استراتيجيّة لعمليّات التدخّل بوحدات خاصّة في مواقع مُتعدّدة أو لعمليّات الدّعم الجوّي لصالح مراكز ووحدات صديقة أو لعمليّات إنزال مجوقلة لصالح تقدّم قوى في مهاجمة مراكز ومواقع للإرهابيّين أو لعمليّات فكْ حصار عن قوى أُخرى أو لعمليّات إمداد لوجستي من الجّوْ.... الخ وذلك في كامل بقعة عمليات الجيش السوري مع امكانية للتدخل في بقعة عمليات الجيش العراقي حتى الرمادي ضمنا.
- مركزها الوسطي بين مدينتي الرمادي والرقة له دلالة معنوية وعسكرية بالنسبة لـ"داعش" او لكل من الجيشين العراقي او السوري.

هذه المميّزات العسكريّة والاستراتيجيّة التي تؤمنها مدينة دير الزّور مع مطارها، بالإضافة لخصوصيّتها الحاليّة كونها الموقع شبه الوحيد على الحدود الشرقيّة لسوريا والذي يسيطر عليه الجيش السّوري، يفرضان العمل للمُحافظة على هذه السّيطرة ودعمِها وتقويتِها، حيثُ أنّها بالإضافة لما ذُكِرَ أعلاه تشكل نقطة ارتكاز مستقبلية تنطلق منها عملية استعادة السيطرة على أغلب المواقع التي خسرها الجيش شرق وشمال شرق سوريا، كما وإنّ هذه الحرب المفتوحة التي تشنّها "داعش" تستدعي تنسيقاً عسكريّاً مُباشراً بين الجيشين السّوري والعراقي قد تكون مدينة ومطار دير الزّور هي النّقطة المركزيّة لهذا التنسيق، حيثُ يُمكن أن يُقام جسر جوّيّ بين بغداد ومطار دير الزّور، يتمّ من خلاله نقل عناصر من الجيش العراقي والحشد الشّعبي يعملون على مُساعدة ودعم القوى المتمركزة في المطار المذكور وتطوير هذا التمركز بشكل تدريجيّ للسّيطرة على بُقعة أوسع تؤمّن حيطة أكبر وتكون نواة أساسيّة تتمدد مع الوقت لتُصبح قوّة عسكريّة كُبرى تنطلق منها عمليّة إستعادة السّيطرة على مدينة الرّقّة ومطار الطبقة العسكريّ في مُحيطها أو على القطاع الجنوب شرقي لمدينة دير الزّور حتى مدينة بوكمال السورية الحدودية امتداداً لمدينة القائم العراقيّة فالأنبار حتى الرّمادي.

إنّ في استعادة السّيطرة على مدينة الرّمادي حيثُ يعمل حاليّاً الجيش العراقي على ذلك، وفي الضّغوط التي بدأت تزداد على عناصر "داعش" الإرهابيّة شمال تكريت في بيجي وامتداداً باتّجاه الموصِل، كما أنّ الضغوط الجدّية التي تتعرض لها "داعش" في الحسكة من قبل الجيش السوري الذي استعاد السيطرة على عدد من البلدات ومن قبل قوّات حماية الشّعب الكُرديّ الذي طرد مسلحي داعش من مدينة تل أبيض، بالاضافة لانتصار الجيش السوري وحلفائه في القلمون وإستعدادهم لدعم جبهات إدلب وحلب ورفع مُستوى جهوزيّة القوى المدافعة عن دمشق، كُلّ ذلك يُشكّل عوامل وعناصر تُساعِد على الذهاب في هذه الحرب ضدّ الإرهاب باتّجاه الحسم لصالح الجيشين على الأراضي العراقيّة وعلى الأراضي السّوريّة.
2015-06-19