ارشيف من :آراء وتحليلات
الهدف المعلن بلدة ’حضر’ والحقيقة في مكان آخر
عندما يقول ضابط اسرائيلي رفيع أن "حضر" صامدة حتى الآن ولا يفصل بينها وبين المذبحة الا ساعتان من التقدم، وتتحدث في السياق نفسه صحف اسرائيلية بان على "اسرائيل" الاختيار على حدودها بين تواجد قوي لحزب الله وايران أو لداعش الارهابية أو لقطاع درزي، وعندما نقارن ذلك مع ما كان يشيعه قادة عسكريون ووسائل اعلام اميركية منذ فترة عن الخطر الاستراتيجي الكبير في سيطرة "داعش" على مصفاة بيجي في العراق مقارنة مع خطر عادي في سيطرتها على مدن عراقية اخرى كالرمادي مثلا، لنرى بعدها مباشرة هجوما صاعقا ناجحا على الاخيرة، سوف نجد أن على الجيش السوري وحلفائه النظر في مكان آخر غير بلدة "حضر".
لم تكن معركة محاولة السيطرة على بلدة حضر سهلة على التكفيريين (النصرة ومسلحي غرفة عمليات الموك في الاردن)، او حتى على المدافعين من ابناء البلدات المجاورة والدفاع الشعبي والجيش العربي السوري وحلفائه، خصوصا انها اتخذت طابعا دمويا شرسا في محاولة الارهابيين السيطرة على تلال ( الشعار وكروم جبا والبزاق والتي تشكل مفتاحا للسيطرة على مدينة البعث وبلدة خان ارنبة، حيث تعطي من يسيطر عليها نقاطا مهمة في معركة الوصول الى تخوم دمشق الجنوبية، كما ان الاهتمام الواضح من قبل المتابعين للحرب الدائرة في سوريا او التغطية الاعلامية الواسعة لهذه المعركة لم يكن بريئا او عابرا، خصوصا مع ما رافق ذلك من دراسات وتحليلات حول الوضع الدرزي والحزام المرتقب والحماية المنشودة الاسرائيلية لهذه الحالة الانسانية التي ستفرض نفسها في حال سيطر الارهابيون على البلدات الدرزية في الجنوب السوري.
الجيش السوري
الاهمية الاستراتيجية
في دراسة ميدانية وعسكرية لبقعة المعركة في الجنوب السوري وتحديدا بين ريفي درعا والقنيطرة وامتدادا لريف دمشق الجنوبي او للمدخل الاستراتيجي الجنوبي للعاصمة، سنجد ان السيطرة على حضر وبالتالي على معبر ( حضر- جبل الشيخ - راشيا في لبنان وربط المناطق الدرزية بين القنيطرة ولبنان لن يكون له التأثير المنتج الذي يعطي النقاط الايجابية الكافية لفرض الحسم في هذه المعركة الاستراتيجية للسيطرة على دمشق في الوقت الذي يمكن اعتماد محور: "خان أرنبة " (بعد السيطرة عليها) - " سعسع " (حيث ينتشر اللواء 90 التابع للجيش السوري) – خان الشيخ – جديدة أرتوز، او ما يسمى بالمحور الغربي من الجنوب باتجاه الشمال ان يكون منتجا كمحور اساسي في هذا الهجوم المرتقب، كما ان اعتماد مثلث كفرناسج - كفرشمس - الحارة قاعدة انطلاق لهجوم واسع باتجاه الهبارية – دناحي – خان الشيخ او اعتماد " الشيخ مسكين " قاعدة انطلاق لهجوم بديلة او مترافقة مع الاولى باتجاه : الصنمين – دير العدس امتدادا حتى مدينة " كسوة " الاستراتيجية ، سيعطيان الهجوم نقاطا ايجابية، فلو نجحت تلك الخطة لفرضت الحسم الفعال والاستراتيجي للسيطرة على دمشق بعد السيطرة على ريفها الجنوبي وذلك كون مدينة " كسوة " تعتبر نقطة ربط اساسية في جنوب دمشق ومركز قيادة الفرقتين الاولى والسابعة من الجيش السوري وبعض الالوية الاختصاصية الاستراتيجية، كما ان المسالك الواسعة وطبيعة الارض السهلية المناسبة في هذين المحورين الاخيرين تسمح بزج وحدات مشتركة من قوى المشاة والقوى المؤللة من الواضح انها متوفرة عند مجموعة الفصائل المتشددة ، في حين ان المحور الغربي لا يسمح بذلك من ناحية الطبيعة الصعبة والمسالك الضيقة.
من هنا وحيث يشكل مثلث كفرشمس - كفرناسج – تل الحارة (الذي تسيطر عليه المجموعات الارهابية)، قاعدة انطلاق مناسبة في معركة هؤلاء للوصول الى دمشق بعد الوصول الى ريفها الجنوب أو على الاقل للسيطرة كمرحلة اولى على مثلث ( كسوة - خان الشيخ – جديدة أرتوز) الاستراتيجي ، يجب ان يكون من الاولويات المهمة التي تؤخذ بعين الاعتبار من قبل الجيش السوري وحلفائه في مناورتهم الدفاعية وذلك من ناحية تركيز قوة الدعم الناري المناسبة ( الجوي والمدفعي للتعامل معه عند اعتماده في الهجوم، كما ان تثبيت خط دفاع يمتد بين"سعسع "غربا حتى" كمونة " شرقا مرورا ب" كناكر" و شقحب " و " أركيس "، مع اعطائه الجهد الرئيي في المدافعة الثابتة يبقى ضروريا وملحا خصوصا اذا ما تم أخذ العبرة من معركة مهاجمة ادلب وجسر الشغور في الشمال حيث افتقدت المناورة هناك الى خط مدافعة ثابت وهذا سيكون مكلفا جدا فيما لو تم الخرق باتجاه مداخل دمشق الجنوبية .