ارشيف من :آراء وتحليلات
صفقة باكستانية – روسية تفتح الباب على أسئلة استراتيجية
عون هادي حسين
انشغل الإعلام الباكستاني بإعلان المتحدث باسم الجيش الباكستاني اللواء "عاصم باجوه" عن صفقة لشراء مروحيات MI 35 مقاتلة روسية الصنع دخلت مراحلها النهائية، في 18 حزيران/ يونيو من الجاري، كما أفاد مدير شركة "روستيخ" الحكومية الروسية سيرغي تشيميز أنه من الممكن أيضا أن تباع لباكستان فيما بعد منظومات "خريزانتيما" المضادة للدبابات، وعربات دعم الدبابات "ترميناتور".
ويعتقد خُبراء في الشأن الدولي أن لهذا الإعلان أهمية ودلالة كبيرة، لا سيما إذا تم وضع إعلان المتحدث باسم الجيش الباكستاني في السياق الصحيح لتسلسل الأحداث والمواقف الباكستانية من جهة، وملاحظة توقيت الإعلان من جهة أخرى. فما هذا السياق الذي يتكلم عنه الخبراء؟ وما دلالة توقيت الإعلان عن صفقة عسكرية بين باكستان وروسيا؟
يرى محللون أن تحوّلاً استراتيجياً بدأ يلوح في أفق السياسة الخارجية الباكستانية مُذ استلام الجنرال راحيل شريف قيادة الجيش الباكستاني في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ، خلفاً للجنرال إشفاق كياني المعروف بدعمه للمؤسسة السياسية والنظام الجمهوري والذي في ولايته أكمل الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري (زوج بينظير بوتو ولايته كاملة دون اي انقلاب، ما شكل سابقة تاريخية بالنسبة لباكستان ، لكن الحال مع الجنرال راحيل شريف بنظر المحلل السياسي اعجاز صادقي كان مغايراً، فالجنرال شريف من اليوم الأول كان ممتعضاً من سياسات رئيس الحكومة نواز شريف إتجاه الملف الأفغاني و الهندي ومحاكمة الرئيس السابق الجنرال برويز مشرف .
مروحية MI 35
كما أن إصرار الجنرال شريف على القيام بعملية عسكرية شمال وزيرستان، يُفهم منه أنه اراد الإنقلاب على نواز شريف لكن بشكل ناعم والإبقاء عليه صورياً، وبالفعل هكذا كان فقد تلا الإعلان عن العملية العسكرية "ضرب عضب" إعلان فتح المحاكم العسكرية ما يصفه إعجاز صادقي بإنقلاب عسكري بالدستور وذلك لأن فتح المحاكم العسكرية اقتضى تعديلاً في الدستور بلغ الـ21 بتاريخ باكستان، وهو الذي كبل السلطات الثلاثة في البلاد وحجم من دور القضاء المدني.
في سياق متصل، يقول صادقي: إن نتيجة كل هذه التحولات في السلطة داخل البلاد كان له أثره الواضح في سياسة باكستان الخارجية، ابتداء من عدم قبول باكستان الطلب السعودي في المشاركة بتحالف "عاصفة الحزم"، مروراً بالانفتاح الباكستاني على ايران وتحدي العقوبات الدولية المفروضة عليها، إلى جانب مشاركة الصين بمشروع "طريق الحرير الجديد" والسماح للصين بالاستفادة من 1800 ميل من الاراضي الباكستانية، وليس آخرها صفقة المروحيات الحربية بين باكستان وروسيا، والتي قد سبقها صفقة بوارج حربية بين باكستان والصين بستة مليارات دولار.
صادقي يختم متسائلاً "لو كانت السلطة بيد نواز شريف هل تأخر لحظة عن تلبية السعودية؟ وقد فعل لكن عاد وتراجع بعد ضغط الجيش والبرلمان، أو كان تجرأ على الإنفتاح بهذا الشكل على ايران؟!!"
في التوقيت يأتي هذا الإعلان في لحظة تحوّل بالرؤية الباكستانية لعلاقتها الخارجية وتحالفاتها الإستراتيجية في العالم . ففي الـ26 من نوفمبر/تشرين الثاني 2014، اعلن وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف الولايات المتحدة الأميركية "أن أميركا ليست حليفًا يمكن الوثوق به؛ فقد كانت حليفًا نسبيًّا لنا في الستينات والسبعينات، وكانت سياساتها في الشرق الأوسط وجنوب آسيا كارثية، وما زلنا ندفع ثمنها" .
كلام مهم جداً، من مسؤول باكستاني رفيع المستوى في الحكومة الحالية يوضح أهمية ما تشهده باكستان من تحولات داخلية وانعطافة ما زال يشكك به المتابعون في سياسة باكستان الخارجية، فهل بالفعل باكستان أمام انعطافة استراتيجية؟ تحاكي تلك التي شهدتها في سبعينيات القرن الماضي لكن نحو الشرق هذه المرة ؟.