ارشيف من :آراء وتحليلات
أزمة داخل المستقبل
لا يمكن اعتبار المنازلة بين الوزيرين نهاد المشنوق واشرف ريفي مسألة طبيعية او عابرة . اشتباك الوزيرين المنتمين الى نفس التيار وعلى المكشوف ودون اي تحفظ او خجل ووصول الامور الى قيام ريفي بمحاولة علنية لاغتيال زميله سياسيا لا يمكن ان تمر مرور الكرام . لقد استخدم ريفي اسلحته من العيار الثقيل . وظف الشارع التكفيري ضد زميله . رفع المتظاهرون اعلام داعش وكالوا التهديد والوعيد لوزير الداخلية . لم يتورع ريفي عن استخدام سلاح قد تترك اثاره الجانبية ندوبا على شعبية تياره الازرق . ما جرى لا يمكن وضعه في سياق المنافسة غير الشريفة التي باتت مفضوحة بين كادرين طامحين لمواقع اعلى في التيار وعلى المستوى الحكومي . ما يجري يدل دون ادنى شك على ان المستقبل مأزوم . والأزمة كبيرة استدعت تدخلا من اعلى المستويات في المملكة العربية السعودية لضبضبة فضيحة البيت المستقبلي ولملمتها .
للتدخل السعودي دلالاته الاضافية . يبدو ان العهد الجديد في المملكة لم يعد يثق بـ"حكمة " سعد الحريري وقدرته على الامساك بالعصا من الوسط . التدخل السعودي جاء لحماية رجل محمد بن نايف في لبنان نهاد المشنوق خاصة ان الحريري الابن بدا باردا في معرض دفاعه عن وزير الداخلية .
لا تتوقف الامور عند هذا الحد . لقد فضحت الزيارة الحكومية الاخيرة الى الرياض مكانة سعد الحريري المهتزة لدى الحكام الجدد . للمرة الاولى يغيب الاخير عن الاجتماعات الرسمية للوفد اللبناني مع مسؤولين سعوديين . نقل مشاركون في الزيارة ان محمد بن نايف تقصَد تغييب الحريري وعلى المكشوف . لقد شعر كل اعضاء الوفد بتراجع موقع الحريري لدى ال سعود وخاصة الفرع الحاكم فيها . ما قيل عن حساسية كبيرة من ولي العهد تجاه الحريري الابن يبدو انها مستمرة ولم تجد الدواء الشافي .
الازمة في المستقبل الى اين؟
اذن امور المستقبل تزداد تعقيدا . تأتي وثائق ويكيليكس لتزيد الطين بلة . تكشف الوثائق عن مطالبة حلفاء للمستقبل بعلاقة مباشرة مع الرياض وتمويل منها دون وساطة التيار الأزرق وهذا ما حصل بالفعل . زيارة سمير جعجع الشهيرة ازعجت سعد الحريري الذي اعتاد على ان يكون متعهد العلاقات السياسية للسعودية في لبنان . يفقد الحريري موقعه هذا بشكل تدريجي وبطيء . زيارة رئيس الحكومة شكلت الذروة في هذا المسار التراجعي . كما ان مجرد طلب اطراف لبنانيين لهذا الامر تعكس اهتزازا لثقتهم بحليفهم الابرز . غياب الحريري وسفره الدائم لا يقنع حلفاءه ويدفعهم للعب ضمن هوامشهم الخاصة .
كما ان وثائق ويكيليكس تكشف زيف وكذب اصحاب شعارات الحرية والسيادة والاستقلال وهذه قضية ستترك اثارا على الرأي العام المؤيد للستقبل وان كان ببطء وعلى المدى الطويل .
مسألة اخرى لا يمكن اهمالها وهي الاعتماد المتزايد لاعلام المستقبل على الكذب واختلاق الاحداث من اجل تبرير السياسات والمواقف الزرقاء . وصلت الامور الى حد الترويج لمواقف تنسب الى الرئيس المصري نقلا عن رئيس حكومة لبنان حول الوضع السوري ليتبين فيما بعد ان ما نشرته الصحيفة كعنوان اول على صفحتها الاولى من نسج خيال العاملين هناك وهذا ما اكده بيان رسمي صادر عن رئيس الحكومة اللبنانية نفى الكلام المنشور جملة وتفصيلا . الاسلوب الاعلامي هذا يأتي تعبيرا عن الأزمة المتنامية داخل تيار المستقبل والتي تحتاج الى معالجة سريعة والا فأن عواصف لن تحمد عقباها ستهب على التيار ... يا عزيزي .