ارشيف من :آراء وتحليلات
تونس تطرق أبواب الكرملين
أدى مستشار الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، محسن مرزوق زيارة إلى موسكو التقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وسلمه رسالة من قائد السبسي، كما التقى وزير الخارجية سيرغي لافروف. ويوصف محسن مرزوق بأنه الرجل الثاني في الدولة التونسية وقد يكون مرشح حركة نداء تونس للانتخابات الرئاسية القادمة باعتباره بات أمينها العام.
وتأتي هذه الزيارة بعد عودة الباجي قائد السبسي من واشنطن التي التقى فيها كبار المسؤولين الأميركان وعلى رأسهم باراك أوباما، وأيضا بعد الأزمة التي أثارها إعلان أوباما عن منح تونس صفة الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية من خارج حلف الناتو دون استشارة الجانب التونسي. كما تأتي هذه الزيارة مباشرة بعد زيارة مسؤول رفيع المستوى في حلف شمال الأطلسي تونس وإعلانه عن استعداد الحلف لدعم الخضراء في حربها على الإرهاب.
دعوات
وحسب ما تم الإعلان عنه تضمنت زيارة موسكو دعوة من الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة تونس، كما تضمنت أيضا دعوة من الرئيس بوتين لقائد السبسي لزيارة موسكو. وستكون الزيارتان تاريخيتين بكل ما للكلمة من معنى، إذ لم يسبق عبر التاريخ أن زار رئيس تونسي الأراضي الروسية كما لم يسبق لرئيس سوفييتي أو روسي أن زار الخضراء زيارة رسمية، بل كان الأمر مقتصرًا على لقاءات في قمم دولية وعلى زيارات قام بها وزراء ورؤساء حكومات لا غير.
تونس وروسيا
كما تم خلال هذه الزيارة بحث مسألة تطوير استعمال تونس للطاقة النووية لأغراض سلمية، حيث ستكون موسكو هي المشرفة على هذا البرنامج التونسي الذي تم الاتفاق عليه في لقاءات سابقة بين مسؤولي البلدين. فأغلب الإنتاج النفطي التونسي القليل يذهب إلى إنتاج الكهرباء ويتم استنزافه في هذا المجال، في حين أنه بالإمكان إنتاج اليورانيوم من ثروة الفوسفات الهائلة التي تمتلكها تونس، ويستغل هذا اليورانيوم لاحقا في إنتاج الطاقة النووية التي يمكن من خلالها إنتاج الكهرباء، وبالتالي المحافظة على احتياطي نفطي للأجيال القادمة.
التزود بالمواد الغذائية
كما أن بين الروس والتونسيين اتفاقيات حصلت السنة الماضية باتت بمقتضاها تونس من أهم مزودي الجانب الروسي بالمواد الغذائية وعلى رأسها زيت الزيتون، الذي تحتل تونس المرتبة الثانية عالميا في إنتاجه وتصديره، وكذلك اللحوم والخضراوات والغلال، وذلك بعد أن قطعت موسكو تعاملاتها مع الأوروبيين في هذا المجال بسبب الأزمة الأوكرانية. وقد تم توقيع هذه الاتفاقيات زمن حكومة المهدي جمعة وتبدو بحاجة إلى مزيد من الدعم خلال الزيارات التي سيؤديها رئيسا البلدين إلى موسكو وتونس.
ولعل الجانب الخفي من الزيارة والذي لم يتم الإعلان عنه هو طمأنة التونسيين لحليفهم الاقتصادي الجديد (روسيا) بأن ما حصل من تقارب بين واشنطن وتونس خلال زيارة الباجي قائد السبسي لواشنطن لن يكون على حساب المصالح الروسية التي تنمو وتزهر في تونس. فروسيا باتت في نظر التونسيين حليف استراتيجي على غاية من الأهمية والكل يبارك هذا التعاون الجديد بين البلدين لأن ما ظهر هو أن المنافع التي سيجنيها الجانب التونسي في تقاربه مع موسكو أهم بكثير مما تعد به الولايات المتحدة الأميركية.