ارشيف من :آراء وتحليلات

المصالحة الأفغانية.. أفق مسدود ولا بدائل حقيقية

المصالحة الأفغانية.. أفق مسدود ولا بدائل حقيقية
عون هادي حسين

لا شك أن أفغانستان عشية انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي وقوات "الناتو" شيء، وقبل انسحابهما شيء آخر، فانسحاب الاحتلال الدولي لأفغانستان بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، فتح الباب على صراع أقليمي بين الدول المجاورة لأفغانستان. اللاعبون الإقليميون تتفاوت أدوارهم وتختلف مواقفهم باختلاف مصالحهم ومخاوفهم في أفغانستان، لكن يبقى العنوان الأبرز هو "حركة طالبان "، حيث أن سائر الموضوعات مرتبطة به كالوضع الأمني والحوار.


بيد أن سياسات "طالبان" المتناقضة تثير تساؤلات المراقبين، بدءًا من سلسلة الهجمات في أنحاء متفرقة البلاد، إلى جلسات الحوار الأفغاني في الدوحة وأوسلو، وصولاً إلى التقدم اللافت وغير المسبوق أو المتوقع  للحركة في شمال البلاد الذي استدعى أن تعرب عن قلقلها بعد صمت دام قرابة 14 عاماً. هذه التحولات الداخلية والإقليمية تطرح سؤالا بيِّنًا عن مستقبل المصالحة الأفغانية في ظل إستمرار الهجمات والتوسع الجغرافي لطالبان؟

المصالحة الأفغانية.. أفق مسدود ولا بدائل حقيقية
تفجير ارهابي

الرئيس الأفغاني أشرف غني دأب مُنذ توليه السلطة في سبتمبر/أيلول 2014، على إقناعَ القيادة الباكستانية  بتغيير سياساتها والمساعدة في إحضار "طالبان" إلى طاولة المفاوضات، حتى أنه  طلب "الوساطة" من الصين  لإقناع باكستان، وحاول إغراء الأخيرة من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم بين جهازي المخابرات الأفغاني والباكستاني من أجل تبادل المعلومات، وهو ما ينظر إليه  الناشط السياسي الباكستاني جعفر نقوي على أنه براغماتية وطنية تستحق الإحترام، فليس خفياً على أحد نفوذ  باكستان في حركة "طالبان" القوية على الساحة الافغانية، هذا ما  يعيه السيد أشرف غني جيداً ، لذلك عنوان إستراتيجيته  منذ اليوم الأول كان "الحوار مع باكستان أولاً ، من ثم طالبان" .

بالفعل قد إستطاعت هذه الإستراتيجية  حث باكستان لدفع "طالبان" لجلستين الأولى في الدوحة والثانية في أوسلو، كترضية لجهود  الرئيس الأفغاني ليسجل له ولحكومته هذا الانجاز، في ظل غياب الإنجازات على الصُعد الأخرى (إجتماعية ، إقتصادية ، أمنية ، رعاية صحية ..)، لكن لم تمنع هاتان الجلستان ولا إستراتيجية أشرف غني، التي تواجه إنتقادات حادة في الداخل الأفغاني، من منع "طالبان" إعلان شروع عملية الربيع ضد القوات الأفغانية والدولية، والتي ركزت على شمال أفغانستان، وبالتحديد إقليم قندوز الحدودي مع دول آسيا الوسطى، ما ينظر إليه خبراء بقلق شديد، خاصة مع عدم قدرة القوات الأمنية الأفغانية على صد حركة طالبان التي تتقدّم  بشكل كبير، والاحتمال الجدي لعودتها إلى حكم أفغانستان كما فعلت عام 1996، لا سيما أن ثلثي الولايات في أفغانستان تواجه تحديًا خطيرًا،  فبحسب تقرير موقع " The Economist" فإن نسبة ما فقدته القوات الأفغانية من جنودها هو 65% من قتلى هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي .

 أما الحوار الأفغاني فيرى محللون أن "طالبان" غير جادة فيه، فهي تعوِّل على تفكك حكومة الوحدة الوطنية، التي تعاني من إنقسامات حادة، وإذا ما استمر الوضع على هذا النحو فمن المرجح أن تعاني من صراعات داخلية على السلطة، ما يفقدها فعاليتها.

بدورها، أوضحت الحكومة الأفغانية، على لسان المتحدث باسمها أجمل عابدي، أنها لا تتوقع الكثير من "طالبان". وأشارت تقارير صحفية إلى أن حكومة محمد أشرف غني بدأت تيأس، وهي مهتمة الآن بتعزيز قواتها لمواجهة تقدم "طالبان"، والبحث عن خيارات بديلة.

في الخلاصة، الساحة الأفغانية مفتوحة على كل الاحتمالات، التدخلات الإقليمية جزء من فسيفساء المشهد السياسي في البلاد، أضف إلى ذلك ، أن عرقلة عملية السلام ليست في مصلحة احد، ولعل على أشرف غني العمل على تقديم تنازلات في الداخل بدلاً من التعويل على دول اقليمية للضغط على الفرقاء الأفغانيين.
2015-06-27