ارشيف من :آراء وتحليلات

تونس ..بعد عملية سوسة

تونس ..بعد عملية سوسة

تعيش تونس حالة استنفار قصوى نتيجة العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت سائحين أجانب في أحد فنادق مدينة سوسة. حيث شوهد الأمن التونسي في بعض الشواطئ حاملا أسلحته وهو ما أدخل نوعا من الطمأنينة على المصطافين الأجانب ممن اختاروا البقاء لإكمال إجازاتهم.

كما اجتمع مجلس الأمن القومي برئاسة الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية بقصر قرطاج وتقرر اتخاذ جملة من الإجراءات. كما أعلن رئيس الحكومة الحبيب الصيد بدوره، وفي اليوم التالي لحصول الحادثة الأليمة التي راح ضحيتها 39 قتيلا إضافة إلى الجرحى، عن اتخاذ حكومته لجملة من الإجراءات رأى التونسيون أنها جاءت متأخرة وأنه كان من المفترض أن تتخذ مباشرة بعد عملية باردو التي استهدفت المتحف الوطني ومقر البرلمان.

دعوة جيش الاحتياط

ومن بين الإجراءات التي أعلن عنها رئيس الحكومة التونسي، فتح تحقيق في العملية وإجراء تقييم شامل لتحديد المسؤوليات، ودعوة جيش الاحتياط لدعم التواجد الأمني، ووضع مخطط استثنائي لمزيد تأمين المناطق السياحية بنشر وحدات من الأمن السياحي على كامل الخط المائي وداخل الفنادق. كما دعا رئيس الحكومة إلى إعادة النظر في قانون تنظيم الجمعيات وإخضاعها إلى الرقابة المالية من قبل الدولة.

تونس ..بعد عملية سوسة
عملية سوسة في تونس

كما تقرر إغلاق كل المساجد غير القانونية وعددها 80، وهي المساجد التي تسيطر عليها تيارات تكفيرية ولا تخضع لرقابة الدولة. وتمت الدعوة إلى تكثيف الحملات والمداهمات لمتابعة الخلايا النائمة بالتنسيق مع النيابة العمومية بالإضافة إلى تنظيم مؤتمر وطني حول مقاومة الإرهاب بتشريك منظمات المجتمع المدني وذلك في شهر سبتمبر القادم.

مكافآت مالية

كما أعلن رئيس الحكومة عن رصد مكافآت مالية لكل من يدلي بمعلومات إلى أجهزة الأمن والجيش تمكن من القبض على العناصر الإرهابية. وهو إجراء رآه البعض الأنجع من بين جميع الإجراءات التي تم اتخاذها باعتبار أهمية المال في تحفيز الفقراء من سكان المناطق الحدودية على التعاون مع أجهزة الدولة.

فما هو متعارف عليه أن الجماعات التكفيرية التي تحصل على تمويلات ضخمة من بلدان عربية وإسلامية وغربية تدفع بسخاء لفقراء القوم وضعاف الحال مستغلة الفقر المدقع لتجنيد الشباب والتغرير به خصوصا في المناطق الحدودية. كما أنها تدفع للبعض الآخر حتى يمتنعوا عن إبلاغ الأجهزة الأمنية بتحركات عناصرها وبنزولهم من الجبال والأحراش الوعرة للتزود بالمؤن.

عملية متوقعة

ولعل ما يشعر التونسيين بالغضب من حكومة بلادهم أن العملية الأخيرة كانت متوقعة من حيث التوقيت (شهر رمضان) والمكان (إحدى المنتجعات السياحية). وبالتالي فإن ما هو مؤكد أن هناك جهات تواطأت مع الجماعات التكفيرية وسهلت نجاحها في تحقيق أهدافها وهو أيضا ما تثبته الصور لمنفذ العملية الذي كان يتحرك بحرية داخل الفندق السياحي الذي تمت فيه العملية دون أن يعترضه رقيب أو حسيب.

لقد أعلنت الداخلية التونسية قبل حلول شهر الصيام بأنها تتوقع أن تتحرك الجماعات التكفيرية لاستهداف البلاد بعمليات الإرهابية وأن الأجهزة الأمنية على أهبة الاستعداد للتصدي إلى هؤلاء. لكن شيئا من ذلك لم يحصل ونجح الإرهابيون في إصابة البلاد في مقتل وسط حالة من الذهول من عموم التونسيين.
ويوجه البعض أصابع الإتهام إلى ما يسمى الأمن الموازي وهي العناصر الأمنية التي تم انتدابها بعد "الثورة" أو كانت مطرودة وتمت إعادتها بعدها وتتهم بأنها مقربة من حركة النهضة وتسعى لتنفيذ أجنداتها داخل المؤسسة الأمنية، لكن لم يثبت إلى الآن وجود هذه العناصر ولا يتعدى الأمر مجرد الشبهة. وبذلك فإن الاختراقات الحاصلة للأجهزة الأمنية من قبل التكفيريين تبقى لغزا يؤرق مضاجع عموم التونسيين.
2015-06-29