ارشيف من :آراء وتحليلات

عام على خلافة الإرهاب: كيف نواجه؟

عام على خلافة الإرهاب: كيف نواجه؟
عام مضى على إعلان تنظيم "داعش" الإرهابي خلافته المزعومة. عام نشر فيه "داعش" الفوضى ومارس أنواعا مختلفة من القتل والذبح وتأجيج الخلافات الداخلية. التنظيم الارهابي تمدد في البلاد العربية وسيطر على مناطق حيوية، ما جعله في موقع المؤثر والقادر على تأمين بيئة حاضنة وعلى فرض أمنه الخاص، من سوريا إلى العراق واليمن.

هل نجح التحالف الدولي في إنهاء أزمة "داعش"؟

على مدى عام، خسر "داعش" مناطق عديدة في سوريا والعراق، لكنه ربح مناطق أخرى، فيما المواجهة ضده لا تزال ضعيفة من قبل  ما يسمى "المجتمع الدولي"، فالتحالف الدولي لم يستطع إيقافه. حتى الآن لا خطط حقيقية لمواجهة التنظيم الذي يدير مناطق بأكملها في سوريا والعراق ويستخدمها كنقطة انطلاق نحو احتلال مناطق أخرى، حتى بات التنظيم يهدد بفتح بؤر أمنية في الدول الغربية.

لذلك وعلى مدى عام كامل تطرح تساؤلات كثيرة عن نجاح التحالف الدولي في مكافحة "داعش" . ثمة حقيقة قائمة أن من يحقق الانتصارات الميدانية ضد التنظيم، هم ابناء البلاد المبتلاة به، من الجيش السوري إلى الجيش العراقي وصولاً إلى المقاومة والحشد الشعبي والاكراد، اما المجتمع الدولي فلم يتمكن عبر هيئة الأمم المتحدة من الوصول إلى استراتيجية فاعلة في هذه المكافحة، علماً أنه لو وحدت الجهود الدولية والإقليمية في استراتيجية عسكرية، أمنية واقتصادية لكانت تمت محاصرة التنظيم بشكل كبير.

عام على خلافة الإرهاب: كيف نواجه؟
جرائم "داعش"

لقد أتت محاولة مجلس الأمن الدولي لتجفيف منابع الإرهاب، ومواجهة بعض جرائم "داعش" و"جبهة النصرة" عبر القرار 2170 محاولة خجولة لا تكفي لمواجهة التمدد "الداعشي". لم يقدم القرار خطوات عملية لتنفذ في ميدان المواجهة مع الإرهاب وصولاً للقضاء عليه.

اقتصر مجلس الامن على خطوات نظرية تقوم على الطلب والتمني من خلال تشجيع  الدول الأعضاء على الحد من السفر إلى سوريا والعراق لأغراض الدعم أو القتال مع "داعش" و"النصرة"، كما حث القرار على أن تتعاون جميع الدول لوقف تمويل الأعمال الإرهابية والامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم، الصريح أو الضمني، إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في الأعمال الإرهابية.

 القرار 2178، الذي صدر في 24 ايلول/سبتمبر، لم يحدث فرقا حقيقيا. أدان القرار الذي أدرج تحت الفصل السابع التطرف العنيف الذي قد يهيئ المناخ للإرهاب والعنف الطائفي وارتكاب الأعمال الإرهابية من قبل المقاتلين الإرهابيين الأجانب.

ودعا مجلس الأمن في قراره جميع الدول الأعضاء إلى التعاون في جهود التصدي لتهديدات المقاتلين الإرهابيين الأجانب بما في ذلك منع انتشار الفكر المتشدد وتجنيد المقاتلين..

هذه القرارات لم توصل إلى نتيجة حقيقية في مكافحة الإرهاب والقضاء على "داعش"، بل فتحت الباب أمام الولايات المتحدة الأميركية لتتفرد بالقرار الدولي، فكان التعامل يحصل وفق معايير مزدوجة وحسب ما تمليه مصالح واشنطن فقط.

كيف نواجه هذا الخطر؟

ان اي تقييم موضوعي للقرارين السابقين يظهر انهما كانا دون اي جدوى وافتقرا لاية قيمة مضافة فعلية.

كان من الأفضل  العمل على تطبيق قرارات وخطط سابقة ابرزها خطة مكافحة الارهاب التي وضعتها الجمعية عام 2006 عندما اقرت الاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب The UN Global Counter والتي تقضي بالعمل على تهيئة بيئة اقليمية ودولية جدية لمكافحة الإرهاب، ومن ثم تشكيل تحالف دولي يمكن أن يحصل تحت غطاء الأمم المتحدة. وإن كان تمدد "داعش" بهذا الشكل الخطير، يتطلب مشاركة كل الدول التي يمكن أن تكون عرضة لمواجهة هذا التمدد.

إن قرارات مجلس الامن الحالية لن تتمكن من القضاء على داعش وهزيمتها . لن يتم الامر الا من خلال السعي الجادِّ  لتجفيف منابع تمويل الارهاب من الدول الداعمة والمعروفة، وعدم السماح لداعش ببيع النفط وعدم السماح لبعض الدول بشراء النفط الداعشي.

المطلوب هو حرب حقيقية لا حرب الشعارات والخطابات. وهذا يحتاج أولاً إلى توحيد الهدف عبر توحيد الجهود. لذلك لا بد من التنسيق بين الدول في هذه المواجهة وتحديد الأهداف وسبل المواجهة السياسية الاقتصادية العسكرية الفكرية والثقافية التي يمكن من خلالها مواجهة الإرهاب التكفيري، إلى جانب الاستخدام الصحيح للوسائل الإعلامية لتبيان الحقائق، وتفعيل عمل المؤسسات الثقافية والأكاديمية ومراكز الأبحاث لمواجهة الأفكار الداعشية، بالإضافة إلى عقد مؤتمرات محلية، إقليمية ودولية حول التكفير وسبل مواجهته، ولا بد أن يترافق ذلك مع تنفيس الخطاب المذهبي ونسف خطاب الفتنة الذي يستخدم من قبل الكثيرين.

كما لا بد من تفعيل التعاون الدولي لإدارة هذه الأزمة وتحجيم خطر "داعش" بدلاً من الاستئثار الأميركي، مع الاعتماد على ما تقدمه الأمم المتحدة من قرارات واستراتيجيات لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تفعيل التعاون الإقليمي العربي ضمن جبهة واحدة ضد الإرهاب.
2015-07-01