ارشيف من :نقاط على الحروف
في أن نكون ’عين’ و’يد’ داعش: نظرة إعلامية
"يخسر الناس حينما يتركون الشرير يأخذهم حيث يريد. الشرير لا يجب أن يأخذ أحداً؛ الجمهور هو من يجب أن يأخذ الشرير كما الطيب إلى حيث يريدون".
برتهولد بريشت (مسرحي ألماني)
ليس مستغرباً البتة أن تقف موقفاً مضاداً لداعش، لكن الأمر اللافت أكثر من غيره هو أن تشارك في لعبتها الإعلامية سواء أحببت ذلك أم لم تحب. تعتبر داعش أن بقاءها تحت الضوء هو أمرٌ بديهي وأساس في المرحلة الحالية، ذلك أنها دون ذلك "التأثير" الخفي والقوي تفقد سحرها، وقدرتها على التأثير وكسب المؤيدين والمتعاطفين، وكانت دراسة أميركية قبل أيام قد أثبتت أن "داعش" قد عادت إلى ساحات العمل "الافتراضي"(على الفضاء الإلكتروني) بقوةٍ أكبر من ذي قبل، بهدف إيصال رسالتها أقوى وأبعد من ذي قبل.
كيف تصل الرسالة؟
عند حدوث "جريمة" داعشية، يقع الجمهور كما وسائل الإعلام ضحية تلك الجريمة شأنهم شأن الضحايا الأساسيين فيها، ويشاركون في صنع ما ترغبه داعش دون علمهم أو حتى دون تنبه لما يقومون به، فمشاركة الخبر كما هو، وصوره، وفيديواته، يجعل "صوت داعش" واصلاً أبعد مما يستحق أن يصل. قد يسأل البعض ههنا هل من المطلوب منا "كمشاهدين" ألا نشارك الخبر؟ وفي حال قمنا بذلك، من سيمنع وسائل الإعلام من مشاركتها؟ أو غيرنا من مشاركتها، وقس على ذلك.
إذا من المنطق أن نشرح وبشكلٍ واضح ما هو المطلوب من جمهورنا المضاد لـ"داعش" في تعامله مع "الخبر" الإعلامي بشكله البديهي، خصوصاً مع تطور وسائل التواصل الإجتماعي بشكل مطرد خلال السنوات الماضية.
في البداية ليس هناك من مشكلة في مشاركة الخبر، لكن دون تأثير "الترويع"، أي بمعنى أن السرعة في نقل الخبر قد تأتي بنتائج عكسية للغاية، فمشهد "الشهداء" مقطعي الأوصال أو محروقين على تلك الأرض هو مشهد لا يفيد أحد في شيء، بل بالعكس هو ينهك الروح المعنوية دون تحقيق هدفٍ مفيدٍ واحد.
تريد "داعش" أن تظهر قوتها و"وحشيتها" وقدرتها الفائقة على القتل دون أي وازعٍ أخلاقي. باختصار، ينقل كثيرٌ من الشباب المتحمس الطيب الخبر "الداعشي" كما هو دون أي تعديل، دون أيِّ تنبيه أو انتباه، وبالتالي يحققون ما تريده تلك الجماعة حرفياً. من هنا فإن الخطوة الأساس هي في شرح ماهية الخبر المراد نشره وكيفية نشره بشكلٍ منطقي بعيداً عن أي تسرعٍ أو سرعة. فالخبر ذو الصور المروعة لا فائدة من نشره أبداً. قد تكفي صورةٌ "تعبيرية" واحدة للإيحاء بالجريمة التي قامت بها داعش، وبدلاً من عشرات الصور التي تظهر أحباءنا مقتولين ومقطعي الأوصال، تكفي صور "نقاط دم على مصحف" للإيحاء بالجريمة النكراء (كما استخدمت بذكاء هذه الصورة في الحديث عن جريمة الكويت التي قامت بها داعش). إذا، يجب بدايةً نشر الخبر لكن بعد التأكد منه، ودون تسرعٍ، ونشر ما يمكن أن يفيد لا ما يؤذي. فالإيذاء قد لا يكون بشكلٍ مباشر، بل قد يكون شديد الأثر على المدى الطويل ويعطي داعش –كما غيره من التنظيمات الإرهابية- قيمةً لا يستحقه لناحية أنّه "وحش مفترس".
في تفصيل داعش:
لربما كانت داعش وحشاً مفترساً كما يعتقد كثيرون، لكن ما يجب الإشارة إليه بشكلٍ "أكبر" هي أنها "وحشٌ جبان"، فهي (ومن خلال التجربة) تهرب في المواجهات المباشرة (يمكن مراجعة مواجهاتها مع حزب الله مثلاً في سوريا أو الحدود اللبنانية أو أمام الحشد الشعبي في العراق)، فضلاً عن كونها لا تستهدف إلا "الآمنين" في مساكنهم وأماكن حياتهم اليومية. في منطق الحرب الإعلامية، يجب التركيز على هذا الأمر، يجب التركيز على "تعرية" داعش بدلاً من اعطائه حيزاً إضافياً متمكناً، منتصراً. هنا لا يجب فقط التركيز على الصورة التي ينشدها التنظيم الإرهابي، بل الصورة التي يجب أن يراها "جمهورنا" لذلك التنظيم: قتلة، جبناء، وفوق كل هذا لا يمتلكون أي "وعي" أو "إدراك" لِمَا يفعلونه. هذه الصورة التي يمكن "تخليقها" والعمل على مظهرتها، تجعل من السهولة البالغة أن يذهب كل "جهد" داعش الإعلامي أدراج الرياح؛ فهو حتى اللحظة لم يواجه بحربٍ إعلامية منظمة وواعية تجعله بهذا العري أمام الجمهور .
في النهاية، يوماً بعد يوم، يصبح العمل الإعلامي/الخبري أصعب للتعامل معه. لم يعد الامر بسيطاً وسهلاً كما كان سابقًا، وهو سلاحٌ مخيف للغاية لكن في النهاية لكل داء دواء، ولكل سلاحٍ يدٌ تجيد استعماله، والخطر ان يقع في يد عدوٍّ أجاد استعماله ضدنا: من هنا تأتي الفكرة المباشرة: لا تدعوا داعشاً يتسرب إلينا عبر سلوكاتنا اليومية العادية، هكذا يكون الانتصار.
برتهولد بريشت (مسرحي ألماني)
ليس مستغرباً البتة أن تقف موقفاً مضاداً لداعش، لكن الأمر اللافت أكثر من غيره هو أن تشارك في لعبتها الإعلامية سواء أحببت ذلك أم لم تحب. تعتبر داعش أن بقاءها تحت الضوء هو أمرٌ بديهي وأساس في المرحلة الحالية، ذلك أنها دون ذلك "التأثير" الخفي والقوي تفقد سحرها، وقدرتها على التأثير وكسب المؤيدين والمتعاطفين، وكانت دراسة أميركية قبل أيام قد أثبتت أن "داعش" قد عادت إلى ساحات العمل "الافتراضي"(على الفضاء الإلكتروني) بقوةٍ أكبر من ذي قبل، بهدف إيصال رسالتها أقوى وأبعد من ذي قبل.
كيف تصل الرسالة؟
عند حدوث "جريمة" داعشية، يقع الجمهور كما وسائل الإعلام ضحية تلك الجريمة شأنهم شأن الضحايا الأساسيين فيها، ويشاركون في صنع ما ترغبه داعش دون علمهم أو حتى دون تنبه لما يقومون به، فمشاركة الخبر كما هو، وصوره، وفيديواته، يجعل "صوت داعش" واصلاً أبعد مما يستحق أن يصل. قد يسأل البعض ههنا هل من المطلوب منا "كمشاهدين" ألا نشارك الخبر؟ وفي حال قمنا بذلك، من سيمنع وسائل الإعلام من مشاركتها؟ أو غيرنا من مشاركتها، وقس على ذلك.
إذا من المنطق أن نشرح وبشكلٍ واضح ما هو المطلوب من جمهورنا المضاد لـ"داعش" في تعامله مع "الخبر" الإعلامي بشكله البديهي، خصوصاً مع تطور وسائل التواصل الإجتماعي بشكل مطرد خلال السنوات الماضية.
في البداية ليس هناك من مشكلة في مشاركة الخبر، لكن دون تأثير "الترويع"، أي بمعنى أن السرعة في نقل الخبر قد تأتي بنتائج عكسية للغاية، فمشهد "الشهداء" مقطعي الأوصال أو محروقين على تلك الأرض هو مشهد لا يفيد أحد في شيء، بل بالعكس هو ينهك الروح المعنوية دون تحقيق هدفٍ مفيدٍ واحد.
داعش ...وحش جبان
تريد "داعش" أن تظهر قوتها و"وحشيتها" وقدرتها الفائقة على القتل دون أي وازعٍ أخلاقي. باختصار، ينقل كثيرٌ من الشباب المتحمس الطيب الخبر "الداعشي" كما هو دون أي تعديل، دون أيِّ تنبيه أو انتباه، وبالتالي يحققون ما تريده تلك الجماعة حرفياً. من هنا فإن الخطوة الأساس هي في شرح ماهية الخبر المراد نشره وكيفية نشره بشكلٍ منطقي بعيداً عن أي تسرعٍ أو سرعة. فالخبر ذو الصور المروعة لا فائدة من نشره أبداً. قد تكفي صورةٌ "تعبيرية" واحدة للإيحاء بالجريمة التي قامت بها داعش، وبدلاً من عشرات الصور التي تظهر أحباءنا مقتولين ومقطعي الأوصال، تكفي صور "نقاط دم على مصحف" للإيحاء بالجريمة النكراء (كما استخدمت بذكاء هذه الصورة في الحديث عن جريمة الكويت التي قامت بها داعش). إذا، يجب بدايةً نشر الخبر لكن بعد التأكد منه، ودون تسرعٍ، ونشر ما يمكن أن يفيد لا ما يؤذي. فالإيذاء قد لا يكون بشكلٍ مباشر، بل قد يكون شديد الأثر على المدى الطويل ويعطي داعش –كما غيره من التنظيمات الإرهابية- قيمةً لا يستحقه لناحية أنّه "وحش مفترس".
في تفصيل داعش:
لربما كانت داعش وحشاً مفترساً كما يعتقد كثيرون، لكن ما يجب الإشارة إليه بشكلٍ "أكبر" هي أنها "وحشٌ جبان"، فهي (ومن خلال التجربة) تهرب في المواجهات المباشرة (يمكن مراجعة مواجهاتها مع حزب الله مثلاً في سوريا أو الحدود اللبنانية أو أمام الحشد الشعبي في العراق)، فضلاً عن كونها لا تستهدف إلا "الآمنين" في مساكنهم وأماكن حياتهم اليومية. في منطق الحرب الإعلامية، يجب التركيز على هذا الأمر، يجب التركيز على "تعرية" داعش بدلاً من اعطائه حيزاً إضافياً متمكناً، منتصراً. هنا لا يجب فقط التركيز على الصورة التي ينشدها التنظيم الإرهابي، بل الصورة التي يجب أن يراها "جمهورنا" لذلك التنظيم: قتلة، جبناء، وفوق كل هذا لا يمتلكون أي "وعي" أو "إدراك" لِمَا يفعلونه. هذه الصورة التي يمكن "تخليقها" والعمل على مظهرتها، تجعل من السهولة البالغة أن يذهب كل "جهد" داعش الإعلامي أدراج الرياح؛ فهو حتى اللحظة لم يواجه بحربٍ إعلامية منظمة وواعية تجعله بهذا العري أمام الجمهور .
في النهاية، يوماً بعد يوم، يصبح العمل الإعلامي/الخبري أصعب للتعامل معه. لم يعد الامر بسيطاً وسهلاً كما كان سابقًا، وهو سلاحٌ مخيف للغاية لكن في النهاية لكل داء دواء، ولكل سلاحٍ يدٌ تجيد استعماله، والخطر ان يقع في يد عدوٍّ أجاد استعماله ضدنا: من هنا تأتي الفكرة المباشرة: لا تدعوا داعشاً يتسرب إلينا عبر سلوكاتنا اليومية العادية، هكذا يكون الانتصار.