ارشيف من :آراء وتحليلات

عام على العملية العسكرية في باكستان..لكن لا نصر حاسم حتى الآن

عام على العملية العسكرية في باكستان..لكن لا نصر حاسم حتى الآن
عون هادي حسين

إستبشر الباكستانيون خيراً عشية 15 حزيران/يونيو من العام الماضي، عندما أعلنت قيادة الجيش أنها ستبدأ عملية عسكرية واسعة شمال وزيرستان للقضاء على الإرهاب ، كما لاقت القيادة العسكرية في حينها تأييداً سياسياً وشعبياً غير مسبوق ، ومباركة دولية وأممية على قاعدة أن القضاء على طالبان مصلحة دولية ، وأن شمال وزيرستان تمثل المركز العلني لطالبان والملاذ الآمن لمختلف الفصائل المتشددة من طالبان ، أوزبك ، شيشان ، وحتى  الأيغوريين الصينيين .لكن بعد مقتل 2736 مسلحا، وتدمير 837 مخبأ للمتطرفين الإرهابيين ، فضلاً عن مصادرة أطنان من المتفجرات ، قدرتها بعض التقارير العسكرية بأكثر من 250 طنا، هل نجحت العملية العسكرية وحققت أهدافها المنشودة ؟ أم أنها سيناريو مُخطط له لإعلان حالة الطوارىء في باكستان وسيطرة الجيش على البلاد ؟

بالنظر إلى الأرقام ، قد يحكم البعض على العملية العسكرية للجيش الباكستاني بالنجاح المطلق، بيد أن جولة صغيرة في المناطق القبلية والإستماع إلى السكان المحليين تجعلك تكبح نشوة الإنتصار هذه وتقول : " ما زال الأمر باكراً " .فشبكة حقاني التي تعتبر من أكثر الشبكات تنظيماً وخطورةً ، لا تزال على حالها ، وبحسب السكان المحليين فإن أعضاء الشبكة تغلغلوا في النسيج الإجتماعي للمناطق القبلية مؤقتاً ، خصوصاً في منطقة " كُرم " ، "اوكزاي" ، " جنوب وزيرستان " ومنهم من إنتقل إلى كبرى المدن ككراتشي مثلاً .

بالإضافة إلى أن ايًّا من التقارير العسكرية الصادرة عن العلاقات العامة في الجيش الباكستاني لم تعلن مقتل أحد من قيادات شبكة حقاني ، ما يثير قلق الولايات المتحدة الأمريكية التي لطالما طالبت باكستان بتقديم الأكثر ، متهمة إياها بعدم الجدية .
 ووفق تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي حول الإرهاب  فإن أجزاء كبيرة من باكستان على طول حدودها مع أفغانستان لا تزال ملاذا آمنا للإرهابيين.

عام على العملية العسكرية في باكستان..لكن لا نصر حاسم حتى الآن
الجيش الباكستاني

اما في الشأن الباكستاني، فيرى خبراء عسكريون في اسلام آباد ، أن ما أنجز حتى الآن جيد بالنظر إلى الأهداف التي وضعتها قيادة الجيش ، فمن قال أن الجيش يريد القضاء نهائياً على كل الفصائل المتشددة ؟كما أنه يجب عدم إغفال صعوبة المهمة من حيث طبيعة وزيرستان الجبلية والوعرة ، وتأقلم المتشددين مع طبيعة المنطقة الصعبة وإستعدادهم للقتال لفترات طويلة مع وجود تحصينات جبلية طبيعية تحميهم من سلاح الجو الباكستاني ، والإقدام على عملية برية واسعة قد يُكبد الجيش الباكستاني خسائر كبيرة هو بغنى عنها ، في ظل حرب كلامية  مستعرة بين باكستان والهند .

هذا ويُثني الإعلام الباكستاني على العملية العسكرية حيث أن هجمات المتشددين تراجعت وفقاً لتقارير إعلامية بنسبة 50 في المئة ، وبالتالي إستطاعت هذه العملية تكبيل المتشددين ، لكن إلى متى؟ خصوصاً مع بدء البعض الكلام عن إزدياد الأكلاف المادية والبشرية والسياسية للعملية العسكرية . ما ينظر إليه محللون على أنه إنقلاب ناعم تحت ذريعة " الحرب على الإرهاب" هذه اللعبة التي تعلمها الباكستانيون من الولايات المتحدة الأمريكية  وخًبِروها جيداً .
لكن وإن كان الأمر كذلك ، فقد ضاق الباكستانيون  ذرعاً من الفكر التكفيري، وما جلبه لهم من ويلات وآهات ، ما يجعلهم يرحبون بالشيطان ليخلصهم من هؤلاء المتشددين المتطرفين ، فكيف إذا كان المُخلص هو المؤسسة العسكرية ذات الشعبية الواسعة خصوصاً وسط الطبقتين الفقيرة والوسطى من المجتمع الباكستاني اللتين تشكلان الغالبية الساحقة من الشعب.

بناءً على ما تقدم ، لا خيار أمام باكستان سوى محاربة المتطرفين إرضاء للرأي العام الباكستاني ، وكضربة إستباقية للجماعات والفصائل المتشددة خوفاً من إنتقال لعبة الحرب بالوكالة  التي لطالما أتهمت باكستان بممارستها في افغانستان ، إلى الداخل الباكستاني ما سيعيق بحسب مختصين  مشاريع إستثمارية ضخمة تعول عليها باكستان كثيراً للنهوض من كبوتها الإقتصادية .ما يعتبره محللون مؤشراً على أن العملية العسكرية ستطول إلى ما لا يعلمه إلا الله . 
2015-07-06