ارشيف من :آراء وتحليلات

التنسيق والتعاون المتبادل بين المملكة و’القاعدة’

التنسيق والتعاون المتبادل بين المملكة و’القاعدة’

في صلب المبادئ المتعارف عليها في العلم العسكري أنَّ من المهمات الرئيسة للدعم الجوي حماية الوحدات الصديقة ومراكز انتشارها وخاصة المراكز التي تكون على تماس مباشر مع الوحدات العدوة، حيث يتم ذلك برصد وقصف القوى التي تهاجم هذه الوحدات، بالاضافة لمهمة رئيسية اخرى تتمثل بقصف وتدمير منشآت العدو العسكرية ووحداته وآلياته.


عندما تجد في الحرب السعودية على اليمن أن حماية الوحدات الصديقة (السعودية) ومراكز انتشارها ليست من المهمات الرئيسة ولا حتى من المهمات الثانوية لطائرات خادم الحرمين الشريفين، ولا يعني لها تعرّض المراكز الحدودية مع اليمن في جيزان ونجران وعسير والظهران لهجمات متلاحقة وبشكل يومي من قبل وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية ووقوع اصابات كبيرة لديها في العديد والعتاد، وبالمقابل عندما تجد مدى العصبية التي تصيب الطيارين السعوديين عند سقوط أي مركز للقاعدة في أيدي الجيش اليمني واللجان الشعبية، فيعمدون الى ترجمة هذا الذعر بصب نار صواريخهم الفتاكة والمحرمة دوليا على المراكز المدنية والبنى التحتية في صعدة وحجة وصنعاء، وبعد ان يصرح المبعوث الاممي السابق في اليمن جمال بن عمر" ان طائرات عاصفة الحزم دعمت بشكل غير مباشر القاعدة حيث ان قصفها ترك فراغا هائلا في اليمن استغله التنظيم ليوسع انتشاره الى أمكنة استراتيجية"، ليكون بذلك التصريح قد أثار جنون وزارة الخارجية السعودية فتطلق حملة عنيفة ضده أدت الى تنحيته من مهامه، تستطيع ان تستنتج وبما لا يقبل الشك ابدا ما لتنظيم القاعدة في اليمن من أهمية واهتمام ورعاية من قبل المملكة.

التنسيق والتعاون المتبادل بين المملكة و’القاعدة’
"القاعدة" في اليمن

 يتميز تنظيم "القاعدة" في اليمن عن باقي قوى "الرياض" الاخرى (جماعة منصور وحزب الاصلاح والحراك الجنوبي التابع لعلي سالم البيض) بأن عناصره تجيد استعمال الاسلحة الاميركية الصنع كالتي تتوافر مع الجيش السعودي والتي حصل التنظيم على قسم مماثل لها من ثكنات الجيش اليمني في مناطق حضرموت (المكلا و سيئون والقطن والشحر) حيث كان الاخير يقوم بحراستها لمصلحة وحدات خاصة من الجيش الاميركي، كانت تقوم  بمحاربة العناصر الأكثر دموية من هذا التنظيم والموجودين اجمالا في اليمن، وقد ساهمت الطائرات السعودية آنذاك بتأمين الغطاء الجوي لسيطرة "القاعدة" على هذه الثكنات وساهمت اموالها الدنيئة وكالعادة ايضا بتسليمها من قبل ضباط متواطئين من وحدات الجيش اليمني الذين يدينون بالولاء للرئيس المخلوع الفار عبد ربه منصور، وهي تتابع حاليا تزويدها بالذخيرة وبقطع الصيانة الخاصة بهذه الاسلحة عن طريق نقاط محددة على بحر العرب او عن طريق انزالها من الجو في امكنة متعددة في منطقة البريقة في عدن أو على طريق "العبر- عتق" بين مأرب وحضرموت أو في مناطق في وسط وشرق حضرموت.

   هذا الاهتمام السعودي اللافت بتنظيم "القاعدة" في اليمن جاء اولا على خلفية النزعة الوهابية المشتركة حيث تكثر المعطيات التي تثبت دور آل سعود في تغذية هذا الفكر التكفيري عقائديا وماديا واعلاميا، وجاء ثانيا على خلفية استغلال هذا التنظيم والاستفادة من حضوره اللافت والفاعل في اليمن لتحقيق أطماع تاريخية بأرضه ونفطه وخصوصا في منطقة حضرموت التي لم تنزع المملكة من رأسها فكرة الاستيلاء عليها وضمها الى اراضيها بهدف الاستفادة من ثرواتها النفطية الهائلة في حقول ما زالت عذراء لم يتم السماح للشعب اليمني باكتشافها او بتحديدها لاستثمارها، وبهدف آخر يكمن في الحصول على ممر استراتيجي يربط معبر الوديعة في جنوب شرق نجران بالموانئ النفطية قرب مدينة المكلا على بحر العرب وذلك لنقل النفط السعودي او النفط المفترض ان تستولي عليه في اليمن، وحيث تستغني بذلك عن مضيق هرمز الذي تتحكم به ايران وعن مضيق باب المندب ، الممر المعقد والفائق الحساسية امنيا واستراتيجيا، وهذه السيطرة ستكون بشكل مباشر عبر القاعدة في سيطرتها الكاملة على محافظة حضرموت  وبشكل غير مباشر من خلال رعايتها لتدريب مجندين يمنيين تحت اسم "جيش الشرعية" ، والذين هم في الحقيقة عناصر تابعة للتنظيم وذلك في معسكرات منطقة شرورة السعودية قرب معبر الوديعة على الحدود مع اليمن وفي معسكر عبوة في مدينة الصالح على الحدود الشمالية الشرقية لحضرموت ، حيث سيكونون نواة لجيش هزيل ينتشر في هذه المحافظة المترامية الاطراف .

   وهكذا ظهرت اسباب هذا الجنون وهذا الذعر الذي عبرت عنه المملكة في مقاربتها لموضوع الحركة السياسية والعسكرية التي قام بها الحوثيون  ( أنصار الله  في سبيل الحصول على حقوقهم المشروعة السياسية والاجتماعية بعد أن خسرت النظام الذي كانت تعتمد عليه، النظام العميل الذي كان يحقق لها مصالحها ويشكل واجهة لتسلطها التاريخي على اليمن ويؤمن لها  الارضية الملائمة لتحقيق اطماعها في ثرواته وأرضه، وقد تفجر هذا الجنون بشن حرب ظالمة مدمّرة على اليمن وشعبه الآمن الفقير، وبالضغط على عملائها لاقفال كافة ابواب الحوار مع ابناء الوطن الواحد من دون النظر الى اي شكل من اشكال التسويات السلمية ، كما ودفعها هذا الجنون الى الكشف ودون خجل عن علاقتها الوطيدة (تأسيسا وتمويلا ودعما) بأكثر التنظيمات ارهابا في العالم ولتجد نفسها في مستنقع قد لا تستطيع الخروج منه الا وقد أصيبت باضرار جسيمة.

2015-07-07