ارشيف من :آراء وتحليلات

ماذا يحضر محور المقاومة لمواجهة الارهاب؟

ماذا يحضر محور المقاومة لمواجهة الارهاب؟

المنطقة اليوم على "كف عفريت"، و"موس" الارهاب وصل الى رقبة الجميع دون استثناء، فرص التسوية استنفذت في اليمن وسوريا، وصفات "جنيف" لم تؤت اكلها، والازمتان السورية واليمنية دخلتا بعنق الزجاجة ووصلتا الى طريق مسدود الافق وباتتا تتطلبان قرارات حاسمة ومصيرية، من هنا أتت الزيارة الاخيرة لمساعد وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان الى الرياض كمبادرة اللحظة الاخيرة قبيل خطوات صعبة باتت مطلوبة تعتزم ايران وحلفاؤها تنفيذها في المرحلة القادمة.

لم تكن زيارة عبد اللهيان الايرانية الاخيرة الى السعودية الاولى من نوعها، لقد سبقتها مبادرات عديدة لم يتلقفها آل سعود، ولم تلاق اليد الممدودة في منتصف الطريق، التعنت والهمجية اللذان يحكمان العقل السائد عند العائلة الحاكمة جعلاها تتجاهل المبادرات الايرانية المتتالية تجاهها، منذ زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف للتعزية بالملك عبد الله، وما تلاها او سبقها من مساعده عبد اللهيان لبحث ملفات المنطقة، كونه يتابع ملف العلاقات مع الرياض في الخارجية الايرانية ومشهودا له بجهوده في هذا الاطار من خلال محاولاته الحثيثة لايجاد تقارب مع السعودية حتى ايام الملك عبد الله حينما كان يجتمع مع نجل الاخير بأريتريا.

كل هذه المبادرات الايرانية لم تلق اذناً سعودية صاغية، والزيارة الاخيرة لعبد اللهيان التي سعى فيها لمؤازرة جهود جنيف اليمني، لم تتكلل بالنجاح وهو ما عبر عنه فشل هذا المؤتمر في تحقيق اي تقدم واستمرار العدوان السعودي على وتيرته، الا ان فشل جنيف لم يمنع من محاولات غير معلنة لاحداث خرق في الازمة اليمنية تجري في سلطنة عمان حيث يتواجد وفد كبير من انصار الله في سلطنة عمان ويستقبل سفراء ودبلوماسيين ويتابع التفاوض على هدنة انسانية غير مشروطة يبني عليها تفاهمات سياسية.

ماذا يحضر محور المقاومة لمواجهة الارهاب؟
عناصر تنظيم "داعش" الارهابي

أفق التسوية المسدود في اليمن وسوريا، والانشغال الايراني بالمفاوضات النووية، لم يمنع محور المقاومة من التحضر لما هو أسوأ والاستعداد للامساك بزمام المبادرة على ارض الميدان، خصوصاً وان الايام اثبتت صحة منطقه الذي لطالما حذر من أن داء الارهاب سيتفشى في المنطقة ولن يوفر احداً حتى راعيه ومموليه، الى ان ضرب مؤخراً بقوة مصر والسعودية والكويت، علماً ان الاخيرتين تشتركان بالحدود مع العراق، ما أبرز الحاجة اليوم الى اكبر تعاون اقليمي امني لمحاربة هذا الداء ودرء مخاطره.

من هنا يبدو ان الايام المقبلة ستشهد تحولاً جذرياً في مكافحة الارهاب التكفيري، وان الاتجاه هو نحو تأسيس نواة تحالف اقليمي يشمل سوريا والعراق وايران بمساندة دولية من روسيا وربما الصين ايضاً، تحالف ليس على شاكلة "التحالف الاميركي" الشكلي والهش والذي لم نعد نسمع الا بغاراته "التذكيرية الدالة على وجوده، انما هو تحالف الدول المبتلاة بداء الارهاب. وهو ما سيكون حاضراً على طاولة المؤتمر الامني الذي يجري التحضير لانعقاده هذه الايام في بغداد بمشاركة من سوريا وايران من اجل تعزيز التعاون والتنسيق في مجال مكافحة الارهاب. هذا المؤتمر يأتي تتويجاً لجهود مشتركة، وكان سبقه تحضيرات ولقاءات تمهيدية بين مسؤولي الامن في البلدين آخرها زيارة وزير الدفاع الايراني الى العراق، وجولة وزيري الدفاع والداخلية السوريين في طهران ولقائهما كبار المسؤولين الامنيين هناك.  

المعلومات تشير الى ان محور المقاومة اتخذ القرار منذ زيارة ولايتي الاخيرة الى المنطقة، بالانتقال الى مرحلة الهجوم بمواجهة الارهاب، وان كان توقيت ذلك لا يزال غير معلن لحسابات كثيرة ربما منها التريث ريثما تنتهي  المفاوضات النووية الايرانية، لكن المؤكد ان ذلك سيترجم في الايام القادمة بخطوات ميدانية على الارض بطرق عدة، ولعل بعضها بدأ فعلاً سواء من خلال:

1. تحصين بغداد ودمشق، وبهذا الاطار تأتي معركة الزبداني لاستكمال تحرير القلمون وتأمين العاصمة السورية.  
2. استعادة جميع المناطق الاستراتيجية في البلدين وهو ما بدأ التحضير له فعلاً (الموصل، الرمادي، جسر الشغور..).
3. ايجاد طوق أمني حمائي لمناطق الجنوب الحدودية مع الاردن، كونها المنطقة التي يعول الغرب لاحداث خرق فيها، من خلال قوات "الموك" التي تشرف اميركا على ادارتها والموجودة قيادتها في عمان، والتي تلقت ضربة قاصمة فيما سمي مؤخراً "عاصفة الجنوب".

4.تعزيز وزيادة اعداد المقاتلين من محور المقاومة في سوريا والعراق، يترافق ذلك مع استنفار الدولتين وحشد طاقاتها الشعبية لتأطيرها ضمن هيئات الحشد الشعبي القتالية للمساهمة في الدفاع عن مناطقها وتعزيز حمايتها بمواجهة خروقات المسلحين، وزيادة التنسيق المعلوماتي وتبادل الخبرات بين اركان محور المقاومة.

باختصار فان معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي وصفها الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله كعلاج ناجع بمواجهة الارهاب، وطرحها معادلة قابلة للتعميم في العالم العربي، للاستفادة منها، اضحت امرا واقعا  في سوريا والعراق واليمن، وما يجري اليوم يبدو انه ليس سوى تشكيل غطاء اقليمي ودولي له، عبر تأسيس نواة تحالف اقليمي، لن يكون حكراً على الدول المشاركة به، بل على العكس فان جميع الدول المبتلاة بالارهاب، مدعوة للالتحاق بركبه قبل ان تغرق السفينة بالجميع دون استثناء.
2015-07-07