ارشيف من :آراء وتحليلات
ما وراء إعلان حالة الطوارئ في تونس
بعد أخذ ورد وبعد جدل كبير بين مختلف الأطياف السياسية ومكونات المجتمع المدني، أعلن في تونس عن حالة الطوارئ بسبب العمليات الإرهابية التي عرفتها الخضراء. وكانت عملية سوسة الأخيرة القطرة التي أفاضت الكأس وجعلت رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وبعد الإجتماع مع مجلس الأمن القومي يعلن دون تردد عن هذا القرار في خطاب ألقاه من قصر قرطاج.
وبحسب ما رشح من أنباء فإن معلومات استخباراتية مفادها أن الجماعات التكفيرية تخطط لتنفيذ عمليات كبرى في تونس بمناسبة غزوة بدر وعيد الفطر تقف أيضا وراء اتخاذ هذا القرار الذي لم يفاجئ التونسيين. كما أن هناك حديثا عن تقدم للجماعات التكفيرية في ليبيا باتجاه تونس وسيطرتهم على مناطق هامة في الجزء الغربي وهو ما جعل الدولة التونسية تسارع إلى اتخاذ قرار إعلان حالة الطوارئ.
معارضة حقوقية
وبمجرد الإعلان عن القرار سارعت منظمات وشخصيات حقوقية إلى إدانته والإعتراض عليه. وحجة هؤلاء هو الخشية من التراجع عن الحريات التي تم اكتسابها بعد الثورة وخصوصا حرية التعبير والصحافة التي باتت واقعا في تونس ونعمة يخشى الجميع خسارتها.
اعلان الطوارئ في تونس
واعتبر بعض هؤلاء وأغلبهم من معارضي نظام بن علي، من الإسلاميين واليساريين، بأن لا شيء يمنع من العودة إلى الإستبداد وأن مقاومة الإرهاب لا تكون إلا بمزيد دعم الحريات العامة والخاصة. ويبرر هؤلاء طروحاتهم بالرقابة التي أعلنت الدولة أنها ستفرضها على المنظمات والجمعيات التي باتت القوانين التونسية منذ أن كان قائد السبسي رئيسا للحكومة تمنحها حق النشاط بمجرد إعلام الكتابة العامة للحكومة ودون الحاجة إلى ترخيص من وزارة الداخلية.
فجر ليبيا أيضا
ولعل ما يثير الإستغراب والريبة أن ميليشيات فجر ليبيا التي تسيطر على العاصمة طرابلس والجزء الغربي من ليبيا عبرت عن قلقها من إعلان حالة الطوارئ في تونس. فما الذي يزعج هذه الجماعات في قرار لا يهم مجالها الإقليمي ولا علاقة له بما يحصل في الداخل الليبي؟
لذلك ذهبت عديد التحليلات إلى أن هذه الجماعات المسلحة متورطة مباشرة فيما يطال تونس من إرهاب وقد كشفت نفسها بنفسها من خلال الإنزعاج من إعلان حالة الطوارئ التي ستضيق الخناق أمنيا على نشاطاتها في تونس. ويشار إلى أن ميليشيا تابعة لفجر ليبيا سارعت في وقت سابق إلى اقتحام القنصلية التونسية و اختطاف البعثة القنصلية التونسية في طرابلس ومقايضة الديبلوماسيين بإرهابي ليبي وقع في قبضة السلطات التونسية وصدرت بحقه أحكام قضائية تدينه.
حرب حقيقية
وتخوض أجهزة الأمن والجيش حربا حقيقية على الإرهاب حصلت في بعضها التحامات مباشرة خصوصا في جبال الشعانبي وسمامة وورغة وفي وادي مليز المتاخمة للحدود الجزائرية حيث تتحرك هذه الجماعات على حدود البلدين التي هي في أغلبها أحراش غابية ومسالك جبلية وعرة. ويعتبر أداء الجيش التونسي إلى حد الآن، وبشهادة جل الخبراء العسكريين، أداء حسنا رغم الخسائر من حين لآخر ورغم الحديث عن اختراقات طالته خلال فترة حكم الترويكا.
وكما ستمكن حالة الطوارئ من فض الإعتصامات والإضرابات التي تعيق نمو الإقتصاد الوطني بالقوة ومن ذلك إضرابات قطاع الفوسفات في الحوض المنجمي التي لا تعيق إنتاج هذه المادة فحسب، وإنما توقف الصناعات الكيميائية المرتبطة به إيقافا تاما، ويدرك القاصي والداني أهمية هذا المنتوج في الإقتصاد التونسي المبني أساسا على الزراعة فالصناعة والخدمات وأخيرا السياحة التي تعتبر مكملا لهذه القطاعات ومساهما في الحد من عجز الميزان التجاري.