ارشيف من :آراء وتحليلات
اليونان تزعزع التكامل الأوروبي
يعتبر الاتحاد الأوروبي مثالًا لمنظمة تضم الدول الأوروبية فقط. تأسس هذا الاتحاد بناء على معاهدة ماسترخت الموقعة عام 1992، والتي تم التنظير لأفكارها منذ خمسينات القرن الماضي. تقوم هذه الاتفاقية على مبادئ عديدة أهمها نقل صلاحيات الدول القومية إلى المؤسسات الدولية الأوروبية. على أن تبقى هذه المؤسسات محكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة من كل دولة، ولهذا الاتحاد - الذي يعتبر فريدا من نوعه في العالم - نشاطات عديدة، أهمها وجود سوق موحد له عملة واحدة هي "اليورو" الذي تبنت استخدامها 12 دولة.
لقد أتى إنشاء هذا الاتحاد بعدما تكررت المحاولات لتوحيد أمم أوروبا قبل ظهور الدولة القومية الحديثة في تاريخ القارة الأوروبية منذ انهيار الإمبراطورية الرومانية التي كانت حول المتوسط. بعد ما أدت إليه الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، ازدادت بشدّة الحوافز لتأسيس ما عرف فيما بعد باسم الاتحاد الأوروبي، مدفوعا بالرغبة في إعادة بناء أوروبا وللقضاء على احتمالية حرب شاملة أخرى. أدى هذا الشعور في النهاية إلى تشكيل جمعية "الفحم والفولاذ" الأوروبية عام 1951 على يد كل من ألمانيا (الغربية)، فرنسا، إيطاليا ودول بينيلوكس (بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ).
أول وحدة جمركية عرفت بالأصل باسم المؤسسة الاقتصادية الأوروبية (European Economic Community)، وتسمى في المملكة المتحدة بشكل غير رسمي بـ "السوق المشتركة"، تأسست في اتفاقية روما عام 1957 وطبقت في 1 يناير/كانون الثاني 1958. هذا التغيير اللاحق للمؤسسة الأوروبية يشكل العماد الأول للاتحاد الأوروبي. حيث تطور الاتحاد من جسم تبادل تجاري إلى شراكة اقتصادية وسياسية.
لا شيء يمنع اليونان من الخروج من اليورو
يستمد الاتحاد شرعيته الأممية بالاستناد إلى الفصل الثامـن من ميثاق الأمم المتحدة، المادة 52 التي تنص على أنه "ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد "الأمم المتحدة" ومبادئها... يبذل أعضاء "الأمم المتحدة" الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن".
اليونان
لم يضع الاتحاد الأوروبي بادئ الأمر أية شروط لانضمام الدول المرشحة للعضوية، ما عدا الشروط العامة التي تم تبنيها في الاتفاقيات المؤسسة للاتحاد. لكن الفرق الشاسع في المستوى الاقتصادي والسياسي بين دول أوروبا الوسطى والشرقية ودول الاتحاد دفع مجلس الاتحاد الأوروبي في عام 1993 إلى أن يضع ما يعرف بشروط كوبن هاغن:
1.شروط سياسية: على الدولة المرشحة للعضوية أن تتمتع بمؤسسات مستقلة تضمن الديمقراطية، وعلى دولة القانون أن تحترم حقوق الإنسان وحقوق الأقليات.
2.شروط اقتصادية: وجود نظام اقتصادي فعال يعتمد على اقتصاد السوق ويكون قادرا على التعامل مع المنافسة الموجودة ضمن الاتحاد.
3.شروط تشريعية: على الدولة المترشحة للعضوية أن تقوم بتعديل تشريعاتها وقوانينها بما يتناسب مع التشريعات والقوانين الأوروبية التي تم وضعها وتبنيها منذ تأسيس الاتحاد.
كما ذهب الاتحاد إلى تحديد شروط اكثر صرامة لانضمام دول جديدة إليه منذ 2007. وتعتبر اليونان من أبرز دول الاتحاد، حيث انضمت إليه عام 1981 ما ترك أثرا ايجابيا على الاقتصاد اليوناني وداعما للسياسة اليونانية الخارجية مع دول أخرى وخاصة مع تركيا، التي تربطها مع اليونان علاقات مهمة، يشوبها التوتر في معظم الأحيان.
وتعتبر اليونان من الدول الهامة التي تعطي دفعاً للاتحاد نظراً لموقعها الجغرافي الهام، فهي دولة تقع جنوب شرق أوروبا، على الرأس الجنوبي لشبه الجزيرة البلقانية. يحدها شمالاً كل من بلغاريا، جمهورية مقدونيا وألبانيا، تركيا ومياه بحر إيجة شرقاً، مياه البحر الأيوني والبحر الأبيض المتوسط غرباً وجنوبا. كما أنها تملك إرثا حضارياً عريقا، يعود تاريخه إلى آلاف السنين.
ولعبت العلاقات اليونانية مع كل من الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، تركيا والدول العربية دورا مهما في تحديد توجه السياسة الخارجية على مدى السنين السابقة. لكن مسعى السلطات اليونانية للخروج من منطقة اليورو ومن الاتحاد الأوروبي واعادة النظر في علاقاتها مع الناتو يوجه ضربة قوية للاتحاد الذي يعيش أزمة داخلية.
عليه، تأتي الأزمة اليونانية لتوجه صفعة جديدة للعلاقات بين دوله والبقاء على متانة اتحادها لا سيما وأن ديون اثينا ارتفعت خلال السنوات الـ 15 الماضية الى 320 مليار يورو، مقابل انخفاض معدلات الانتاج. لذلك لم يعد بإمكانها تسديد هذه الديون، واصبحت من أفقر دول الاتحاد الأوروبي، حيث أن نسبة البطالة فيها ارتفعت الى 25 بالمئة وأن 90 بالمئة من سكانها يعتبرون حياتهم الحالية اسوأ مما كانت عليه سابقا.
وتسعى منطقة اليورو رغم انقساماتها في بروكسل إلى انتزاع اتفاق بشأن خطة انقاذ مالية لليونان لإبقاء البلاد في منظومة العملة الموحدة، لكن ذلك يتم بالتراضي وليس بفرض شروط على اليونان لمنعها من الخروج من الاتحاد.
وبالتالي، فإن خروج اليونان سيؤدي إلى تزعزع التكامل الأوروبي؛ خاصة وأن لا شيء يحول دون خروجها من منطقة اليورو، فليس هناك شروط تمنع من مغادرة الاتحاد على عكس دخوله، وهذا ما يسير على كافة المنظمات الاقليمية.
لقد أتى إنشاء هذا الاتحاد بعدما تكررت المحاولات لتوحيد أمم أوروبا قبل ظهور الدولة القومية الحديثة في تاريخ القارة الأوروبية منذ انهيار الإمبراطورية الرومانية التي كانت حول المتوسط. بعد ما أدت إليه الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، ازدادت بشدّة الحوافز لتأسيس ما عرف فيما بعد باسم الاتحاد الأوروبي، مدفوعا بالرغبة في إعادة بناء أوروبا وللقضاء على احتمالية حرب شاملة أخرى. أدى هذا الشعور في النهاية إلى تشكيل جمعية "الفحم والفولاذ" الأوروبية عام 1951 على يد كل من ألمانيا (الغربية)، فرنسا، إيطاليا ودول بينيلوكس (بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ).
أول وحدة جمركية عرفت بالأصل باسم المؤسسة الاقتصادية الأوروبية (European Economic Community)، وتسمى في المملكة المتحدة بشكل غير رسمي بـ "السوق المشتركة"، تأسست في اتفاقية روما عام 1957 وطبقت في 1 يناير/كانون الثاني 1958. هذا التغيير اللاحق للمؤسسة الأوروبية يشكل العماد الأول للاتحاد الأوروبي. حيث تطور الاتحاد من جسم تبادل تجاري إلى شراكة اقتصادية وسياسية.
لا شيء يمنع اليونان من الخروج من اليورو
يستمد الاتحاد شرعيته الأممية بالاستناد إلى الفصل الثامـن من ميثاق الأمم المتحدة، المادة 52 التي تنص على أنه "ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد "الأمم المتحدة" ومبادئها... يبذل أعضاء "الأمم المتحدة" الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن".
اليونان
لم يضع الاتحاد الأوروبي بادئ الأمر أية شروط لانضمام الدول المرشحة للعضوية، ما عدا الشروط العامة التي تم تبنيها في الاتفاقيات المؤسسة للاتحاد. لكن الفرق الشاسع في المستوى الاقتصادي والسياسي بين دول أوروبا الوسطى والشرقية ودول الاتحاد دفع مجلس الاتحاد الأوروبي في عام 1993 إلى أن يضع ما يعرف بشروط كوبن هاغن:
1.شروط سياسية: على الدولة المرشحة للعضوية أن تتمتع بمؤسسات مستقلة تضمن الديمقراطية، وعلى دولة القانون أن تحترم حقوق الإنسان وحقوق الأقليات.
2.شروط اقتصادية: وجود نظام اقتصادي فعال يعتمد على اقتصاد السوق ويكون قادرا على التعامل مع المنافسة الموجودة ضمن الاتحاد.
3.شروط تشريعية: على الدولة المترشحة للعضوية أن تقوم بتعديل تشريعاتها وقوانينها بما يتناسب مع التشريعات والقوانين الأوروبية التي تم وضعها وتبنيها منذ تأسيس الاتحاد.
كما ذهب الاتحاد إلى تحديد شروط اكثر صرامة لانضمام دول جديدة إليه منذ 2007. وتعتبر اليونان من أبرز دول الاتحاد، حيث انضمت إليه عام 1981 ما ترك أثرا ايجابيا على الاقتصاد اليوناني وداعما للسياسة اليونانية الخارجية مع دول أخرى وخاصة مع تركيا، التي تربطها مع اليونان علاقات مهمة، يشوبها التوتر في معظم الأحيان.
وتعتبر اليونان من الدول الهامة التي تعطي دفعاً للاتحاد نظراً لموقعها الجغرافي الهام، فهي دولة تقع جنوب شرق أوروبا، على الرأس الجنوبي لشبه الجزيرة البلقانية. يحدها شمالاً كل من بلغاريا، جمهورية مقدونيا وألبانيا، تركيا ومياه بحر إيجة شرقاً، مياه البحر الأيوني والبحر الأبيض المتوسط غرباً وجنوبا. كما أنها تملك إرثا حضارياً عريقا، يعود تاريخه إلى آلاف السنين.
ولعبت العلاقات اليونانية مع كل من الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، تركيا والدول العربية دورا مهما في تحديد توجه السياسة الخارجية على مدى السنين السابقة. لكن مسعى السلطات اليونانية للخروج من منطقة اليورو ومن الاتحاد الأوروبي واعادة النظر في علاقاتها مع الناتو يوجه ضربة قوية للاتحاد الذي يعيش أزمة داخلية.
عليه، تأتي الأزمة اليونانية لتوجه صفعة جديدة للعلاقات بين دوله والبقاء على متانة اتحادها لا سيما وأن ديون اثينا ارتفعت خلال السنوات الـ 15 الماضية الى 320 مليار يورو، مقابل انخفاض معدلات الانتاج. لذلك لم يعد بإمكانها تسديد هذه الديون، واصبحت من أفقر دول الاتحاد الأوروبي، حيث أن نسبة البطالة فيها ارتفعت الى 25 بالمئة وأن 90 بالمئة من سكانها يعتبرون حياتهم الحالية اسوأ مما كانت عليه سابقا.
وتسعى منطقة اليورو رغم انقساماتها في بروكسل إلى انتزاع اتفاق بشأن خطة انقاذ مالية لليونان لإبقاء البلاد في منظومة العملة الموحدة، لكن ذلك يتم بالتراضي وليس بفرض شروط على اليونان لمنعها من الخروج من الاتحاد.
وبالتالي، فإن خروج اليونان سيؤدي إلى تزعزع التكامل الأوروبي؛ خاصة وأن لا شيء يحول دون خروجها من منطقة اليورو، فليس هناك شروط تمنع من مغادرة الاتحاد على عكس دخوله، وهذا ما يسير على كافة المنظمات الاقليمية.