ارشيف من :آراء وتحليلات

المسلمون الاويغور والسياسات الصينية

المسلمون الاويغور والسياسات الصينية

يعاني مسلمو الاويغور في منطقة شينجيانغ غرب الصين، من مضايقات على حريتهم الدينية. وفي الوقت الذي قال مسؤول صيني كبير إنّ الدين يجب أن "يخضع لسيطرة الدولة الصينية" من أجل توحيد البلاد، نُشرت إشعارات رسمية على المواقع الحكومية، تشبه تلك التي  نشرت عام 2014، والتي تنص أنّه على مسلمي الاويغور من الأعضاء في الحزب والموظفين في الخدمة المدنية، والمعلمين، والطلاب، عدم الصيام.


وكانت الحكومة الصينية قد اتخذت مجموعة من الإجراءات - من حظر السفر داخل البلاد إلى عروض مالية وحوافز اخرى - لتشجيع الزواج بين قبائل «الهان» و«الاويغور» (الأقلية العرقية الناطقة باللغة التركية) بهدف التخفيف مما تعتبره الحكومة خطر التطرف الإسلامي في المنطقة، فيما يبدو أن  المستوى الحالي للسيطرة يمثل أقسى حالة شهدتها المنطقة منذ عقود.

في نصف العقد الماضي، شهدت شينجيانغ سلسلة من الصراعات الدموية بين قبيلتي الاويغور وهان التي أودت بحياة أكثر من 100 شخص. وتلقي البيانات الرسمية باللوم في هذه الاشتباكات على المتطرفين الإسلاميين، فيما تقول منظمات حقوق الإنسان إنّ الصراعات تأججت إلى حد كبير بسبب السياسات الدينية والاقتصادية المقيدة في المنطقة.

محاربة التطرف في الصين واستخلاص العبر

في ايار/ مايو  2014 أطلقت الحكومة الصينية حملة بعنوان «أضرب بشدة»، ، وتضمنت الرقابة على الصلوات، وإغلاق المدارس الإسلامية، وحظر بعض اللباس الديني، وقد هددت هذه الحملة جميع أشكال التعبيرات الدينية والثقافية المحلية، وأثارت أزمة هوية بين مسلمي الاويغور. لكن السياسات التي تعتمدها الحكومة الصينية لتحقيق مصالحات قومية تعتبر خطوات ناقصة اذا ما اريد منها سد الفجوة بين قبيلة الهان المهيمنة في الصين وقبيلة الاويغور.
في الجامعة هناك تم تركيب كاميرات الدوائر التليفزيونية المغلقة في الفصول الدراسية ومساكن الطلاب. وانتشرت نقاط التفتيش عند بوابات المدارس، حيث يتم إيقاف الطلاب لأخذ هواتفهم الخلوية للتفتيش عن أي محتوى ذي صلة بالإسلام.

المسلمون الاويغور والسياسات الصينية
الصين

قانون الزي الجديد صدر بعد أحداث العنف في أورومتشى عام 2009، ليفرض الحظر على جميع التعبيرات السرية من الهوية الدينية أو العرقية. ويُعدّ النقاب واللحى علامات لا لبس فيها عن الانحراف.

لقد صاحب هذه السياسات هجوم أيديولوجي. بعد زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى كاشغر في نيسان/ أبريل الماضي، والذي أكّد فيها على ضرورة مكافحة الإرهاب وتعزيز التعليم ثنائي اللغة.

في ساحة الشعب، عند تمثال ماو تسي تونغ يوجد الآن العشرات من سيارات رجال الشرطة. وكان مسجد عيد كاه الذي شُيّد منذ 600 سنة، وهو أكبر مسجد في الصين، محظورًا على الشباب المسلمين من الاويغور خلال ساعات الخدمة منذ صيف عام 2014، عندما طعن بعض المتطرفين إمامًا مؤيدًا للشيوعية حتى الموت خارج بوابة المسجد.

في جميع أنحاء الصين، يبحث الأفراد عن طرق لتحقيق تطلعاتهم في المناطق التي تسمح بها الدولة. بالنسبة للاويغور، تبدو مساحة المناورة صغيرة للغاية. تطلعاتهم العالمية والبراعة الثقافية، يمكن أن تساعد بسهولة في ترسيخ التفاهم بين الأعراق لإصلاح المجتمع المنقسم. ومع ذلك، في ظل التقييد للحريات ، فإنهم مضطرون إلى التخلي عن مطالبهم في الحصول على هوية مستقلة، أو مواجهة التهديد بفرض عقوبات من الدولة.
ولكن في المقابل فان بعض النشطاء "الاسلاميين" لا يخفون ثقافتهم "الوهابية" ورغبتهم بالذهاب الى المملكة العربية السعودية والالتحاق بمدارسها الدينية. ثقافة شعرت معها الحكومة الصينية بخطر التعصب والتشدد لا سيما مع وجود تنظيم شرق تركستان الذي يحمل افكار تنظيم "القاعدة" ويرتبط بعلاقات معه.

وازدادت الهواجس الحكومية بعد التقارير المتلاحقة عن انخراط مئات العناصر من الاويغوريين في الحرب الدائرة في سوريا بتنظيم واشراف المخابرات التركية ودعم سعودي.

تنظر الحكومة الصينية الى هذا النشاط بريبة كبيرة لا سيما وان التنظيم يدعو للانفصال، وان تراكم خبرات عناصره العسكرية قد يشكل تهديدا ارهابيا .
قد تبدو الهواجس الصينية محقة لكن ما ينبغي الالتفات اليه ان الضغط على هذه المجموعات العرقية قد يؤدي الى نتائج عكسية تزيد من تطرفهم، كأي فئة تعتبر نفسها مستهدفة.

لقد اثبتت التجارب في المناطق التي تنشط فيها هذه الجماعات التي تحملا فكرا متطرفا ان الضغط غير الممنهج يساعدهم على الانتشار والاستقطاب، فيما المزيد من الحريات يضعفهم.
ولذلك فانه يمكن الملاحظة بسهولة ازدياد النزعة الانفصالية عند الاويغور والتي تقوى يوما بعد يوم.
ان قيام الحكومة الصينية بمقاربة مختلفة لاوضاع الاويغوريين في اقليم شينجيانغ تبدو امرا ملحاً. ومن المفيد جدا دراسة التجربة في بعض المناطق كافغانستان وباكستان والعراق لاستخلاص العبر ووضع الخطط التنموية والاجتماعية والثقافية.
2015-07-16