ارشيف من :آراء وتحليلات
جدل بسبب ’الجدار العازل’ بين تونس وليبيا
ما زال موضوع الجدار الذي بدأت تونس في بنائه على طول حدودها مع ليبيا يثير الكثير من الجدل في صفوف التونسيين والليبيين على حد سواء. حيث اختلفت التقييمات بشأنه بين مرحب باتخاذ الدولة التونسية لإجراءات عملية من شأنها أن تخفف من العمليات الإرهابية التي تستهدف الخضراء في الآونة الأخيرة وبين رافض من الأساس للفكرة له أسبابه في ذلك.
وللرافضين عديد الحجج منها تكلفة هذا الجدار المادية التي يجب أن تذهب برأيهم إلى تنمية المناطق الداخلية وأيضا عدم نجاح عديد البلدان التي أقامت الجدران في حماية أمنها القومي وأن الأساس في نظر هؤلاء هو العمل الإستخباراتي واختراق الجماعات التكفيرية من الداخل. هذا بالإضافة إلى مزيد من عزل الشعبين والقضاء على إمكانية إنجاز المشاريع التنموية المشتركة بالمناطق الحدودية.
فجر ليبيا
ولعل إعلان ميليشيات ما يسمى "فجر ليبيا"، التي تسيطر على غرب البلاد بما في ذلك العاصمة طرابلس، أن هذا الجدار هو اعتداء على سيادة ليبيا بما أنه يتم من طرف واحد دون التنسيق مع الجانب الليبي، قد زاد، بحسب البعض من شدة المعارضة الداخلية لهذا الجدار. حيث رأى هؤلاء أن مواصلة إقامته قد تفتح على تونس جبهة قتال هي في غنى عنها خاصة مع التهور الذي يميز الميليشيات المسلحة في ليبيا.
تونس وليبيا
وتروج ميليشات فجر ليبيا إلى أن تونس بصدد الإستيلاء على أراض ليبية بما في ذلك أحد حقول الغاز الحدودية الذي كان في وقت ما محل خلاف بين البلدين وذلك لحشد التأييد الشعبي الداخلي. فيما أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في حوار تلفزيوني أن تونس مستعدة للرد على كل من يستهدف هذا الجدار الأمني.
إنجاز فرنسي
وتتحدث بعض الأطراف على أن هذا الجدار تقوم بإنجازه شركة فرنسية وسيقع لاحقا خصم تكلفة إنجازه من ديون تونس لفرنسا التي كانت باريس وعدت بطرحها وتحويلها إلى استثمارات في إطار مساعدة الخضراء في هذا الظرف الإستثنائي الصعب. وكان البعض قد ابتهج في تونس لهذا القرار الفرنسي الذي جاء على إثر زيارة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى باريس.
وإذا ثبتت صحة الخبر فإن خيبة أمل كبرى ستصيب جانبا من التونسيين ممن توسموا الخير في باريس وفي رغبتها في مساعدة تونس على تجاوز أزمتها. إذ سيتبين أن الأموال التي يجب أن توفرها الدولة التونسية في الوقت الحاضر والتي ستقتطع لاحقا من الديون ستذهب إلى شركة فرنسية عوض أن تذهب إلى الإستثمارات الداخلية خصوصا فيما يتعلق بالبنية التحتية، أي أن كل ما في الأمر أن الفرنسيين يرغبون في منح صفقة لإحدى شركاتهم للعمل وتحقيق الأرباح ويقع تمويل المشروع بأموال فرنسية سيولتها غير متوفرة وعلى التونسيين توفيرها، ويوهمون التونسيين بأنهم طرحوا لهم ديونا.
قرار سابق
ولعل السرعة التي تم بها الإنطلاق في تنفيذ المشروع تثبت ان بما لا يدع مجالا للشك أن القرار قد اتخذ منذ فترة طويلة ولم يقع الإعلان عنه إلا مع انطلاق الإنجاز الفعلي. فالجرافات بصدد حفر خندق على طول الحدود والكل يعمل على قدم وساق لإتمامه في الآجال.
ورغم كل هذه المعارضة فإن أطرافا ليبية ترى في هذا الجدار حلا يساهم في التخفيف من ظاهرة دخول التكفيريين التونسيين إلى ليبيا والإنخراط في الجماعات التكفيرية وكذلك حركة التهريب وبالتالي ففيه مصلحة للبلدين وفقا لهذه الأطراف.