ارشيف من :آراء وتحليلات

ساركوزي يسيء إلى العلاقات التونسية الجزائرية

ساركوزي يسيء إلى العلاقات التونسية الجزائرية

أثارت زيارة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى تونس الكثير من الجدل ولقيت احتجاجات واسعة في صفوف التونسيين. فقد اعتبر البعض بأن هذا الرجل لا يقل خطورة عن الصهيوني "برنار هنري ليفي" الذي ينشر الخراب أينما حل.

كما أن قصة غدر ساركوزي بالقذافي ماثلة في أذهان التونسيين، حيث مول حاكم ليبيا السابق الحملة الانتخابية الرئاسية للرئيس الفرنسي السابق لكن الأخير كان في طليعة الرؤساء ورؤساء الحكومات الأوروبيين الداعمين لتدخل الناتو في ليبيا للإطاحة بالقذافي. كما عرض النظام الفرنسي برئاسة ساركوزي على الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي في أيامه الأخيرة أياما قبل مغادرته للحكم، دعمه بتجهيزات لقمع التظاهرات لتوريطه أكثر مع شعبه خدمة لأجندة ما يسمى "الربيع العربي" أو "الفوضى الخلاقة".

حفاوة في الاستقبال

ولعل ما أغضب الكثير من التونسيين هو الحفاوة المبالغ فيها التي لقيها ساركوزي في تونس وهو المنبوذ في بلاده الذي تطاله قضايا فساد بالجملة. فقد تمت معاملته وكأنه رئيس يباشر الحكم في بلاده سواء من قبل قيادات حركة نداء تونس أو في القصر الرئاسي بقرطاج، وزار متحف باردو وشاطئ مدينة سوسة اللذين شهدا مؤخرا عمليات إرهابية.


ساركوزي يسيء إلى العلاقات التونسية الجزائرية
ساركوزي في تونس


رفض واسع لزيارة الرئيس الفرنسي السابق إلى تونس
ولعل ما ساهم أيضا في غضب كثير من التونسيين هو الماضي السيء لنيكولا ساركوزي مع المهاجرين المغاربة في فرنسا حيث عرف بقمع شبابهم في الضواحي حين كان وزيرا للداخلية زمن شيراك، وصدرت عنه تصريحات عنصرية تجاههم. وحين أصبح ساركوزي رئيسا أنشأ وزارة للهوية الوطنية الفرنسية أشرفت على ترحيل عدد كبير من المهاجرين المغاربة رغم أن ساركوزي من أصول يهودية مجرية وأصوله ليست فرنسية.

الملف الجزائري


أما القطرة التي أفاضت الكأس في هذه الزيارة فهي تصريحات ساركوزي بشأن الجزائر حيث نصب نفسه وصيا حين قال بأنه وجب  تناول مستقبل الجزائر وتنميتها والوضع فيها، في إطار الاتحاد من أجل المتوسط. هذا الإتحاد الذي دعا إليه حين كان رئيسا ولم يجد الآذان الصاغية من الرؤساء المتوسطيين في الضفة الجنوبية وقبره معمر القذافي في المهد.

لقد رأى جل الطيف السياسي التونسي وعدد هام من الإعلاميين بأن الرئيس الفرنسي الأسبق تجاوز الخطوط الحمراء بهذه التصريحات وتسبب في إحراج تونس مع شقيقتها الجزائر التي تحتفظ معها بعلاقات مثالية نادرة على المستوى العربي. وطالب البعض بأن تعلن الحكومة التونسية صراحة بأن تصريحات ساركوزي لا تلزمها وأن تتوجه بالنقد لساركوزي نفسه إن لزم الأمر.

علاقات استراتيجية

فالعلاقات التونسية الجزائرية هي علاقات استراتيجية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا. فالجزائر هي العمق الاستراتيجي لتونس وواجهتها الخلفية التي كثيرا ما اعتمدت عليها في أزماتها سواء مع معمر القذافي في ثمانينات القرن الماضي. كما أن هناك تعاونا كبيرا بين البلدين في مجال مقاومة الإرهاب الذي يعتبر آفة طالت البلدين.

وبالتالي فقد أساء ساركوزي لتونس في هذه الزيارة التي لم ينتفع منها إلا بعض السياسيين الراغبين في بناء علاقات مع اليمين الفرنسي والطامعين في خلافة الباجي قائد السبسي في قصر قرطاج.
2015-07-21