ارشيف من :آراء وتحليلات
الباكستانيون لنواز شريف: كشمير خط أحمر
عون هادي حسين
على الرغم من توتر العلاقات الباكستانية - الهندية، وإعلان رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي خلال زيارته الاخيرة إلى بنغلادش أن المخابرات الهندية كانت وراء انفصال باكستان الشرقية (بنغلادش) في سبعينات القرن الماضي عن باكستان الأم، ما أثار حفيظة الباكستانيين وأعتبروه نوعا من "طرق طبول الحرب"، لكن لم يمنع ذلك رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف من لقاء نظيره الهندي بشكلٍ ثنائي على هامش أعمال قمة "منظمة شنغهاي للتعاون" التي عقدت اواخر الأسبوع الفائت بمدينة أوفا الروسية.
أثار هذا اللقاء جدلاً واسعاً في باكستان بين مؤيدٍ للتقارب الباكستاني – الهندي وبين مخالف ومُشككٍ من جدوى محاولات التقارب، وقد وجد المخالفون في البيان الصادر عن الرئيسين عقب اللقاء ثغرة للهجوم على نواز شريف، حيث أنه تم إغفال القضية الكشميرية، ولم يتم التطرق لها في البيان ما اعتبره الزعيم الكشميري علي جيلاني خيانة للشعب الكشميري، ورأى فيه المحافظون نية مُبطنة لدى نواز شريف والطبقة الرأسمالية لتطبع العلاقات الباكستانية – الهندية على حساب القضية الكشميرية، من خلال إهمال القضية الكشميرية شيئاً فشيئاً، ومن ثم يتبع ذلك تحول في السياسة الخارجية الباكستانية حيال الهند.
نواز شريف
يرى محللون اقتصاديون أن الهند قوة صاعدة، ولا غنى للجارتين عن بعضهما البعض، فباكستان سوق كبيرة للهند والهند أيضاً سوق ضخمة لباكستان، وعلى كلا البلدين أخذ العبر من تجربة الولايات المتحدة الأمريكية واليابان اللتين كانتا عدوتين لدودين، لكن المصلحة المشتركة جمعتهما واليوم هما حليفتان.
وبحسب تقارير فإن حجم الاستثمار بين الهند والصين حتى عام 2050 سيصل لعتبة 70 بليون دولار، وبعد عشر سنوات سيصل حجم الاستثمار بين الهند وروسيا إلى 30 مليار دولار، فضلاً عن أن الرأسماليين الباكستانيين يراقبون كثافة الاستثمارات الهندية في أفغانستان في مختلف المجالات: سدود، محطات كهرباء، مصانع الصلب، مناجم الحديد الخام والقائمة تطول. يطمح المستثمرون الباكستانيون ومن بينهم نواز شريف الذي ينتمي إلى طبقة الرأسماليين أن تنتهي الخلافات الباكستانية – الهندية ليتم الاستفادة من السوق الهندية التي تثير لُعاب التجار الباكستانيين.
لكن يبقى الجيش والإعلام وطبقات واسعة من الشعب الباكستاني عقبة صعبة، وقد تصبح شرسة، في وجه مطامع نواز شريف ومن خلفه من كبار التجار الباكستانيين، لذلك يرى محللون أن هذه اللقاءات مهما حاول شريف الاستفادة منها ليست إلا مُهدئات تستفيد منها المؤسسة العسكرية لتتفرغ للمتشددين على الحدود مع أفغانستان وتأمين الخط الذي من المفترض أن يمر به مشروع "طريق الحرير الصيني- الباكستاني" الجديد، فشريك المؤسسة العسكرية الاستراتيجي هي الصين، أما الهند مع سوقها الضخمة ما تزال العدو التقليدي للجيش والشعب الباكستاني بمعظم طبقاته الفقيرة والمتوسطة.
بناءً على ما تقدم، فإن محاولات الرأسماليين الباكستانيين ورئيس الوزراء الباكستاني هدم الجدار الفاصل بين باكستان والهند تبدو غير كافية بل وضعيفة، وبنظر البعض هي تهور سياسي في ظل عقيدة الجيش التي، بحسب الهند، هي العدو التقليدي لباكستان، ما قد يُعرض نواز شريف للعقاب واتهامه بالخيانة العظمى.