ارشيف من :آراء وتحليلات
العراق: أزمة رئاسة الاقليم تلقي بظلالها على المشهد الكردي
مع بدء العد التنازلي لحلول موعد انتخابات رئاسة اقليم كردستان بحسب ما حدده رئيس الاقليم مسعود البارزاني، في العشرين من شهر اب/اغسطس المقبل، تصاعدت حدة الخلافات بين الفرقاء السياسيين الاكراد، منذرة بحدوث تصدعات كبيرة، يمكن أن تعيد الامور الى ما كانت عليه قبل عشرين عاما.
خلافات الفرقاء تهدد البيت الكردي بالانهيار
وبهذا الخصوص، أكدت مصادركردية خاصة من مدينة اربيل لموقع "العهد الاخباري"، "ان الاروقة السياسية في اربيل والسليمانية تشهد هذه الايام نقاشات وسجالات ساخنة، وصلت في الكثير من الاحيان الى حد تبادل الاتهامات والشتائم، بين فريق مؤيد لبقاء البارزاني رئيسا للاقليم بحجة تجنب خلق ازمة سياسية، في ظرف حساس وخطير يعيشه الاقليم، وفريق اخر يرى في اصرار البارزاني على عدم ترك المنصب بعد عشرة اعوام من توليه، تكريسا لنهج الديكتاتورية والاستئثار بالسلطة واستخفافا بالسياقات الديمقراطية".
وتضيف المصادر قائلة "وأيا تكن النتائج التي سوف تخرج بها تلك النقاشات والسجالات، فإن الاقليم مقبل على مرحلة خطيرة من الصراعات السياسية الشائكة، تضاف الى المخاطر الارهابية التي يواجهها الاقليم من تنظيم "داعش" الذي يقف على مرمى حجر من حدود الاقليم، وكذلك الازمة المالية العاصفة، التي راحت تنعكس بوضوح على مختلف مفاصل الحياة في الاقليم، لا سيما في ظل عدم صرف الرواتب الشهرية لما يقارب مليون موظف حكومي ومتقاعد، منذ اربعة شهور".
الجيش الكردي
وكان رئيس الاقليم مسعود البارزاني، قد وجه انتقادات لاذعة قبل بضعة أيام خلال تفقده قوات البيشمركة الكردية المرابطة على أطراف مدينتي اربيل ونينوى، للأطراف الداعية الى النظام البرلماني، والمهددة بإنشاء ادارة ثانية في مدينة السليمانية، اذ قال "ان نضال أمتنا على مر التاريخ لم يكن من أجل بقاء الكورد تحت نير الخضوع، فلم نقدم الشهداء كي نبقى تحت إمرة أحد، وان فرصة ذهبية برزت للكورد وإنهم في قمة النجاح. بينما يتحدث البعض في هذه المرحلة عن ضرورة وجود إدارتين لكوردستان، وان غير الراضين عن وحدة منطقة كردستان لهم الحرية في اختيار مكان آخر للعيش خارجها".
وتأتي انتقادات البارزاني الموجهة على ما يبدو للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، وحركة التغيير بزعامة نوشيروان مصطفي، على خلفية التحركات المحمومة للطرفين المذكورين وبمساندة اطراف اخرى صغيرة، لالغاء النظام الرئاسي في الاقليم والعمل بالنظام البرلماني، في خطوة تهدف الى قطع الطريق على البارزاني للبقاء في منصب الرئاسة لولاية ثالثة.
وبحسب ساسة ومراقبين اكراد، يشعر الحزب الديمقراطي الكردستاني هذه المرة بجدية خصومه في تغيير الخارطة السياسية، وانهاء تركيز السلطة والاستئثار بها من قبل الديمقراطي، وعلى وجه الخصوص زعامته العائلية، لذلك فأنه –اي الديمقراطي الكردستاني- يحاول من جانب كسب تعاطف الشارع الكردي وتأييده من خلال الاستغراق في الحديث عن حساسية المرحلة والظروف التي يمر بها الاقليم، ومن جانب آخر تقديم قدر من التنازلات لخصومه ومنافسيه من اجل ان يخفضوا سقف مطالبهم وشروطهم.
يذكر ان رئيس مجلس محافظة السليمانية المحسوب على حركة التغيير (كورن) هفال ابو بكر، هدد صراحة الاسبوع الماضي بانفصال السليمانية والمطالبة بإعلانها اقليميا مستقلا عن الاقليم، بسبب عدم اهتمام حكومة الاقليم بتقديم الخدمات لها مثلما تقدمها لاربيل، حيث قال "أن حكومة اقليم كردستان تمارس التمييز مع محافظة السليمانية بعكس أربيل. وان الاخيرة تتمتع بالكهرباء والبنزين بينما حكومة الاقليم لا توفرها لمحافظة السليمانية، الامر الذي قد يؤدي الى اضطرار المحافظة الى المطالبة بإعلانها إقليما". الامر الذي نفاه المتحدث باسم الحكومة الكردية سفين دزيي، مؤكدا انه "ليس هناك اي تمييز، وأن السليمانية جزء لا يتجزء من إقليم كردستان".
واشار دزيي في رده على التهديد بانفصال السليمانية الى "ان اقليم كردستان يدار بشكل مركزي بينما العراق يدار بشكل فدرالي وضمن دستور العراق يحق لمحافظة واحدة أو أكثر تشكيل إقليم بينما لا يسمح للمحافظات في إقليم كردستان تشكيل اقليم تابع لاقليم كردستان".
وتخشى المصادر الكردية الخاصة ان تمتد الخلافات الى داخل بيت الحزب الديمقراطي الكردستاني، في ظل تباين المواقف وتقاطع التصريحات بشأن العلاقة مع الحكومة الاتحادية، والتهديدات بانفصال الاقليم واستقلاله عن العراق، لا سيما ان هناك صراعا وتنافسا خفيًّا بين رئيس حكومة الاقليم ونائب رئيس الحزب الديمقراطي وصهر الرئيس مسعود البارزاني، نيجرفان البارزاني من جهة، ومستشار امن الاقليم ونجل الرئيس، مسرور البارزاني. وهو ما يحاول بعض خصوم البارزاني استغلاله وتوظيفه بطريقة ما لزيادة حجم الضغوط عليه وارغامه على التنحي.
في الوقت ذاته، ترى نخب سياسية وثقافية واجتماعية في اقليم كردستان ان الرئيس البارزاني فشل في اتخاذ خطوات عملية مناسبة تساهم في تأمين الاوضاع الامنية للاقليم، وتعالج الازمة المالية الخانقة، وتخفف من حدة الاحتقانات مع الحكومة الاتحادية في بغداد، في مقابل ذلك يرى انصار البارزاني والمؤيدين له، ان هناك اطرافا سياسية كردية تجد الفرصة مواتية في هذه المرحلة لتصفية حسابات قديمة، ناهيك عن سعيها للحصول على مواقع سلطوية وامتيازات اكثر من حرصها على حل مشاكل الاقليم وتقديم الخدمات لابنائه، في اشارة ضمنية لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير، والجماعة الاسلامية.