ارشيف من :آراء وتحليلات

تونس وروسيا.. نحو الشراكة الاستراتيجية

تونس وروسيا.. نحو الشراكة الاستراتيجية

يبدو أن ما سيجمع بين تونس وروسيا مستقبلا ليس مجرد اتفاقيات في التعاون الاقتصادي بل شراكة استراتيجية حقيقية تشمل مختلف الجوانب. فقد تم الإعلان سابقا عن توقيع اتفاقيات بين البلدين تشمل تصدير تونس لموسكو موادا غذائية على غرار زيت الزيتون الذي تنتجه الخضراء بكميات وافرة وبجودة عالية، كما تم الإعلان عن عزم موسكو بناء مفاعلات نووية في تونس تستغل في إنتاج الطاقة الكهربائية.

 

تونس وروسيا.. نحو الشراكة الاستراتيجية

روسيا وتونس


لكن أعلن مؤخرا عن عزم البلدين رفع مستوى سقف التعاون لتصبح شراكة استراتيجية حقيقية. وذلك من خلال جملة من الاتفاقيات الجديدة التي ستحقق من خلالها تونس الكثير من المنافع الاقتصادية والسياسية وتجعلها تنوع من شركائها تخفيفا من الضغوط الأمريكية عليها التي وصلت إلى حد اعتبار الخضراء شريكا مميزا لواشنطن من خارج حلف الناتو دون استشارة الجانب التونسي.

مركز للصناعات الروسية

ومن بين جوانب الاتفاقية الجديدة التي من المنتظر أن يتم التوقيع عليها خلال الايام القادمة وسيتم تدعيمها بعدد آخر من الاتفاقيات أثناء الزيارتين المرتقبتين للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى موسكو وفلاديمير بوتين إلى تونس، تحويل تونس إلى مركز إقليمي للصناعات الروسية يغطي منطقتي إفريقيا والشرق الأوسط. ومن بين المشاريع التي سيتم إنجازها في هذا الإطار، إنشاء خطوط تجميع لطائرات "سوخوي" وشاحنات "كاماز" الروسية وبعض مكونات السيارات.

اتفاقيات تعاون جديدة بين التونسيين والروس

كما سيذهب الجانبان باتجاه اعتماد العملتين الروسية والتونسية في التعاملات الاقتصادية بين البلدين بدلا عن اليورو والدولار وعملات أجنبية أخرى، وهو امتياز لا يتوفر للتونسيين مع الأوروبيين والأمريكان الذين يشترطون التعامل بعملاتهم دون القبول بالتعامل بالدينار التونسي. وهو ما يمثل سابقة في التعاون الدولي التونسي يؤكد جل الخبراء أنه سيجعل التونسيين يفضلون هذه الشراكة الروسية عن شراكات أخرى لا تقدم عادة مثل هذه الإغراءات.

منافع متبادلة

وبالفعل فقد بدأ السفير التونسي في موسكو اتصالاته مع البنك المركزي التونسي ووزارة التعاون الدولي لدراسة المسألة من الناحية الفنية وفقا لما ورد في وسائل إعلام روسية وتونسية. وهو ما يؤشر على أن هناك مساعي حقيقية ونوايا صادقة للدفع بمستوى التعاون بين البلدين إلى حده الأقصى.

ويؤكد البعض على أن الاستفادة من هذه الشراكة ستكون للطرفين، فبالإضافة إلى ما سيجنيه التونسيون من أرباح اقتصادية من المشاريع الروسية في هذا الوضع الاقتصادي المتأزم فإن الروس سينتفعون كثيرا من هذه الشراكة. فموقع تونس الاستراتيجي في قلب البحر الأبيض المتوسط ووقوعها بين قارتي إفريقيا وأوروبا سيضغط على كلفة تصدير المنتجات الروسية إلى بلدان القارتين السمراء والعجوز. كما تمتلك تونس ثروة من الفوسفات الذي يستخرج منه اليورانيوم وهو ما سيجعل الصناعات النووية الروسية تنمو وتزدهر سواء في تونس أو في محيطها.

منافسة

كما يبدو، يرغب الروس في منافسة الأمريكان القادمين بقوة إلى منطقة المغرب العربي الغنية بالثروات الطبيعية بعد ما يسمى "الربيع العربي" الذي تضررت منه فرنسا بالدرجة الأولى. فلا يجب إغفال أن تونس تتوسط دولتين كبيرتين من ناحية الثروات النفطية هما الجزائر وليبيا ومن خلالها يمكن وضع موطئ قدم في المنطقة وعدم ترك واشنطن تستفرد بما تحت أرضها من ثروات.


وفي انتظار زيارة الرئيسين الروسي والتونسي إلى تونس وموسكو، يتنبأ جل الخبراء والمحللين بأن روسيا لن تكتفي بتنمية علاقاتها مع تونس وهدفها هو وضع موطئ قدم في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط أي الحدود الجنوبية لأوروبا الغربية التي تحاصر الروس بدرع صاروخي يهدد أمنها القومي.

2015-07-24