ارشيف من :آراء وتحليلات
عندما تلهث السعودية وراء تقدم في جنوب سوريا او شمالها
بين اعلان "تل أبيب" وقف مداواتها لجرحى إرهابيي جبهة "النصرة" جنوبا وبين التحول "الظاهر مبدئيا" في علاقة تركيا بتنظيم "داعش" الارهابي من خلال الاشتباكات المباشرة بين قوات تركية وعناصر من التنظيم شمالا على خلفية اتهام تركيا للتنظيم بالتفجيرات الدموية الاخيرة داخل اراضيها، تبقى المملكة العربية السعودية ملتزمة بدعم غرفة عمليات الموك في الجنوب السوري وغرفة عمليات انطاكية ومن خلالها غرفة عمليات ما يسمى بـ "جيش الفتح" شمال سوريا.
فحكام آل سعود مصرون بشكل واضح على تحقيق تقدم ميداني واحد على الاقل جنوبا او شمالا او في اي مكان آخر داخل سوريا من أجل استثماره سياسيا وإضافته الى التقدم الوهمي بالسيطرة على بعض المواقع داخل مدينة عدن في اليمن، حيث تلهث المملكة وراء الحصول على انجاز ما يحفظ لها ماء الوجه في ظل هزائمها المنتشرة حيثما تتدخل وتحرِّض وتموِّل وتقاتل يمينا ويسارا .
شمالا تجلّى هذا الاصرار السعودي باجتماعات سرية وعلنية باشراف مدير المخابرات السعودية خالد الحميدان وبحضور الادريسي المدير السابق نظرا لخبرته الطويلة في مجال متابعة هذه المهمات وضباط من المخابرات التركية والاميركية وبوجود مسؤولين عن مجموعات من فصائل مختلفة والهدف السيطرة على بلدتي الفوعة وكفريا واللتين تمثلان في نظرهما الثغرة الوحيدة في كامل محافظة ادلب.
الملك السعودي
وهذا الهدف يشكل تقريبا القاسم المشترك شبه الوحيد بين هذه الفصائل المتناحرة ويكون بالتالي مناسبة لتوحيد هؤلاء، علّ ذلك يؤدي الى نتيجة ايجابية كالسيطرة على ادلب وجسر الشغور سابقا، فهؤلاء جميعا يخططون ويعملون لتهجير وقتل ابناء البلدتين والعناصر التي تساندهم والاستيلاء على اسلحة وعتاد وآليات المدافعين، وعليه فقد نفذت أعداد كبيرة من الجماعات الارهابية (جيش الفتح والنصرة وجند الاقصى) قرابة منتصف تموز الحالي هجوما على البلدتين اعتبارا من المحور الشمالي (معرتمصرين - كفريا) ومن المحور الجنوب الشرقي(طعوم – بنش) – الفوعة، وذلك تحت غطاء كثيف من المدفعية والصواريخ وقذائف الهاون وخصوصا المدفع المحلي الصنع "جهنم" والذي يحوي قذيفة هي عبارة عن قنينة غاز محشوة بالمتفجرات.
وقد تم صد الهجوم وتكبيد المجموعات الارهابية المهاجمة خسائر كبيرة في العديد والعتاد وجاءت خسائر المدافعين في البلدتين وكالعادة وقوع شهداء واصابات من النساء والاطفال، فقط كون اغلب الرجال والفتيان ينتشرون على المحيط الخارجي للمدافعة، وايضا لم يجد المهاجمون تبريرا لهذا الفشل الذريع الّا الادّعاء بان الهجوم قد توقف مؤقتا بانتظار نتائج مفاوضات تجري في موضوع مقايضة لوقف الهجوم الناجح للجيش السوري وحلفائه على مدينة الزبداني ومحيطها، وتستمر محاولات السيطرة على البلدتين بشكل يومي من خلال الضغط المتواصل الذي تمارسه غرفة عمليات انطاكية على الفصائل الارهابية لتحقيق اي تقدم ميداني على الارض مهما تكبّدت من خسائر.
اما في الجنوب السوري، فما زالت غرفة عمليات الموك ومن خلال مسلسلها الدائم "عاصفة الجنوب" التي تهب للمرة الرابعة في غضون اقل من شهرين، ما زالت تطلق الحلقة الهجومية تلو الاخرى لمحاولة احراز تقدم ما في درعا او في المحيط حيث يسيطر الجيش السوري وحلفاؤه ولكن دون جدوى وآخرها كان في 23 تموز الحالي، حيث تم تنفيذ هجوم صاعق بإشراف غرفة عمليات خاصة بالهجوم باسم "اعصار 5" وباعداد تجاوزت الـ 1200 مسلح ينتمون لاكثر من 18 فصيلا ارهابيا وذلك على اربعة محاور من النعيمة شرقا واليادودة - تل الزعترغربا ومحورين داخل المدينة.
وقد ترافق هجومهم هذا مع تغطية نارية كثيفة قابله قصف عنيف ومركز وفعال من سلاحي الجو والمدفعية في الجيش السوري طال محاور تقدم المهاجمين ومراكز تجمعهم وقياداتهم وقد فشل الهجوم ايضا مع ملاحظة حصول تضعضع في تحرك العناصر بعد مقتل عدد لافت من قيادات الصف الاول لهذه المجموعات ومن بينهم المدعو هادي العبود ( ابو هادي قائد فرقة "فلوجة حوران" والمدعو محمد القائم (ابو قتيبة) وصدام جباوي (ابو عدي) واحد الضباط المنشقين برتبة عقيد مع اثنين من قادة الكتائب المقاتلة في لواء السبطين ولواء العمرين.
وفي النهاية، ومع تبريرات غرفة الموك جنوبا لفشلها المستمر في احراز اي تقدم واعتبار ذلك بسبب التخوين الدائم والمتبادل بين المجموعات والكتائب التي تديرها والتي تبدو كعصابات مستقلة تم تجميعها بالقوة وبالاموال ، ومع تبريرات غرفة عمليات جيش الفتح ومن خلفها غرفة عمليات انطاكية في تركيا لاخفاقها الدائم في التقدم والسيطرة على بلدتي الفوعة وكفريا في ادلب بسبب ادعائها بان الذين يدافعون عن هاتين البلدتين هم من عناصر النخبة في الحرس الثوري الايراني ومن حزب الله اللبناني ويمتلكون اسلحة وعتادا متطورا ويستفيدون بشكل دائم من دعم جوي سوري مباشر وفعال، تبقى درعا ومحيطها صامدة وتقوي جبهتها وتتماسك يوما بعد يوم وتبقى بلدتا الفوعة وكفريا صامدتين ايضا بوجه الجحافل الارهابية وتبقى هذه الجحافل وعناصرها الضّالة وقودا لحرب دون أفق ولا هدف لها الّا اشاعة التفرقة ونشر الدمار والخراب والارهاب.