ارشيف من :آراء وتحليلات

جعجع والسعودية: علاقات تاريخية موروثة من بشير جميل

 جعجع والسعودية: علاقات تاريخية موروثة من بشير جميل

الاستقبال الرسمي والكبير لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في المملكة العربية السعودية هو تأكيد النظرة السعودية للرجل ولدوره بالنسبة لها ومدى الثقة نتيجة العلاقة التاريخية بينهما .


سبَق للمملكة أن استقبلت الشيخ بشير الجميّل في العام 1982، وكان اللقاء تكريسا للعلاقات التاريخية الوطيدة بين السعودية والكتائب ومن ثم القوات. ويومها كان بشير الشخص الأبرز والوحيد على الساحة المسيحية ورجل الولايات الأميركية وإسرائيل الأول. لكنّ الظروف اختلفت اليوم، فجعجع رغم انه ليس في موقع ودور بشير لكنه ورث عنه هذه العلاقة ويتحضر للعب الدور نفسه. ويؤكد العارفون أن زيارة بشير الى الرياض جاءت بناء على نصيحة واشنطن، بينما زيارة جعجع الأخيرة لم تكن بوساطة أحد لا من الداخل ولا من الخارج وهي دليل على خصوصية العلاقة المباشرة بين الطرفين. وقد اكد اعلام القوات مؤخرا ان علاقة جعجع مع السعودية تعود الى الثمانينات مما يعني ان المملكة كانت على علم ومعرفة بتحركات جعجع منذ بروزه في قيادة القوات.
  وهذا يعكس أيضا عُمقَ ما بناه جعجع تاريخيا مع السعودية من تنفيذ مهام ومواقف اكسبته ثقة الأجهزة السعودية المختصة، لذلك ارادت من خلال حفاوة الاستقبال توجيه رسائل واشارات الى رجلها المميز والمعتمد في لبنان. كما هي إشارة الى الخارج عن وجهة خياراتها في لبنان خاصة وان جعجع موثوق من قبلها لتحويل الصراع في لبنان من مسيحي –سني كما ظهر مؤخرا الى مسيحي –شيعي كما ترغب عبر جعجع ان يكون.
 
في المعطيات المتوافرة عن الزيارة، تأكيد على استمرار التعاطي السعودي مع جعجع بمزيد من احترام دورِه ورأيه في القضايا الأساسية، وخصوصاً انتخابات رئاسة الجمهورية. سبقَ لجعجع أن سمعَ مِن وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل كلاماً مطمئناً حول الانتخابات الرئاسية، مفادُه الالتزام باعتبارِه معبَراً إجبارياً لاختيار الرئيس، ما يَعني الامتناع عن فرضِ أسماء يرفضها، والتشاور معه في أيّة تسوية ممكنة.
واليوم تُجَدّد السعودية هذا التأكيد، في حال تمَّ طرحُ التسوية الرئاسية على جدول البحث، رغم  أنّ التسوية الرئاسية مؤجّلة حتى إشعار آخر في ظلّ احتدام المواجهة السعودية – الإيرانية.

 جعجع والسعودية: علاقات تاريخية موروثة من بشير جميل

جعجع ...نفذ المهام السعودية بدقة


ذكرت مصادر ان المعطيات المتوافرة عن الزيارة كلام سعودي صلب تجاه إيران وما تقوم به في المنطقة، وحزمٌ في التعامل مع حلفاء إيران في العالم العربي، وتصميم على المواجهة في اليمن وفي سوريا والعراق ولبنان، واستعداد لدعم القوى الحليفة التي تواجه المشروع الإيراني، هذه القوى التي يُعَدّ جعجع أحد أبرز وجوهها.

تتوّج زيارة السعودية والاستقبال الملكي لجعجع، مسيرةً طويلة من علاقة الثقة التي أرساها الأخير عبر مواقفه الثابتة. بالمقارنة مع غيره من القوى اللبنانية فقد نجَح جعجع في كسبِ الثقة نتيجة تمسكه بمواقفه السياسية المؤيدة للمملكة. بينما لم ينجَح  النائب وليد جنبلاط في ردمِ الهوّة التي شابَت علاقته بالمملكة، ولم يُستقبَل كما استُقبِل جعجع.
أمّا مع الأخير فالوضع مختلف. لم يُغيّر حوارُه مع رئيس تكتّل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون من النظرة السعودية الثابتة لمواقفه. فالسعوديون أيّدوا هذا الحوار، لثقتِهم بأنّ جعجع لا يتنازل في القضايا الجوهرية، ولمعرفتِهم بأنّه حليف ثابت لا يهتزّ، ولا يتراقص على إيقاع المصالح والأزمات. وعلى هذا الأساس تعززت الشراكة بين جعجع والمملكة .
تعتبر الدبلوماسية السعودية من بين الأكثر تكتماً وسرية في العالم، وذلك لجهة قلة التصريحات والتقارير، وبرغم ذلك، فقد تحدثت التسريبات عن زيارة سمير جعجع للعاصمة السعودية الرياض قائلة بأن فعاليات زيارة جعجع تضمنت الآتي:
•    عقد اللقاءات مع كبار المسؤولين السعوديين، وعلى وجه الخصوص المعنيين بالشأن الدبلوماسي،  والأمن القومي السعودي، إضافة إلى بعض كبار رموز الأسرة المالكة السعودية.
•    التفاهم على بنود جدول أعمال جديد تركز بشكل مكثف على مواجهة المخاطر المحتملة إزاء تطورات المنطقة.
•    التفاهم على كيفية التعاون لجهة التعامل مع تداعيات مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، وما يمكن أن يترتب عليه من تزايد الحضور الإيراني في الساحة السياسية اللبنانية.
  وأضافت التسريبات أن محادثات جعجع مع السعوديين ركزت حصراً على سيناريو الانقلاب على المعادلة القائمة الان في لبنان. وبدايتها تنطلق من أن الرياض أصبحت أكثر وعياً بمدى حساسية سمير جعجع إزاء التبعية لنفوذ سعد الحريري، وسوف تشهد الفترة القادمة قيام خط مباشر حول علاقات معراب ـ الرياض، والذي سوف يربط سمير جعجع رأساً مع المملكة العربية السعودية، دون المرور عبر نافذة الحريري. ما يتيح للرياض المناورة على خطوطها المتعددة في لبنان، وهكذا تستطيع الرياض من خلال هذه النوافذ التعامل مع كل طرف على حدة، تفادياً للحرج الذي يطل برأسه جراء اقتصار الرياض لتعاملها مع جعجع  عبر بوابة سعد الحريري،  وتأسيساً على ذلك، فإن الخيار الأفضل بالنسبة للرياض هو التعامل مع "المعتمد" المناسب مباشرة، ودون أي وسطاء حفاظاً على السرية، وتقليلاً للتكاليف.
هذا بعض ما بان عن العلاقات الحميمة والتاريخية بين جعجع والسعودية بمناسبة زيارته التاريخية للرياض مؤخرا لكن ما لم ينشر بعد اعظم واخطر والأيام المقبلة كما ويكيلس ستكشف عنه .

 

2015-07-28